آخر الأخبار

كيف نفهم التوتر بين أميركا وفنزويلا؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن- مع تصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة و فنزويلا عقب شن الجيش الأميركي هجمة جوية على سفينة صغيرة اتهمتها واشنطن بأنها أبحرت من شواطئ فنزويلا مليئة بالمخدرات في طريقها إلى المدن والشوارع الأميركية، زادت التكهنات بقرب وقوع مواجهة عسكرية بين الدولتين، وتأتي الضربات وسط تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة نشرت عدة سفن حربية في المنطقة لدعم عمليات مكافحة المخدرات ضد فنزويلا.

وسبق ذلك انتشار عسكري بحري أميركي ضخم في منطقة البحر الكاريبي قرب السواحل الفنزويلية، ونشر البنتاغون حتى الآن مدمرات صواريخ موجهة ومجموعة "إيوجيما" البرمائية وغواصة تعمل بالطاقة النووية ، إلى جانب طائرات استخبارات من طراز "بي-8" وحوالي 4500 جندي في المنطقة، وهو ما رد عليه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بتعبئة الجيش.

وتشرح الجزيرة نت في صيغة سؤال وجواب طبيعة التوتر بين الدولتين وأسبابه وتداعياته والسيناريوهات المتوقعة.

مصدر الصورة فنزويلا لديها سواحل طويلة على البحر الكاريبي (الجزيرة)

ما الخلفية التاريخية للتوتر بين كراكاس وواشنطن؟

أصبحت فنزويلا محط اهتمام كبريات شركات الطاقة الأميركية منذ اكتشاف النفط بها بكميات ضخمة في أوائل القرن 20، وسيطرت شركات الطاقة الأميركية على ثروة البلاد من النفط لعقود طويلة، إلا أن الحكومة الفنزويلية أممته عام 1976.

وشهدت فنزويلا تدهورا اقتصاديا كبيرا وعدم استقرار سياسي منذ ذلك الوقت، إلى أن وصل سدة الرئاسة هوغو شافيز عام 1998، واقتربت فنزويلا من روسيا والصين وإيران وكوبا، واتبعت سياسات اشتراكية يسارية حتى وفاته عام 2013.

وخلف نيكولاس مادورو الرئيس شافيز، واتبع خط سلفه الاشتراكي، فزاد الاقتصاد تدهورا وزادت عزلة فنزويلا، مما أدى إلى هجرة ما يزيد عن 7 ملايين من مواطني فنزويلا المقدر عددهم بما يقرب من 30 مليون نسمة، وفرضت واشنطن العديد من العقوبات على فنزويلا ونخبتها الحاكمة ورفضت الاعتراف بشرعية انتخاباتها الرئاسية، وفي 2020 اتهمت وزارة العدل الأميركية الرئيس مادورو بتجارة المخدرات وتهريبها إلى الولايات المتحدة وبغسل الأموال .

إعلان

وفي يناير/كانون الثاني الماضي -وقبل مغادرته البيت الأبيض- وضعت إدارة جو بايدن مكافأة 15 مليون دولار للقبض على مادورو.

كيف تطورت علاقة الرئيس ترامب بفنزويلا؟

اتهمت إدارة دونالد ترامب فنزويلا بتسهيل دخول ملايين المهاجرين غير النظاميين إلى الأراضي الأميركية، وبأنها ترسل المجرمين والمختلين عقليا للولايات المتحدة من أجل الإضرار بها، إضافة إلى رعايتها تجارة المخدرات القاتلة عبر جزر وممرات مائية في البحر الكاريبي أو من خلال التهريب البري عن طريق المكسيك.

وفي إطار مواجهتها الهجرات غير الشرعية القادمة من دول أميركا الوسطى والجنوبية، ومكافحة تجارة المخدرات التي تحصد سنويا ما يقرب من حياة 70 ألف أميركي، اتخذ ترامب موقفا أكثر تشددا وصنف في اليوم الأول من فترة حكمه الثانية "ترين دي أراغوا" جماعة إرهابية تمارس "إرهاب المخدرات"، وهي عصابة فنزويلية قوية.

وسبق أن فرضت إدارة جو بايدن عقوبات على العصابة وعرضت مكافآت بقيمة 12 مليون دولار لاعتقال 3 من قادتها، وأذن ترامب الذي سعى منذ فترة طويلة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ، بمكافأة قدرها 50 مليون دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى اعتقاله.

لماذا أقدمت واشنطن على تدمير السفينة قبالة سواحل فنزويلا؟

قال ترامب إن الجيش الأميركي دمر قاربا محملا بالمخدرات كان في طريقه إلى الولايات المتحدة تديره عصابة "ترين دي أراغوا"، وقتل 11 شخصا كانوا على متنه.

ولم يقدم البيت الأبيض سوى القليل من التفاصيل عن هجوم يوم الثلاثاء الماضي، ويصر على أن الأشخاص الـ11 الذين كانوا على متنها أعضاء في العصابة التي تعود جذورها إلى سجن فنزويلي شهير، ويعرف عنها التورط في تجارة المخدرات وعمليات القتل والابتزاز وتهريب البشر.

وحذر وزير الدفاع بيت هيغسيث عقب الهجوم من أن بلاده ستحتفظ بأصولها في منطقة البحر الكاريبي وتضرب أي شخص يتاجر في تلك المياه تعرف أنه إرهابي مخدرات.

ولم يشرح المسؤولون الأميركيون بعد كيف قرر الجيش أن من كانوا على متن السفينة أعضاء في العصابة، وتمثل الضربة نقلة نوعية في كيفية استعداد واشنطن لمكافحة تهريب المخدرات في نصف الكرة الغربي، ويبدو أنها تبعث برسالة مزدوجة إلى الحكومات في المنطقة بضرورة التعاون معها، ورسالة تحذير إلى تجار المخدرات.

هل تقود عصابة "ترين دي أراغوا" عمليات خارج فنزويلا؟

توسعت العصابة في السنوات الأخيرة، ويعتقد أنها جندت الآلاف من بين أكثر من 7 ملايين فنزويلي غادروا بلادهم خلال السنوات الأخيرة، ووصل منهم ما لا يقل عن نصف مليون شخص إلى الأراضي الأميركية عن طريق الحدود الجنوبية خلال العقد الأخير، ويلقي ترامب ومسؤولو الإدارة باللوم باستمرار على العصابة لكونها السبب الجذري للعنف وتجارة المخدرات غير المشروعة التي ابتليت بها بعض المدن الأميركية.

ويكرر ترامب ادعاءه بأن عصابة "ترين دي أراغوا" تعمل تحت سيطرة الرئيس نيكولاس مادورو، ما تم نفيه رسميا من الجانب الفنزويلي.

مصدر الصورة الرئيس الفنزويلي نيكولاس خلال اجتماع مع القيادة العسكرية العليا في كراكاس (الفرنسية)

هل اتخذ ترامب أي إجراءات ضد أعضاء العصابة؟

نعم، ففي مارس/آذار الماضي، أعلن ترامب أيضا أن العصابة هي قوة غازية، مستشهدا بقانون زمن الحرب في القرن الـ18 الذي يسمح للولايات المتحدة بترحيل غير المواطنين دون أي ملاذ قانوني، وبموجب "قانون الأعداء الأجانب"، أرسلت إدارة ترامب أكثر من 250 رجلا فنزويليا إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، حيث ظلوا بمعزل عن العالم الخارجي ودون السماح لهم بالاتصال بمحام حتى تم ترحيلهم إلى فنزويلا.

إعلان

غير أن محكمة استئناف أميركية أقرت قبل يومين بأن ترامب لا يمكنه استخدام هذا القانون لتسريع ترحيل الأشخاص الذين تتهمهم إدارته بأنهم أعضاء في عصابة "ترين دي أراغوا"، وهو ما رفضه البيت الأبيض، وستصدر المحكمة العليا حكما نهائيا في هذه المسألة خلال أسابيع.

زعمت إدارة ترامب أن الرجال الذين رُحّلوا إلى السجن كانوا أعضاء في العصابة، لكنها لم تقدم سوى القليل من الأدلة.

وكان أحد المبررات التي استخدمها المسؤولون هو أن الرجال لديهم أنواع معينة من الوشم يزعم أنها تشير إلى عضوية العصابة، لكن بعض الخبراء قالوا إن الوشم ليس علامات موثوقة على الانتماء إليها.

ما الخطوات التالية لعملية قصف السفينة؟

قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن بلاده ستواصل الضربات المميتة على سفن يشتبه في أنها تهرب مخدرات، لكنه تهرب من أسئلة بشأن تفاصيل الضربة بما في ذلك ما إذا كان الأشخاص الذين كانوا في القارب قد تم تحذيرهم قبل الهجوم، وقال إن "لنا الحق في القضاء على التهديدات الوشيكة ضدنا".

وقال روبيو للصحفيين خلال زيارته للمكسيك "إذا كنت على متن قارب مليء بالكوكايين أو الفنتانيل أو أي شيء آخر، ومتجها إلى الولايات المتحدة، فأنت تشكل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة".

ما رد الفعل الرسمي الفنزويلي على ضرب السفينة؟

قصرت كراكاس رد فعلها على الضربة في التشكيك في صحة مقطع الفيديو الذي بثته واشنطن للحظات القصف.

ونشرت فنزويلا قواتها على طول سواحلها وحدودها، وتحث المدنيين على الانضمام إلى المليشيات، في الوقت الذي قال فيه مادورو إنه مستعد للرد على الانتشار البحري الأميركي.

ماذا عن شرعية شن واشنطن مثل هذه الهجمات؟

رفض مسؤولو إدارة ترامب تقديم تفاصيل عن الضربة بما في ذلك السلطة القانونية التي اعتمدوا عليها لتبريرها، ويرى خبراء القانون الدولي والبحري أن واشنطن تصرفت بشكل غير قانوني في مهاجمة السفينة، إذ إن الولايات المتحدة ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وبموجب الاتفاقية، توافق الدول على عدم التدخل في السفن العاملة في المياه الدولية.

مصدر الصورة جدارية للرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز في كراكاس (الفرنسية)

هل الضربات الأميركية على أعضاء العصابات المزعومين قانونية؟

تساءل الخبراء عما إذا كان قتل الأعضاء المزعومين في عصابة "ترين دي أراغوا" يمكن أن يتعارض مع القانون الدولي المتعلق باستخدام القوة، وبموجب المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة ، يمكن للدول اللجوء إلى القوة عندما تتعرض للهجوم وتنشر جيشها دفاعا عن النفس.

واتهم ترامب في السابق العصابة بشن حرب غير نظامية ضد بلاده، وصنفت وزارة الخارجية العصابة منظمة إرهابية أجنبية، ويرى البعض أن مجرد وصف المسؤولين الأميركيين للأفراد الذين قتلوا في الضربة بأنهم "إرهابيو مخدرات" لا يحولهم إلى أهداف عسكرية مشروعة، خاصة أن الولايات المتحدة ليست منخرطة في نزاع مسلح مع فنزويلا.

ما هدف واشنطن من شن هذا الهجوم؟

قال وزير الدفاع هيغسيث "لدينا انتشار عسكري بحري ضخم في المنطقة، نحن نرسل إشارة واضحة جدا بأن هذا نشاط لن تتسامح معه الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن واشنطن قد تتخذ إجراء مماثلا مرة أخرى في المستقبل.

هل يستطيع ترامب شن هجمات دون موافقة الكونغرس؟

كما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان البيت الأبيض قد امتثل للقانون الأميركي في التصريح بالضربة، ينص الدستور الأميركي على أن الكونغرس وحده لديه سلطة إعلان الحرب، ومع ذلك، فإن المادة الثانية -التي تحدد صلاحيات الرئيس- تنص على أن "الرئيس يجب أن يكون القائد العام للجيش"، واقترح بعض الخبراء الدستوريين أن هذا يمنح الرئيس سلطة التصريح بشن ضربات ضد أهداف عسكرية، لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا الحكم يمتد ليشمل استخدام القوة ضد الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل عصابات المخدرات.

ومنذ 11 سبتمبر/أيلول، اعتمد رؤساء الولايات المتحدة على قانون تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001 عند تنفيذ ضربات ضد الجماعات المسؤولة عن الهجمات.

إلى أين تتجه علاقات الولايات المتحدة مع فنزويلا؟

تدرك واشنطن على الأرجح أنه سيكون "خطأ فادحا" شن أي تدخل عسكري في فنزويلا، إذ سيواجه بمقاومة مسلحة قوية، ولن يحظى بشعبية في الداخل الأميركي لأنه سيتعارض مع موقف ترامب المعلن بعدم التدخل في حروب برية.

إعلان

من هنا صاغ ترامب نزاعه مع الرئيس الفنزويلي مادورو على أنه معركة ضد "إرهاب المخدرات"، لكن الإجراءات المالية بدلا من العسكرية قد تكون أكثر فاعلية في الحد من تجارة المخدرات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل حرب غزة القدس حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا