في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- مثّل لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ ، أمس الخميس، وهو الأول بينهما منذ بدء فترة حكم ترامب الثانية، منعطفا مهما في علاقات أكبر اقتصادين وأكبر قوتين عسكريتين في العالم، بعد حرب تجارية حادة تخللتها موجات من التصعيد خلال الأشهر القليلة الماضية.
وكان الرئيس الأميركي قد غير خلال ولايته الأولى سياسة بلاده تجاه بكين من المشاركة إلى المنافسة، وبدأ بفرض تعريفات شاملة، وتشديد ضوابط تصدير التكنولوجيا المتقدمة، وتأطير الصين كمنافس جيوسياسي، وهو أمر بنت عليه إدارة سلفه جو بايدن تحالفات فيما بعد.
وتعمّقت خلال الأشهر الأخيرة الخلافات التجارية بين الدولتين في وقت بلغ فيه حجم التجارة السلعية بينهما 584 مليار دولار عام 2024، وصدّرت أميركا للصين سلعا بقيمة نحو 144 مليار دولار، واستوردت بما يقارب 440 مليار دولار، مسجلة عجزا تجاريا اقترب من 295 مليار دولار.
وعلى الجانب الخدمي، صدّرت الولايات المتحدة 55 مليار دولار لبكين، في حين استوردت 22 مليار دولار، وسجلت فائضا بمقدار 33 مليار دولار. وكانت الصين قد وسعت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري بشكل كبير قيودها على صادرات المعادن الأرضية النادرة، ورد ترامب بتهديدات بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية.
وبحث الرئيسان قضايا عالقة بين دولتيهما، إضافة للتعريفات الجمركية، حيث توقفت الصين عن شراء المحاصيل الزراعية وعلى رأسها فول الصويا مُكبدة المزارعين الأميركيين خسائر قدرت بأكثر من 12 مليار دولار هذا العام.
وتشتكي واشنطن من استمرار تهريب مخدر "الفنتانيل" من بكين عن طريق المكسيك، وهناك معضلة شراء تطبيق تيك توك ، إضافة للتوتر الجيو إستراتيجي بسبب قضية تايوان، ودعم الصين لروسيا في حربها على أوكرانيا.
ورغم نجاح القمة في خفض التصعيد في شقه الاقتصادي والتجاري، تظل مجالات التنافس الأساسية، بما في ذلك التحكم في سلسلة التوريد والوصول إلى المعادن الحيوية والسباق التكنولوجي والتفوق العسكري، دون تغيير.
وخرج ترامب من اجتماعه متفائلا ووصفه بأنه "نجاح كبير" وأعطاه 12 درجة على مقياس من 1 إلى 10، وقال إنه يخطط لزيارة الصين في أبريل/نيسان القادم. في حين كانت بكين أقل حماسا، حيث أشار بيانها الرسمي إلى حث الرئيس شي كلا الجانبين على "المتابعة في أقرب وقت ممكن".
وقدّر المعلقون الأميركيون أن عقده في حد ذاته يشير إلى نية بتهدئة التوترات وإعادة المفاوضات إلى مسارها الصحيح بين أقوى دولتين في العالم.
وأسفر اللقاء عن نتائج متوقعة، فقد وافقت الصين على:
ووفقا لترامب، تريد الصين استيراد "كميات هائلة" من فول الصويا والمنتجات الزراعية الأخرى من الولايات المتحدة. وهذا مهم بشكل خاص بالنسبة له لأن العديد من المزارعين الأميركيين من أشد مؤيديه. ويتيح تعليق قيود التصدير الصينية على الأتربة النادرة لمدة سنة وقتا لمزيد من المفاوضات.
كما أن خفض معدل التعريفة الجمركية الإجمالي لواشنطن على الواردات الصينية من أكثر من 57% إلى 47% وتعليق التوسع في بعض ضوابط التصدير، يعد بالتأكيد نجاحا للرئيس شي.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الخارجية ولفغانغ بوستزتاي، إلى نجاح القمة في تخفيف حدة التوترات بين البلدين. وقال "أظهر الزعيمان أنهما تصالحيان. كان الاجتماع في جو ودي. تمت دعوة ترامب لزيارة بكين في أبريل/نيسان المقبل وبعد ذلك سيسافر شي إلى الولايات المتحدة".
وذكر بوستزتاي أنه مع ذلك ستستمر بكين وواشنطن في كونهما منافسين أكثر من شريكين في المستقبل خاصة في ظل وجود العديد من القضايا الخلافية المفتوحة بينهما، وعلى رأسها المطالبات الإقليمية الصينية في بحر جنوب الصين وبحر شرق الصين و تايوان ، وموقف بكين من الحرب في أوكرانيا.
وجاء الاجتماع في الوقت الذي تقترب فيه نهاية فترة تهدئة عامة للحرب التجارية بين الدولتين في 10 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وقبل يومين من الأول من الشهر نفسه، وهو التاريخ الذي حدده ترامب كموعد نهائي لتطبيق التعريفات الجمركية الإضافية بنسبة 100% التي تم الإعلان عنها في وقت سابق من هذا الشهر.
🔴أبرز تصريحات ترامب بعد لقاء الـ 90 دقيقة مع الرئيس الصيني
♦️ على مقياس من 1 إلى 10 فإن الاجتماع مع "شي" كان 12
♦️الاجتماع مع الزعيم الصيني شي جين بينج كان "نجاحاً كبيراً"
♦️خفض الرسوم الجمركية على الصين من 57% إلى 47%
♦️الصين اشترت كميات هائلة من فول الصويا الأمريكي… pic.twitter.com/JqwrsSSz2l
— جريدة البورصة (@alborsanews) October 30, 2025
وفي تصريح للجزيرة نت، اعتبر الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي ماثيو والين، أن تمديد الهدنة التجارية بعد أسابيع من التصعيد المتبادل والإجراءات التقييدية من كلا الطرفين، بدءا من رسوم الموانئ الباهظة على سفن بعضها البعض، وتوسيع ضوابط التصدير على التكنولوجيا الأميركية، وما قابلها من فرض قيود على المعادن النادرة الصينية، يُعد نجاحا كبيرا.
ورغم تفاؤل أغلب الخبراء ممن تحدثت إليهم الجزيرة نت حول نجاح القمة، شكك آخرون في خطورة سرعة القفز لنتائج غير ملموسة بعد.
وقال مايلز يو مستشار وزير الخارجية السابق للشؤون الصينية ورئيس برنامج الصين بمعهد هادسون، للجزيرة نت، إن نجاح قمة الرئيسين يعتمد على "مدى استعداد شي لإنهاء المماطلة والتباطؤ في التسويات البناءة للقضايا الحرجة بين البلدين".
وتشمل هذه القضايا -وفقا له- تهريب مخدر الفنتانيل، وفتح الوصول إلى السوق الصينية، والممارسات التجارية المتبادلة وإزالة الحواجز التجارية، وإنهاء الدعم الحكومي والنقل القسري للتكنولوجيا، وسلسلة توريد المعادن النادرة، وتنفيذ الصفقة التجارية للمرحلة الأولى بين واشنطن وبكين التي تم التوصل إليها في عام 2020.
في حين رأى الخبير والين أن هناك العديد من القضايا بين الدولتين، وسيُعتبر حل عدد منها التي من شأنها الحفاظ على الوصول الإيجابي للمعادن الأرضية الصينية النادرة، ومعالجة التوترات المتزايدة في المنطقة، وتحسين التوازن التجاري، بمثابة نجاح. ولا يتوقع أن تكون كلها قابلة للحل على الفور أو بسهولة.
من جانبه، كتب كريس ميلر مؤلف كتاب "حرب الرقائق" والخبير بمركز السياسات الدولية والإستراتيجية بواشنطن في مقال رأي بصحيفة فايننشال تايمز، أن "الصين تواصل كسب مواجهات الحرب التجارية مع ترامب لأن معادنها النادرة تمنحها قوة جادة على سلاسل التوريد العالمية، وهو ما قد لا يفهمه الرئيس الأميركي".
 المصدر:
        
             الجزيرة
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة