آخر الأخبار

الاعتقال الإداري سياسة الاحتلال لملاحقة الصحفيين الفلسطينيين

شارك

رام الله- "لم أهدد بشكل مباشر كي لا أعود إلى العمل الصحفي مرة أخرى، ولكن الاستهداف المتكرر كان واضحا أنه بسبب عملي الصحفي، وكأنها رسالة غير مباشرة أن أتوقف".

بهذه الكلمات رد الصحفي الفلسطيني علاء الريماوي المحرر من اعتقال إداري دام عامين على سؤال الجزيرة بشأن تهديده بوقف عمله الصحفي من قِبل الاحتلال.

يعيش الريماوي المفرج عنه في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حالة من الخوف من العودة لممارسة عمله متسائلا إذا ما كان الاحتلال "نجح في تغيير أولوياته بهذا النوع من الانتقام" الذي تعرض له خلال سجنه، "إذا أجبت بنعم فقد ظلمت نفسي ومهنتي، وإذا لا، أكون قد ظلمت أسرتي. أعيش هذا الصراع الآن بين ظلم النفس والرسالة التي حملناها وبين العائلة والوجع الذي لا يحتمل".

اعتقل الريماوي في 19 من الشهر نفسه عام 2023، بعد اعتقال ابنه من البيت وتهديده بضرورة تسليم نفسه للإفراج عن نجله، وبعد وصوله إلى سجن عوفر لتسليم نفسه بدأت رحلة الضرب والتنكيل.

ويقول "أول مراحل الضرب كانت من الطبيب المداوي عندما أخبرته أنني كنت قبل نصف ساعة في المستشفى، فقام بضربي على وجهي وبطني".

مصدر الصورة الصحفي علاء الريماوي أفرج عنه قبل أسبوع بعد اعتقال إداري دام عامين (الجزيرة)

معاناة كبيرة

نُقل الريماوي بعدها إلى مركز توقيف عتصيون قرب بيت لحم جنوبا، وألقي أرضا 8 ساعات كان الجنود خلالها يدوسونه بنعالهم، حتى نقل إلى غرفة تحقيق فتفاجأ بالضابط يحمل هاتفا ويجري مكالمة مصورة مع جنود إسرائيليين في " غلاف غزة "، وقال لهم "معي هنا الصحفي الذي قال عنكم عبر الجزيرة أنكم هُزمتم"، وانهال عليه بضرب شديد أمامهم وهم يضحكون.

تحدث الريماوي، للجزيرة نت، عن معاناة استمرت حتى اليوم الأخير من الإفراج عنه، "نقلت إلى غرفة فيها 100 أسير عراة تماما والجنود يقومون بضربهم في كل أماكن من أجسادهم، وأنا كسرت أضلاع صدري 8 مرات بلا سبب إلا كونهم يتلذذون بضرب الأسرى".

إعلان

بعد أيام، حوّل إلى الاعتقال الإداري وجدّد اعتقاله عامين، فلم يكن هناك ما يدينه بـ"تهمة" ولكن الاحتلال لجأ إلى هذا النوع من الاعتقال الذي يتيح له توقيف من يريد، ومن ضمنهم الصحفيون، بلا تهمة وبصورة انتقامية.

بحسب تعريف مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان (منظمة أهلية فلسطينية مستقلة)، فإن الاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية -المستمدة من قوانين طوارئ الانتداب البريطاني لسنة 1945- تجديد أمره مرات غير محدودة، لا تتجاوز في كل منها 6 أشهر.

والاعتقال على خلفية ملف سري لا يطلع أحد على فحواه إلا القاضي، ويعطي مخابرات الاحتلال مساحات واسعة للتوصية بأن كل صحفي يشكل خطرا على أمن إسرائيل وبالتالي ضرورة اعتقاله، بلا تفاصيل ولا فرصة له أو محاميه لدحض هذه التهم أو تفنيدها.

تضاعف الاعتقالات

وفي الفترة الأخيرة، تضاعفت أوامر الاعتقال الإداري ضد الصحفيين الفلسطينيين، والتي ارتفعت بحسب أرقام نادي الأسير الفلسطيني من واحد قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 20 حاليا.

ومنذ بداية العام الجاري كانت كل الأوامر بحق الصحفيين المعتقلين إدارية، كما هو الحال مع الصحفي محمد منى من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المعتقل منذ 27 سبتمبر/أيلول الماضي.

ويعتقل محمد منى إداريا للمرة الثانية منذ عملية " طوفان الأقصى "، فقد أُفرج عنه في أبريل/نيسان الماضي. وترى عائلته أن إعادة اعتقاله بسبب عمله الصحفي، وهو مراسل وكالة سند الإخبارية.

وتقول زوجته سوسن منى للجزيرة "بعد اعتقاله تلقينا اتصالا هاتفيا منه أبلغنا أنه حُوّل للاعتقال الإداري دون تحقيق ولا تهمة وجهت له".

وتتخوف أسرة منى من أن تعيد إسرائيل تجديد اعتقاله كما جرى في المرة الأولى، وكان قد استمر 19 شهرا. وتؤكد سوسن أن "الاعتقال الإداري لا سقف له، ومصير المعتقل مرتبط بتوصية مخابرات الاحتلال التي ترى في عمل زوجي الصحفي خطرا عليها".

من بين المعتقلين الإداريين أيضا المصور الصحفي معاذ عمارنة من مخيم الدهيشة القريب من مدينة بيت لحم. اعتقل في أغسطس/آب الماضي خلال مروره من حاجز عسكري بين بيت لحم و الخليل ، وحُوّل للاعتقال الإداري لـ4 أشهر مباشرة، بلا تحقيق "وكأن القرار كان مُعدّا مسبقا"، وفقا لزوجته ولاء عمارنة.

وهذا الاعتقال الثاني إداريا أيضا له، فقد اعتقل بعد أيام من الحرب على قطاع غزة ، وُجّهت له في البداية تهمة التحريض وبعد عدم تمكن الاحتلال من إثباتها عليه تم تحويله إلى الاعتقال الإداري حيث قضى 9 أشهر في السجن.

ويعاني عمارنة من إصابة في الرأس بعد استقرار شظية رصاصة في رأسه عقب استهدافه من الاحتلال خلال التغطية وإصابته في عينه عام 2019، وعاش في اعتقاله الأول ظروفا صحية خطرة للغاية، ولم تتم مراعاة إصابته وحساسية وضعه، وهو ما تخشى عائلته الآن من أن يتكرر.

تتابع زوجته ولاء للجزيرة "الاحتلال حاول ثني معاذ عن العمل الصحفي مرارا، وتعرض لتهديدات وطلب منه ضباط المخابرات أكثر من مرة ترك عمله، وهو ما جعله يتعرض للاعتقال مرة أخرى".



أهداف الاحتلال

وزادت حدة الاعتقال الإداري ضد الصحفيين في الأشهر الأخيرة رغم أن اعتقالهم لم يتوقف منذ بداية العدوان على غزة، كما تشير معطيات نادي الأسير الفلسطيني.

إعلان

ومنذ بداية الحرب اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 31 صحفيا وصحفية إداريا، أي ثلث الصحفيين الذين اعتقلوا من الضفة منذ بداية الحرب. والآن من أصل 28 صحفيا معتقلا من الضفة بعد العدوان، هناك 20 منهم معتقلون إداريا، وهو ما يؤشر على استخدام هذا الحكم وسيلة من قبل الاحتلال لتغييب الصحفيين.

ووفق مديرة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة، فإن الاعتقال الإداري الممارس ضد الصحفيين أسلوب ليس بالجديد، ولكنه استخدم بشكل أكبر وأكثر وضوحا بعد حرب الإبادة على القطاع.

وتتابع سراحنة، في حديثها للجزيرة، أن الاحتلال كان يوجه بداية الحرب تهما بالتحريض ضد الصحفيين، مستفيدا من توسيع مفهوم التحريض بالقوانين الإسرائيلية، ولكن مؤخرا أصبح معظم الذين يتم اعتقالهم يتم تحويلهم للاعتقال الإداري، وهو ما يؤكد أن الهدف هو تغييبهم عن الساحة الإعلامية.

وقالت إن هذا الاعتقال لم يمنع من ممارسة الاحتلال أقسى الممارسات ضد هؤلاء الصحفيين، مشيرة إلى شهادات جُمعت من الصحفيين المفرج عنهم حول "التعذيب الشديد والاغتصاب والتهديد بالاغتصاب".

وبحسب سراحنة، فإن الهدف الأبعد من التغييب، هو استهداف صورة الصحفي التي باتت تمثل روح الاستمرارية والتحدي، وتؤكد أن "الاستهداف هو لما يمثله الصحفي الفلسطيني من تحدٍّ، والنموذج المستعد للتضحية بكل شيء في سبيل نقل الحقيقة، وهو ما رأيناه أوضح في غزة من خلال استهداف الصحفيين بالقتل".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا