آخر الأخبار

"معركة السيادة" للواجهة وسلاح "حزب الله" على طاولة الحكومة

شارك
أرشيفية لمقاتلين من حزب الله اللبناني

بين فوهة السلاح ومصير الدولة، يقف لبنان من جديد على أعتاب اختبار حاسم يطال جوهر سيادته ووحدة قراره الوطني.

الجدل الذي لا يخفت بشأن سلاح " حزب الله" يتصاعد بقوة مع اقتراب جلسة مجلس الوزراء المرتقبة الثلاثاء، والتي يُدرج على جدول أعمالها لأول مرة بشكل مباشر ملف "حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية"، في خطوة يرى فيها البعض مدخلا لاستعادة الدولة، فيما يعتبرها الحزب "انتحارا سياسيا" قد يجر البلاد إلى صدام داخلي مدمر.

وبلغ التوتر السياسي ذروته مع تصريحات نارية أطلقها وزير العدل اللبناني عادل نصار عبر منصة "إكس"، اعتبر فيها أن "الحزب يختار الانتحار في حال رفض تسليم سلاحه"، مشددا على أن الحكومة لن تسمح بـ"جرّ لبنان إلى مصير قاتم".

بين الداخل والخارج: السيادة في مهب الضغوط

التحول الجديد في موقف الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، الذي أكد في ذكرى انفجار مرفأ بيروت ضرورة فرض سيطرة الدولة على كامل أراضيها، يأتي في ظل تصاعد الضغوط الغربية على بيروت، وخصوصا من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، لدفع الحكومة إلى معالجة ملف السلاح خارج سلطة الدولة، ضمن مسعى أوسع لإعادة التوازن إلى مؤسسات الحكم وتحييد لبنان عن المحاور الإقليمية.

وشدد سلام في خطابه على أن "قرار السلم والحرب يجب أن يكون حصرا بيد الدولة"، في إشارة مباشرة إلى دور "حزب الله" في ملفات الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، وهي ملفات تُدار خارج نطاق المؤسسات الدستورية، ما يطرح علامات استفهام حول مبدأ السيادة نفسه.

حزب الله يحذر: مشروع الفتنة قادم من إسرائيل

من جهته، رد الحزب عبر النائب علي فياض الذي أشار إلى أن "ما يجري هو جزء من محاولة إسرائيلية لزرع فتنة داخلية لبنانية".

فياض دعا إلى التمسك بالموقف الرسمي الذي أعلنه رئيس الجمهورية جوزيف عون والذي ينص على أولوية وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، محذرا من أن "الضغوط الأميركية والإسرائيلية تهدف لإخضاع لبنان لشروط لا تخدم سيادته".

هل تنعقد الجلسة بغياب المكون الشيعي؟

تُطرح علامات استفهام عدة بشأن دستورية جلسة الحكومة المقبلة، في ظل احتمال غياب وزراء "الثنائي الشيعي" (حزب الله – حركة أمل)، ما قد يُفقد الجلسة ميثاقيتها، حتى وإن توفر النصاب القانوني.

لكن مراقبين يعتبرون أن الحكومة الحالية قد تمضي قدما في النقاش تحت شعار "لا تراجع عن قرار الدولة".

الجلسة لن تكون حاسمة ولكنها مفصلية

في مداخلة له عبر برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، اعتبر مدير المؤسسة الوطنية للدراسات زكريا حمودان أن الحديث عن جلسة "مفصلية" في سياق حصر سلاح حزب الله "هو تهويل إعلامي"، مشددا على أن الحزب سيشارك في الجلسة، لأنها "اجتماع شرعي وطبيعي للحكومة، ولا يملك الحزب أي مبرر دستوري لمقاطعتها".

ورأى حمودان أن القضية ليست في مضمون طرح موضوع السلاح بل في خلفيته السياسية، قائلا: "إذا كانت الحكومة تطرح نزع السلاح تلبية لرغبة إسرائيل، فهذه مشكلة بحد ذاتها. أما إذا كان الطرح يتصل بتنظيم المسألة ضمن استراتيجية دفاعية وطنية، فهذا موضوع آخر".

وشدد على أن البيان الوزاري ليس هو المرجعية الثابتة، بل "خطاب القسم الذي يمثل الثوابت"، مشيرا إلى أن أي نقاش يجب أن يُبنى على "أسس الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي سبق وتم التوافق عليها".

حزب الله: ملتزم باتفاق غير منفذ من إسرائيل

في سياق متصل، كشف حمودان عن وجود "اتفاق تم توقيعه برعاية أميركية، التزم فيه حزب الله تسليم مئات المخازن"، لكنه أوضح أن "إسرائيل لم تنفذ التزاماتها ضمن هذا الاتفاق، وبالتالي فإن الحزب لن يكون البادئ في عملية تسليم السلاح دون تنفيذ مقابل".

وأردف قائلا: "السلاح الثقيل لحزب الله لن يُسلم، لأنه مؤثر على أمن إسرائيل، وهذا أمر بديهي. كل ما يُقال عن جلسة مصيرية هو تضخيم إعلامي مدفوع من بعض السفارات التي تخوض حربا إعلامية لإضعاف موقع لبنان في الإقليم".

الجيش اللبناني وحده غير قادر على الإمساك بالأمن الحدودي

تطرق حمودان أيضا إلى معادلة الردع في الجنوب، معتبرا أن الجيش اللبناني غير قادر، حتى الآن، على أن يكون بديلا حقيقيا لحزب الله في ما يتعلق بملف الحدود والاشتباك مع إسرائيل.

وحول هذه النقطة، قال حمودان: "إذا شعر حزب الله بأن الجيش قادر على الإمساك الكامل بملف الجنوب، يمكن عندها بدء مناقشة موضوع إنهاء المهمة وتسليم السلاح. ولكن لا توجد حاليا بيئة لبنانية ولا إقليمية تسمح بذلك".

وأوضح أن ما يجري في الإعلام من تضخيم وتسريبات حول مصادر مخازن سلاح الحزب "هو جزء من عملية تشويه مبرمجة"، مؤكدا أن العديد من تلك المخازن "تم تدميرها فعلا، وليس مصادرتها أو استلامها من قبل الدولة".

ما بعد الجلسة: سلسلة نقاشات دون تسوية حاسمة

بحسب حمودان، فإن جلسة الثلاثاء ستكون "واحدة من عدة جلسات لاحقة"، مشيرا إلى أنها "لن تُسفر عن قرار حاسم".

وتابع قائلا إن "فخامة الرئيس يعي دقة الوضع، وأي نقاش سيكون منسجما مع الثوابت التي تم إبلاغها إلى الجانب الأميركي".

وعن إمكانية تسليم الحزب لسلاحه مستقبلا، قال حمودان: "ربما، ولكن فقط إذا توافرت الشروط الوطنية والدولية اللازمة، وإذا شعر الحزب بأن الدولة مستعدة بالفعل لتحمل المسؤولية الأمنية الكاملة دون خضوع للإملاءات".

أزمة الحكم بين السلاح والسيادة

يبقى ملف سلاح حزب الله بمثابة عقدة كبرى في مسار إعادة بناء الدولة اللبنانية، ويضع اللبنانيين بين خيارين أحلاهما مرّ: إما استمرار الأمر الواقع بكل ما يحمله من هشاشة سياسية واقتصادية، أو الدخول في معركة طويلة وصعبة نحو إعادة الاعتبار لمفهوم الدولة.

وبين انقسام داخلي محتمل، وضغوط دولية متزايدة، وتحديات إقليمية تتشابك فيها المصالح، يبدو أن لبنان مقبل على فصل جديد من التوتر، يُعاد فيه طرح السؤال الجوهري: هل يستطيع لبنان فرض سيادته واستعادة قراره، أم يُترك فريسة جديدة في لعبة الأمم؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا