آخر الأخبار

كيف تبدو مدينة غزة بعد شهرين من احتلالها؟

شارك

غزة – ما إن انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مدينة غزة حتى تكشّف حجم الدمار الذي لحق بأحيائها، وكيف حولتها صواريخ الاحتلال وعرباته المفخخة إلى كومة ركام.

وسارع الاحتلال منذ اتخاذه قرار احتلال المدينة يوم 11 أغسطس/آب الماضي إلى تسريع تدمير ما تبقى من أحياء تصلح للسكن فيها، واستنساخ نموذج الدمار في محافظتي شمال قطاع غزة و رفح في جنوبه.

ومع إعلان الجيش الإسرائيلي بدء وقف إطلاق النار في تمام الساعة 12 من ظهر اليوم الجمعة، سارع آلاف المواطنين الذين أجبروا على النزوح إلى وسط القطاع وجنوبه إلى العودة سيرا على الأقدام إلى مناطق سكناهم في مدينة غزة.

مصدر الصورة جمال العبد عاد على دراجته الهوائية من مخيم النصيرات وسط القطاع إلى حي الصفطاوي شمال مدينة غزة (الجزيرة)

عودة النازحين

رغم كبر سنه، استقل جمال العبد (61 عاما) دراجته الهوائية قادما من مخيم النصيرات وسط القطاع إلى حي الصفطاوي شمال مدينة غزة بعدما قطع ما يزيد عن 20 كيلومترا في طريق أغلقتها أكوام الحجارة التي تطايرت من المباني السكنية بفعل الغارات الجوية والعربات المفخخة التي كثفت قوات الاحتلال من استخدامها مؤخرا لتسريع تدمير المدينة.

وأصر العبد على الوصول إلى مكان سكنه رغم الضرر الذي لحق بشقة ابنته التي يقيم فيها بعدما دمر الاحتلال منزله في وقت سابق من العدوان.

وتنعدم مقومات الحياة في المناطق التي توغل بها الجيش الإسرائيلي، حيث تغيب خدمات المياه والصرف الصحي والاتصالات بعد تدمير قواته البنية التحتية، إلا أن المسن جمال العبد بدأ استصلاح غرفة تؤويه والبحث عن مياه يمكن أن تساعده على البقاء في حيه المدمر.

ورصدت الجزيرة نت عودة مئات النازحين في الساعة الأولى من إعادة فتح جيش الاحتلال شارع الرشيد غربي القطاع بعدما أحكم إغلاقه ومنع عودة المقيمين والنازحين وسط وجنوب القطاع في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، كما أعاد فتح شارع صلاح الدين الممتد على الجهة الشرقية بين محافظات غزة بعدما أغلقه فور انقلابه على اتفاق التهدئة يوم 19 مارس/آذار الماضي.

إعلان

وكان جيش الاحتلال قد أجبر، منذ بدء عدوانه على مدينة غزة، أكثر من 600 ألف فلسطيني على النزوح إلى وسط القطاع وجنوبه بسبب الكثافة النارية التي استخدمها لتهجير السكان.

مصدر الصورة عودة مئات النازحين في الساعة الأولى من إعادة فتح جيش الاحتلال شارع الرشيد (الجزيرة)

تدمير المدينة

يُذكر أن قوات الاحتلال لا تزال تمنع عودة أكثر من نصف سكان القطاع إلى منازلهم، وذلك في إطار خطوط الانسحاب في المرحلة الأولى للاتفاق، مما يشمل مدينتي بيت لاهيا و بيت حانون شمالي القطاع، وأجزاء من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والبلدات الشرقية من محافظة خان يونس جنوبي القطاع، وكل محافظة رفح.

وتشكل تلك المناطق المحتلة نحو 50% من مساحة غزة، حيث وجه جيش الاحتلال تحذيرا من الوصول إليها.

وأظهرت جولة للجزيرة نت في أحياء المدينة تدمير قوات الاحتلال آلاف المنازل بشكل كامل وتجريف الطرقات في كل من مناطق النفق واليرموك والجلاء والشيخ رضوان والنصر والشفاء ومخيم الشاطئ وتل الهوا والصبرة، حيث سبق أن استخدمت قوات الاحتلال العربات المفخخة لتدمير أجزاء أكبر من الأحياء السكنية في هذه المناطق في وقت أسرع.

مصدر الصورة جهاز الدفاع المدني رصد تفجير 10 عربات مفخخة يوميا داخل منازل المواطنين (الجزيرة)

في هذا السياق، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن جيش الاحتلال صعّد من استهدافاته الممنهجة للمنازل والمربعات السكنية في مختلف أنحاء مدينة غزة، مستخدما العربات المفخخة المحملة بما يزيد عن 5 أطنان من المتفجرات، لتفجير أحياء سكنية مكتظة بالمدنيين، مما أدى إلى وقوع دمار واسع وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين شهداء وجرحى.

ورصد جهاز الدفاع المدني -كما يقول بصل للجزيرة نت- تفجير ما معدله 10 عربات مفخخة يوميا داخل منازل المواطنين في أحياء النصر و الشيخ رضوان والدرج، في حين تُعد أحياء تل الهوا والصبرة من أكثر المناطق التي شهدت استخداما مكثفا لهذه الوسائل المدمرة. ووصل التدمير إلى عمق المناطق المدنيّة دون أي اعتبار لوجود السكان أو البنية التحتية.

مصدر الصورة قوات الاحتلال بدأت في تدمير مدينة غزة قبل أربعة أشهر من إعلان احتلالها (الجزيرة)

ووفقا له، فإن التفجير الواحد للعربات المفخخة يتسبب في دمار كلي لمحيط لا يقل عن 300 متر، إضافة إلى أضرار جزئية تمتد إلى أكثر من 500 متر، في وقت تصل فيه شظايا العربات والتفجيرات إلى مسافات تتجاوز كيلومترا واحدا، مسببة إصابات قاتلة بين المواطنين.

وشدد بصل على أن استخدام الاحتلال لهذه الوسائل "الإجرامية" يُعد سابقة خطيرة في تاريخ الحروب الحديثة، وانتهاكا صارخا لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تحظر استهداف المدنيين بهذه الأساليب "الهمجية".

يشار إلى أن قوات الاحتلال بدأت فعليا في تدمير مدينة غزة قبل أربعة أشهر من إعلان احتلالها، ففي 3 أبريل/نيسان الماضي أصدر الجيش أول أمر إخلاء لحي الشجاعية الأكبر فيها والواقع شرقها، ومنذ ذلك الحين بدأ تدميره بشكل ممنهج.

وفي مطلع مايو/أيار الماضي، أصدر أمرا بإخلاء حي التفاح شمال شرق المدينة وبدأ بتدميره، وأعقبه بعد ذلك بعملية عسكرية في حي الزيتون جنوبها، قبل أن يعلن عن قراره العلني باحتلالها قبل شهرين.

مصدر الصورة الاحتلال تعمد وضع عربات مفخخة وسط مراكز إيواء تابعة للأونروا (الجزيرة)

إعدام مقومات الحياة

وخلال الجولة الميدانية داخل مدينة غزة، يظهر تعمد الاحتلال تدمير المدارس والجامعات التي اتخذها المواطنون مأوى لهم بعد تدمير منازلهم.

إعلان

وتعمد الاحتلال وضع عربات مفخخة وسط تلك المراكز، سواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين ( أونروا ) أو الحكومية منها، وكذلك الجامعات في المدينة.

ويدل حجم الدمار الذي خلّفه الاحتلال في الشوارع الرئيسية بها، كشارعي النصر والجلاء اللذين كانا يعدان مناطق الثقل السكاني والحركة التجارية داخلها، على إصراره على تقويض كل مقومات الحياة، وجعل إعادة ترميم ما يمكن ترميمه أو استصلاح أي منطقة سكنية صعبا على الفلسطينيين.

المتحدث باسم بلدية غزة وصف الدمار بـ"المهول" (الجزيرة)

واضطر آلاف النازحين إلى قطع عشرات الكيلومترات سيرا على الأقدام بسبب وعورة الطرقات وإغلاقها بأطنان من الركام، في الوقت الذي تجتهد فيه المؤسسات المحلية لفتح الطرقات رغم عدم توفر الآلات اللازمة للعمل.

ولم تتمكن بلدية غزة من حصر جميع الأضرار التي لحقت بالمدينة، لكن المتحدث باسم البلدية عاصم النبيه وصف الدمار بـ"المهول"، سواء الذي طال المباني السكنية أو الخدمية أو الطرقات والبنى التحتية.

وطالب عاصم النبيه -في حديث للجزيرة نت- بضرورة الإسراع في إدخال المعدات الثقيلة التي تساعد على فتح الطرقات وإعادة تأهيل البنية التحتية في أسرع وقت، وأكد أن حجم الدمار الكبير سيصعب من مهام الطواقم المختصة ويحتاج تدخلا من جميع المؤسسات الدولية لإسناد عمل الجهات المحلية المختصة.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا