آخر الأخبار

لبنان.. حزب الله يناور والدولة تتقدم نحو حصر السلاح

شارك
سلاح حزب الله.. على طاولة لبنان

في سابقة سياسية تُعيد ملف "حصر السلاح" إلى واجهة المشهد اللبناني، يستعد القصر الجمهوري يوم الثلاثاء المقبل لاستضافة جلسة مفصلية دعا إليها رئيس الحكومة نواف سلام.

الجلسة، وفق تسريبات من مصادر حكومية نقلتها سكاي نيوز عربية، تهدف لتمرير بند طال انتظاره: حصر السلاح غير الشرعي بيد الدولة اللبنانية، وهو ما يعني كسر احتكار "حزب الله" للسلاح الثقيل والخفيف خارج منظومة الجيش.

ومع تصاعد التوتر على الجبهة الجنوبية إثر الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي أودت بحياة أربعة مدنيين، يصبح النقاش حول السلاح غير الشرعي أكثر إلحاحًا. فقد أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية استهدفت منشآت تابعة لحزب الله، بالتوازي مع تصاعد الضغوط الدولية، وعلى رأسها الأميركية، التي تربط المساعدات وإعادة الإعمار بخطوات لبنانية واضحة بشأن احتكار السلاح.

ورغم تمسك الحزب العلني بسلاحه واعتباره "ضمانة لأمن لبنان"، تشير التحركات خلف الكواليس إلى وجود مساعٍ للبحث عن "مخرج مشرّف" لهذا الملف المعقّد. وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام تابعة للحزب أن رئيس الجمهورية جوزف عون التقى رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد في جلسة وُصفت بأنها "مصارحة"، ما يدل على جس نبض سياسي يجري حاليا.

إيلي يوسف: القرار مبدئي.. والتنفيذ مرهون بالمناخ الإقليمي

قلل الكاتب والباحث السياسي إيلي يوسف، خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية، من احتمالات أن تكون جلسة الثلاثاء "حاسمة بالكامل"، لكنه أشار إلى أنها "ليست جلسة عادية"، خاصة في ظل الرقابة الدولية، وتحديدًا الأميركية، على مسار تطبيق القرار المنتظر. ويوضح يوسف:

"الولايات المتحدة لم تعد تكتفي بالمواقف الرمزية. مطلب إخضاع سلاح حزب الله لسلطة الدولة أصبح مطلبًا أساسيًا. أما إسرائيل، فهي لا تبني سياساتها على انتظار التنازلات اللبنانية، بل تستثمر بقاء السلاح كذريعة للضغط والضربات."

ويؤكد يوسف أن حزب الله بات يدرك أن الظروف الإقليمية والدولية تغيرت، وأن التمسك بالسلاح لم يعد مضمونًا دون مقابل. لكنه يلفت إلى أن الحزب، في المقابل، يفاوض على ما يصفه بـ"حصته" في النظام اللبناني الجديد، كجزء من الضمانات التي يسعى للحصول عليها قبل أن يوافق على أي خفض في قوته العسكرية.

الثلث المعطل غائب.. والمجتمع الدولي يضيق ذرعًا

يشير مراقبون إلى أن حزب الله فقد أداة "الثلث المعطل" داخل الحكومة، ما يجعل قراراتها، نظريًا، قابلة للمرور من دون موافقته الكاملة. لكن واقع السياسة اللبنانية المعقدة، وتعقيدات التوازنات الطائفية، قد تؤجل التنفيذ الفعلي لأي قرار حكومي. وهو ما أشار إليه يوسف بقوله:

"القرار قد يُتخذ يوم الثلاثاء، لكنه سيُحال للمجلس الأعلى للدفاع، الذي سيُكلّف بوضع برنامج زمني للتنفيذ. هذا يعني أن الأمور مرهونة بالتطورات الإقليمية، خصوصًا في الملف الإيراني."

وبينما يراهن المجتمع الدولي على دفع لبنان نحو خطوات إصلاحية، تلوّح بعض القوى الغربية بتجميد مشاريع الإعمار والمساعدات في حال لم تُتخذ خطوات ملموسة بشأن ملف السلاح. في المقابل، يرى مراقبون في بيروت أن حزب الله لا يزال يناور بحثا عن صيغة توافقية، لا تُضعفه سياسيًا، ولا تضعه في مواجهة علنية مع الداخل والخارج.

الخطاب الرئاسي.. والفرصة الأخيرة؟

في احتفال عيد الجيش اللبناني، وجّه الرئيس جوزف عون خطابًا اعتبره البعض بمثابة "فرصة أخيرة" لحزب الله كي يعود إلى منطق الدولة. فالرئيس ذكّر بالمبادئ التي جاء بموجبها إلى قصر بعبدا، وبالاتفاقات التي شارك الحزب نفسه في توقيعها، بما في ذلك البيان الوزاري الذي ينص على حصرية السلاح بيد الدولة.

وفي هذا السياق، يقول يوسف: "التحدي الآن ليس فقط في ما إذا كان حزب الله سيسلم السلاح، بل كيف سيُترجم ذلك عمليًا؟ وما هي الضمانات التي يطلبها؟"

ويتابع أن الحزب يعرف تماما أن "المعادلة تغيّرت"، وأنه لم يعد بإمكانه مواصلة احتكار القرار السيادي، أو الاستمرار بوضع نفسه كـ"دولة داخل الدولة". فالتكلفة باتت باهظة، داخليا وخارجيا.

هل بدأت مرحلة المساومة؟

اللقاء الذي جمع محمد رعد مع رئيس الجمهورية، والحديث عن "جلسة مصارحة"، يعكس حسب مصادر سياسية بداية ما يمكن وصفه بـ"المساومة على الخروج الآمن". فالحزب، وفق إيلي يوسف، بات في موقع يفاوض فيه على ثمن انسحابه التدريجي من المشهد العسكري، لا على بقائه.

"المطلوب اليوم من الحزب أن يعلن متى، وأين، وكيف يمكن تسليم سلاحه؟ هذه الأسئلة لا تزال من دون أجوبة واضحة، لكنها باتت مطروحة بقوة أكثر من أي وقت مضى."

ويرى يوسف أن السيناريو الأقرب سيكون "إقرارًا مبدئيًا" في مجلس الوزراء يوم الثلاثاء، مع الإحالة إلى المجلس الأعلى للدفاع، ووضع "برنامج زمني طويل"، يفتح المجال للمناورة، وربما للمماطلة. لكنه شدد في ختام حديثه على أن:

"الزمن لم يعد مفتوحًا أمام حزب الله.. واللبنانيون قبل المجتمع الدولي يريدون حسمًا لهذا الملف."

يتجه لبنان نحو استحقاق دقيق قد يُشكّل لحظة مفصلية في تاريخه السياسي. حزب الله، الذي طالما تمسك بسلاحه تحت شعار "المقاومة"، يجد نفسه اليوم أمام ضغوط غير مسبوقة، في ظل تآكل البيئة الحاضنة له محليًا، وتزايد عزلة لبنان دوليًا.

الساعات المقبلة قد لا تحمل مفاجآت دراماتيكية، لكنها بالتأكيد ستكرّس تحولًا جديدًا في مشهد لبناني يعيد تعريف معادلات القوة بين الدولة و"دويلتها"، وبين القرار الوطني و"السلاح الخارج عن الشرعية".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا