آخر الأخبار

حاكم إقليم دارفور لبي بي سي : "الأوضاع في الفاشر كارثية، والإمارات مسؤولة عن تفاقم الأوضاع"

شارك
مصدر الصورة

وصف حاكم إقليم دارفور السوداني، مني أركو مناوي، الأوضاع الأمنية في مدينة الفاشر، بشمال دارفور، بأنها كارثية، في ظل انتشار المجاعة وسط السكان العالقين.

واتّهم، في مقابلة مع بي بي سي من مدينة بورتسودان، قوات الدعم السريع بما وصفه بالاستهداف الممنهج للسكان والبنية التحتية للمدينة، مشيرًا إلى أنها ظلت تحت الحصار والقصف لأكثر من عام.

فرص غير متكافئة

تضم مدينة الفاشر، وهي آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، مئات الآلاف من الأشخاص، أغلبهم من النساء والأطفال، يعيشون في ظروف إنسانية شديدة التعقيد، في ظل استمرار العمليات العسكرية بين الجيش والفصائل المتحالفة معه من جهة، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية من جهة أخرى.

وتسعى قوات الدعم السريع إلى السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية، التي تُعد مركزًا تجاريًا واقتصاديًا مهمًا في الإقليم، وتقع على مفترق طرق تؤدي إلى حدود ليبيا وتشاد.

لكن مناوي، الذي يرأس حركة تحرير السودان والتي تقاتل إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، ألقى باللوم على المجتمع الدولي بشأن ما آلت إليه الأوضاع في الفاشر.

"هم يتحججون بأن قوات الدعم السريع ترفض إدخال المساعدات، والأجدر بهم أن يتحدثوا مباشرة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تقدم الدعم لقوات الدعم السريع. الجيش يخوض معركة غير متكافئة مع جهة تملك النفط والغاز وتوفر كل المعينات العسكرية للدعم السريع، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي التي تسقط الطائرات في سماء الفاشر".

مطامع استعمارية

في الشهر الماضي، طرحت مجموعة الرباعية – المكوّنة من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، ومصر – خارطة طريق لحل الأزمة السودانية.

وتتضمن الخطة هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، يعقبها وقف طويل الأمد لإطلاق النار، ثم تبدأ عملية سياسية تُستبعد منها قوات الدعم السريع والجيش، وتشارك فيها القوى السياسية والمدنية بهدف إعادة المسار الديمقراطي.

وفيما رحبت قوات الدعم السريع بخارطة الطريق، أبدى قائد الجيش تحفظاته عليها، لكنه عاد لاحقًا واعتبرها "أحد الأطر الدولية التي يمكن أن تسهم في وقف الحرب"، وذلك بعد لقائه بوزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في بورتسودان، مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وعندما سُئل مناوي خلال المقابلة عن رأيه في خارطة الطريق التي طرحتها الرباعية، لم يُجب بشكل مباشر، لكنه أبدى اعتراضًا واضحًا على وساطة أبو ظبي في الأزمة السودانية.

"لا يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تشعل الحرب، ثم تأتي للتوسط لإيقافها. هذا أمر غير منطقي. وحتى إذا وافقت على الدخول في عملية السلام، فإنها تريد فرض شروطها الاستعمارية، وهذا أمر غير مقبول".

مصدر الصورة

ولم يتوقف مناوي عند هذا الحد، بل أبدى اعتراضه أيضًا على خارطة الطريق التي سلمتها الحكومة السودانية إلى الأمم المتحدة بشأن وقف الحرب وبناء السلام.

""على الرغم من أننا جزء من الحكومة، إلا أنها لم تُشاورنا عند إعداد خارطة الطريق. لديّ اعتراض على البند الذي ينص على أن تعود قوات الدعم السريع إلى مناطق حواضنها الاجتماعية في دارفور، لأن هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم السودان".

يجب تسليم البشير

عندما أسس مني أركو مناوي، الذي ينتمي إلى قبيلة ذات أصول أفريقية، فصيله المسلح مع قادة آخرين في إقليم دارفور قبل أكثر من ثلاثة عقود، كان الرئيس المعزول عمر البشير لا يزال في السلطة.

وقد خاضت قوات مناوي معارك شرسة ضد القوات الحكومية في أجزاء واسعة من الإقليم، الأمر الذي دفع البشير إلى الاستعانة بالقبائل العربية ومليشيات الجنجويد لهزيمة المتمردين، في سياق رافقته انتهاكات واسعة ضد المدنيين، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق البشير وعدد من معاونيه، بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور عام 2009.

وفي مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أدانت المحكمة الجنائية أحد المطلوبين، وهو علي عبد الرحمن، المعروف بـ"علي كوشيب"، بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقد رحّب مناوي بالحكم، معتبراً أنه يسهم في إنصاف الضحايا.

وعند سؤاله عن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية للحكومة السودانية بضرورة تسليم بقية المتهمين، قال مناوي إنه يدعم هذا الطلب.

""ظللت أردد دائمًا أنه يجب تسليم المطلوبين، لأن القضاء السوداني فشل في التعاطي مع هذه المسألة، ولذلك تدخلت المحكمة الجنائية".

تتشكّل الحكومة السودانية الحالية من قيادات الجيش، برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، وفصائل مسلحة – من بينها فصيل مناوي – اختارت القتال إلى جانب الجيش، بالإضافة إلى حكومة مدنية يرأسها رئيس الوزراء كامل إدريس.

مصدر الصورة

لكن ثمّة اعتقادًا سائدًا بأن الحكومة غير متحمسة لتسليم المطلوبين، بدليل أن البشير ومعاونيه لا يزالون طلقاء، ولم يُعادوا إلى السجون بعد خروجهم منها عقب اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل أكثر من عامين.

ويرى حاكم إقليم دارفور أن هذا الاعتقاد غير دقيق.

""الحكومة الآن هي حكومة حرب وفي فترة انتقالية، وأولويتها حاليًا القضاء على التمرد وإنهاء الحرب. قضية العدالة مهمة، لكنها ليست الأولوية القصوى في هذا التوقيت".

من المفارقات اللافتة أن مناوي، الذي قاتل لسنوات ضد الجيش السوداني المتحالف آنذاك مع القبائل العربية ومليشيا الجنجويد، للمطالبة بالتنمية في دارفور والمشاركة في السلطة السياسية، أصبح الآن حليفًا للجيش ضد قوات الدعم السريع والمليشيات العربية، في الحرب التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023.

بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين أبدى استعداده للحوار – مع قوى سياسية أخرى – مع حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه البشير، من أجل إنهاء الأزمة السودانية.

وبرّر ذلك بقوله:

"أحاور حزب البشير لأنهم جزء من المشهد والمجتمع السوداني، ولن أقبل التفاوض مع قوات الدعم السريع، لأنهم يقاتلوننا الآن ويرتكبون جرائم إبادة جماعية في دارفور وغيرها".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا