آخر الأخبار

مشروع ممر زنغزور.. هكذا تقترب واشنطن وحلفاؤها من حدود روسيا

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

موسكو- تعيش منطقة جنوب القوقاز على وقع إرهاصات تحولات كبيرة قد تعيد رسم موازين القوى في الإقليم، الذي لطالما اعتُبر إحدى "الحدائق الخلفية" التقليدية للنفوذ الروسي في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي .

وتزداد هذه التوقعات مع تنامي الاهتمام الأميركي بالتوسط بين أرمينيا وأذربيجان بشأن مشروع ممر زنغزور ، إذ طرحت واشنطن مقترحا يمنح شركة لوجيستية تجارية أميركية حق التشغيل للممر الممتد 32 كيلومترا بموجب عقد إيجار لمدة 100 عام، في خطوة يراها مراقبون تحديا مباشرا لمعادلات النفوذ القائمة.

ويرى خبراء روس أن ممر زنغزور يمثل نقطة تصدع محتملة قد تضعف موقع روسيا في جنوب القوقاز، وتقلص في الوقت نفسه من قدرة الصين على احتكار طرق مبادرة "الحزام والطريق".

كما يتيح الممر المرتقب لحلفاء واشنطن -وفي مقدمتهم جورجيا – منفذا اقتصاديا جديدا، ويقرب البنية التحتية اللوجيستية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) من الحدود الجنوبية لروسيا في خطوة توصف بـ"الخطيرة".

وبحسب هذه الرؤية، فإن التطورات الراهنة تعكس تقديرات غربية بأن انشغال موسكو في حرب أوكرانيا أضعف قبضتها التقليدية على الإقليم، في حين تزداد قوة أذربيجان عسكريا ودبلوماسيا، متجاوزة الدور الروسي في تعاملاتها مع الغرب ومع أطراف إقليمية فاعلة مثل تركيا .

مخاطر جدية

يوضح الخبير العسكري والأمني أناتولي ماتفيتشوك للجزيرة نت أن المقترح الأميركي يشكل على المدى البعيد تهديدا مباشرا للأمن القومي الروسي ووجودها العسكري في المنطقة، مشيرا إلى أن روسيا لا تزال تحتفظ بقاعدتين عسكريتين في أرمينيا تضمان ما بين 3 و5 آلاف فرد.

ويضيف أن تركيا تمتلك في المقابل جيشا قوامه 80 ألف فرد في هذا الاتجاه العملياتي، وأن القوات المسلحة الأذربيجانية عمليا تحت سيطرة أنقرة ، وفقا لقوله.

ويرى أن أي طارئ عسكري قد يتيح للجيش التركي نشر عدة فيالق إضافية تصل بسهولة إلى الحدود البرية مع روسيا في شمال القوقاز.

إعلان

ويحذر ماتفيتشوك من أن امتلاك تركيا صواريخ يصل مداها إلى 800 كيلومتر يعني أن كل القواعد الروسية على البحر الأسود تحت التهديد، وهو ما يعكس خطورة الموقف.

ويضيف أن حصول أنقرة وباكو على الممر سيتيح -وفق تقديره- نقل أسلحة ومقاتلين إلى القوقاز دون المرور بالحدود التقليدية، بما يهدد استقرار المنطقة برمتها.



إجبار روسيا

ويخلص الخبير الروسي إلى أن السياسات الأميركية والبريطانية والتركية والأذربيجانية تسعى لإجبار موسكو على الانسحاب من جنوب القوقاز، والسيطرة تدريجيا على الإقليم عسكريا بما يشمل أراضي أذربيجان وأرمينيا وجورجيا.

ويؤكد أن مسألة ظهور قاعدة عسكرية تركية في أذربيجان -وربما في بحر قزوين – مسألة وقت، على غرار قاعدة أميركية في أرمينيا إذا ما اكتمل المشروع.

أما ألكسي نوموف، المختص في شؤون جنوب القوقاز، فيرى أن مشروع ممر زنغزور -الذي يحظى بدعم أذربيجان وأرمينيا وتركيا والولايات المتحدة – يحمل تهديدات بعيدة المدى للاقتصاد الروسي.

ويقول نوموف للجزيرة نت إن الممر قد يتحول إلى شريان ضخم لنقل البضائع من آسيا الوسطى وأفغانستان إلى أوروبا والشرق الأوسط عبر تركيا متجاوزا الأراضي الروسية، واصفا حجمه المحتمل بأنه قد يجعل قناة بنما تبدو محدودة بالمقارنة.



النفوذ الغربي

ويشير نوموف إلى أن قلق موسكو لا يتوقف عند البنية التحتية، بل يشمل أيضا مخاطر توسع النفوذ الغربي والتركي في الاقتصاد الأرميني. فشبكة السكك الحديد الأرمنية، التي تديرها شركة روسية بموجب امتياز حتى عام 2038، قد تكون مهددة إذا ما تم تنفيذ مبادرات مشابهة للمشروع الأميركي.

ويستحضر الخبير ما وصفه بسابقة تأميم شبكات الكهرباء الأرمنية التي كانت مملوكة لشركات روسية، معتبرا أنها مؤشر على استعداد يريفان لإعادة توجيه أصولها الإستراتيجية وفق متطلبات السياسة الجديدة.

ويرى أن الضمانات القانونية في إطار رابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي قد لا تصمد أمام التحولات السياسية والخيارات الخارجية للحكومة الأرمينية الحالية.

ويضيف أن أي صدام محتمل بين المصالح الروسية والمشغلين الجدد قد يؤدي إلى سيناريوهات تشمل التأميم ونقل الإدارة إلى شركاء غربيين أو أميركيين أكثر قبولا سياسيا.

ويرى أن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان يرسل بهذه التحركات إشارة واضحة مفادها أن بلاده تسعى لتقليص اعتمادها على موسكو وتنويع تحالفاتها الخارجية، رغم المخاطر التي قد تستجلب ردود فعل انتقامية من روسيا التي تحتفظ بقوات حفظ سلام وقواعد عسكرية على أراضي أرمينيا.

وبينما يترقب الإقليم تداعيات مشروع زنغزور، يرى مراقبون أن جنوب القوقاز يقف عند منعطف إستراتيجي قد يعيد رسم خرائط النفوذ العسكري والاقتصادي في واحدة من أكثر المناطق حساسية بالنسبة لروسيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا