غزة- يسيطر القلق والتوتر على سكان مدينة غزة ، التي تتعرض لهجوم جوي وبري إسرائيلي مكثف وعنيف، بهدف احتلالها وطرد الفلسطينيين من منازلهم.
واضطرت معظم عائلات المدينة إلى تفعيل ما بات معروفا بحالة الطوارئ لديها، بحيث تضع مقتنياتها المهمة والقليل من أمتعتها في حقائب صغيرة يمكن الفرار بها سريعا عند اقترب الخطر منهم.
واتبع الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة أساليب متنوعة لترهيب الغزيين، أبرزها منحهم دقائق محدودة لإخلاء مناطق سكانهم تمهيدا لتدميرها، مما يجعلهم يعيشون في دوامة من الضغط النفسي على مدار الساعة.
اضطرت مدلين خالد خلال الشهر الأخير إلى الانتقال 3 مرات من مكان لآخر داخل مدينة غزة، بعدما تركت منزلها هربا من القصف المدفعي والجوي على بلدة جباليا شمالي قطاع غزة .
وتشعر مدلين بالقلق الدائم، بسبب كثافة القصف المحيط بها والتهديد المتواصل الذي يصدره الجيش الإسرائيلي لإخلاء المدينة، ومع ذلك تواصل رعاية أشقائها بعدما فقدت والديها خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة.
تزداد تفاصيل الحياة اليومية تعقيدا لدى مدلين، كمئات آلاف القاطنين في المدينة مع تعمد الاحتلال تدمير مقوماتها، حيث يبدأ أشقاؤها رحلة صباحية يومية شاقة لتوفير القليل من المياه الصالحة للشرب، وفي كثير من الأحيان يفشلون في مهمتهم لتسبّب القصف الإسرائيلي في خروج معظم محطات تحلية المياه عن العمل.
وتعاني مدلين من شح المياه المخصصة للاستخدام اليومي، بعدما دمر الاحتلال آبار المياه، وتعمد استهداف أنظمة الطاقة الشمسية التي تعمل عليها.
وترقب الإعلانات اليومية الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، سواء التي يبثها الناطق باسمه عبر منصات التواصل الاجتماعي وتطالب بإخلاء محافظة غزة، أو المنشورات التي تلقيها الطائرات المسيرة من نوع " كواد كابتر " بين السكان، وحتى الاتصالات الهاتفية المسجلة التي يبثها ضباط المخابرات الإسرائيلية بشكل متكرر.
وترسم مدلين خطة الطوارئ تحت ضغط نفسي شديد، يكاد يشل تفكيرها -كما تقول للجزيرة نت- وترفض النزوح جنوبا أو ترك المناطق الأقرب لمكان سكنها، علها تسمع خبرا قريبا يفضي لاتفاق يوقف إطلاق النار ويحول دون الزحف عن باقي المدينة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي الضغط على سكان مدينة غزة، من الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية من خلال التقدم البري وتفجير الروبوتات المفخخة والسيطرة النارية بالقصف المدفعي والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى استهداف المباني السكنية في جميع مناطق مدينة غزة، وذلك بهدف التعجيل بتهجير السكان وحصرهم في الأحياء الغربية، كي يجبرهم على النزوح إلى وسط وجنوب القطاع.
وأمام الضغط الناري على مدار الساعة، فشلت محاولات أحمد حسام في إيجاد وسيلة نقل للخروج من حي الكرامة شمال غرب مدينة غزة بحثا عن مكان آمن، وذلك بسبب شح وسائل المواصلات وخطورة الأوضاع الميدانية هناك.
يضطر أحمد وأسرته للنوم بأحذيتهم، حتى يتمكنوا من مغادرة المنطقة دون أي من أمتعتهم فور وقوع أي تطور ميداني أو اقتراب جيش الاحتلال منهم بشكل مفاجئ. ويقول للجزيرة نت إنه لا يحتمل كل هذا الضغط النفسي الذي يضعهم تحته الجيش الإسرائيلي داخل مدينة غزة.
ورصدت الجزيرة نت أبرز الوسائل التي اتبعها الجيش الإسرائيلي لدفع السكان للنزوح وتتمثل في:
ولا يزال يعيش ما يقرب من مليون فلسطيني داخل مدينة غزة، ويرفضون النزوح جنوبا، في ظل تراجع الخدمات الأساسية.
وفي هذا الإطار، حذر المتحدث باسم بلدية غزة عاصم النبيه من تفاقم الكارثة الإنسانية في المدينة، جراء تصعيد الاحتلال لحرب الإبادة المستمرة منذ نحو عامين، وما نتج عنها من دمار واسع في البنية التحتية وتكدس كبير للنفايات في الشوارع والمكبات، إضافة إلى نقص حاد في الخدمات الأساسية.
وقال النبيه -في حديث للجزيرة نت- إن الأزمة تتفاقم يوميا بفعل تراكم النفايات، وانعدام المياه الكافية، وتسرب المياه العادمة، نتيجة تدمير شبكات الصرف الصحي.
وناشد المتحدث باسم بلدية غزة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتحرك الفوري لوقف حرب الإبادة، ودعم جهود البلدية في التخفيف من الكارثة، عبر توفير الاحتياجات الطارئة والحد من انتشار الأوبئة والأمراض.