آخر الأخبار

البنتاغون يعلنها حربا على الإعلام

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن- فرض البنتاغون (وزارة الحرب) قيودا على العمل الصحفي داخل مبانيه، وطالب الصحفيين بالموافقة المكتوبة على عدم نشر معلومات غير مصرح بها، وهو ما ينقل المواجهة بين الإعلام وإدارة دونالد ترامب إلى مستوى غير مسبوق.

وكان وزير الحرب بيت هيغسيث ، والذي سبقت له الخدمة العسكرية، وممارسة العمل الإعلامي بشبكة فوكس الإخبارية، قد تعهد بجعل البنتاغون أكثر شفافية. ويعمل هيغسيث على تبني سياسات "دراكونية" (صارمة) تتحكم في كيفية عرض الأنباء والأخبار العسكرية بصورة لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في دول العالم الثالث غير الديمقراطية.

قيود جديدة

وجاءت البداية مع إعلان البنتاغون عن تغييرات كبيرة في كيفية وصول المراسلين إلى المعلومات وإجراء عملهم داخل مبنى البنتاغون الواقع في ضاحية أرلينغتون بولاية فيرجينيا المجاورة لواشنطن، ويعد أكبر مبنى حكومي في العالم، ويضم أكثر من 27 ألف موظف مدني وعسكري.

وأوقف البنتاغون ممارسة اعتادها الصحفيون لعقود، وتتمثل في وصول غير مقيد إلى مناطق غير سرية في البنتاغون، ومكّن ذلك الصحفيين المعتمدين بالبنتاغون من السير في أروقة المبنى المترامي الأطراف وزيارة مكاتب المسؤولين.

ومنذ تعيينه وزيرا للحرب في فبراير/شباط الماضي، حدد هيغسيث الأماكن التي يمكن للصحفيين الذهاب إليها دون مرافقين داخل المبنى.

ثم أصدر البنتاغون المبادئ التوجيهية الجديدة، والتي جاءت في 17 صفحة، وطالب الصحفيين بالتوقيع عليها والتعهد بعدم نشر أي معلومات لا يتم التصريح الرسمي بنشرها، حتى لو كانت غير سرية.

وينظر إلى هذه الخطوة على أنها وسيلة للسيطرة على السرديات المتعلقة بالشؤون العسكرية الأميركية، والحد من التقارير المستقلة عن سياسات وعمليات البنتاغون خاصة ما يتعلق بأوجه إنفاق ميزانيته الضخمة التي تتخطى تريليون دولار سنويا.

وانقضت المهلة التي حددها البنتاغون للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، والتي تقضي بسحب تصاريح التغطية الإعلامية لوزارة الحرب ممن لا يلتزمون بالإجراءات الجديدة، وقد بادر أغلب الصحفيين المعتمدين إلى تسليم بطاقاتهم الصحفية، قبل أن يتم إخراجهم من مبنى البنتاغون عند الساعة الـ5 من مساء أمس الأربعاء.

مصدر الصورة منذ تعيينه مطلع العام الجاري اتبع وزير الحرب الأميركي هيغسيث نهجا عدائيا تجاه صحفيي البنتاغون (أسوشيتد برس)

رفض إعلامي

ورفضت كبريات الصحف الأميركية بما في ذلك "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال"، وغيرها إجراءات البنتاغون، في حين أصدرت شبكات تلفزيونية رائدة، ومنها "إيه بي سي نيوز" و"سي بي سي نيوز" و"سي إن إن" و"فوكس نيوز" و"إن بي سي نيوز"، بيانا مشتركا أكدت فيه أنها لن توقع على السياسة الجديدة، قائلة إنها "ستقيد قدرة الصحفيين على إبقاء الأمة والعالم على اطلاع بقضايا الأمن القومي المهمة"، و"تهدد الحماية الصحفية الأساسية".

إعلان

كما قررت شبكة الجزيرة رفض التوقيع على الإجراءات الجديدة سواء لمراسليها العاملين في الجزيرة الإخبارية أو الجزيرة الإنجليزية.

وأرجعت المؤسسات الإخبارية رفضها لهذه الإجراءات إلى كونها تمثل انتهاكا للتعديل الأول من الدستور الأميركي ومحاولة للحد من حرية التغطية الصحفية.

وقالت رابطة الصحافة في البنتاغون، -التي تضم أكثر من مئة صحفي-، إن "الإجراءات المقترحة تُكمم أفواه موظفي البنتاغون وتهدد بالانتقام من الصحفيين الذين يسعون للحصول على معلومات لم تُوافق الجهات الرسمية مسبقا على نشرها".

وأضافت أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية وسائر الوكالات الفدرالية الأخرى لم تطلب في أي وقت من الصحفيين التوقيع على مثل هذه الالتزامات للدخول إلى مقارها.

كما أثارت بعض وسائل الإعلام اليمينية اعتراضات واضحة، وإضافة لرفض شبكة فوكس نيوز القريبة بشدة من إدارة ترامب، قالت قناة نيوزماكس، المحطة التلفزيونية والموقع الإلكتروني اليميني الأكثر تأييدا لترامب، إن مراسليها ليس لديهم خطط للتوقيع أيضا.

وقالت نيوزماكس في بيان اطلعت عليه الجزيرة نت "نعتقد أن المتطلبات غير ضرورية ومرهقة ونأمل أن يقوم البنتاغون بمراجعة الأمر بشكل أكبر". في المقابل وافق تلفزيون "أخبار أميركا الواحدة" (One America News) على قواعد البنتاغون الجديدة.

من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل في تغريدة على منصة إكس، إن وسائل الإعلام قررت رفض التوقيع على السياسة الجديدة، وأضاف أن الوصول إلى مبنى البنتاغون امتياز وليس حقا.

وقال صحفي معتمد بالبنتاغون للجزيرة نت "إن الإجراءات الجديدة المقترحة تضع الصحفي تحت طائلة القانون إذا كتب أو تحدث عن قضايا عسكرية أو ما يتعلق بالإنفاق العسكري أو أوجه إنفاقه من مصادره الخاصة".

مصدر الصورة الصحفيون يغادرون مبنى البنتاغون بعد نهاية المهلة المحددة للموافقة على القواعد الجديدة (أسوشيتد برس)

إدارة تعادي الصحافيين

جدير بالذكر أن إدارة ترامب الثانية تتعامل بخشونة كبيرة مع الصحافة، وغيرت سوابق أصيلة في واشنطن على رأسها تغيير ترتيب الجلوس في المركز الصحفي بالبيت الأبيض الذي يتكون من 49 مقعدا رغم اعتراض جمعية مراسلي البيت الأبيض التي مارست تاريخيا حق تخصيص هذه المقاعد.

ومنح البيت الأبيض لما اعتبرها "وسائل الإعلام الجديدة" مثل البودكاست اليمينية، مساحة أكبر في التغطية، في وقت منع فيه بعض المؤسسات الإخبارية، بما في ذلك وكالة أسوشيتد برس، من حضور أحداث معينة.

ووصلت العلاقة بين هيغسيث والإعلام لنقطة تصادم ساخنة بعد أن كشفت مجلة "ذا أتلانتيك" عن مشاركته معلومات عسكرية حساسة في محادثات جماعية غير آمنة على تطبيق (سيغنال) قبل 4 أشهر، كما اتهم هيغسيث العديد من الأشخاص داخل البنتاغون بتسريب معلومات سرية، ويدعي أن ذلك يحدث لأغراض سياسية ولتشوية سجل حكم دونالد ترامب.

وتشير سياسة الإجراءات المقترحة إلى أن مطالبة موظفي البنتاغون بمعلومات يعني مطالبته "بارتكاب أعمال إجرامية" من خلال الكشف عن معلومات غير مصرح بها، وأن هذا السلوك غير محمي بموجب التعديل الدستوري الأول.

إعلان

وأثارت هذه السياسة اعتراضا واسعا من منظمات حقوق الصحافة، التي سلطت الضوء على الدور الذي لعبه الصحفيون في الكشف عن الإنفاق المهدر وتضارب المصالح وسوء السلوك في الكثير من الحالات في البنتاغون.

وقالت منظمة "المراسلون والمحررون العسكريون"، وهي منظمة غير ربحية مخصصة لدعم الصحفيين المتخصصين في تغطية الشؤون العسكرية والأمنية والدفاعية في أميركا، في بيان لها إن "السياسة تمثل هجوما غير مسبوق على التعديل الدستوري الأول وعلى الشعب الأميركي، الذي يستحق تقارير دقيقة حول كيفية تمويل أكبر جيش في العالم وإدارته بأموال دافعي الضرائب".

تكميم إعلامي

وتحدث أحد المسؤولين العسكريين التابعين للبنتاغون، والذي كان يمكن التواصل معه دوريا للرد على أسئلة أو استفسارات الجزيرة نت، وعبر عن أسفهم لهذه التطورات، ورفض الرد على عدة أسئلة، وقال إن "هناك تعليمات جديدة من مكتب وزير الحرب بيت هيغسيث تستدعي تقديم طلب مكتوب قبل 3 أسابيع من إجراء أي حديث صحفي".

كما تحدث بروفيسور للإعلام بأحد جامعات واشنطن المرموقة للجزيرة نت، لكنه تحفظ على كشف هويته، وقال "من المرجح أن تنتهك القواعد التقييدية الجديدة للبنتاغون بشأن الوصول إلى الخبر التعديل الأول للدستور، الذي ينص على أنه لا يمكن للحكومة تقييد حرية الصحافة".

وأضاف "نعم هناك بعض الاستثناءات هنا، لكن التعديل الأول دفع باتجاه حق الإعلام في الوصول وليس تقييد ذلك الحق".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا