آخر الأخبار

محادثات إيران والترويكا الأوروبية..هل تسعى طهران لكسب الوقت؟

شارك
إيران تبحث ملفها النووي مع دول الترويكا الأوروبية.. أرشيفية

دخلت إيران مرحلة جديدة من المراقبة السياسية بعد محادثات إسطنبول مع دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا)، والتي وُصفت من قبل الطرفين بـ"الصريحة والمفصلة"، لكنها في جوهرها تدور حول سؤال رئيسي: هل جاءت طهران بنية حقيقية للتفاوض، أم لمجرد كسب الوقت؟

فبينما تلوّح أوروبا بإعادة تفعيل العقوبات الدولية، في حال لم تلتزم إيران بالتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحقيق انفراجة حقيقية في الملف النووي، ترى طهران أن طاولة إسطنبول ليست سوى حلقة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن، وأن الأوروبيين مجرد وسيط مكرر لمطالب أميركية-إسرائيلية.

"زناد" العقوبات جاهز.. وأوروبا تمنح طهران مهلة أخيرة

كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن الأوروبيين مستعدون لمنح إيران "تمديدا محدودا" للمهلة الزمنية قبل تفعيل آلية الزناد، إذا ما قبلت طهران بشروط محددة ترتبط بتخصيب اليورانيوم وشفافية المنشآت النووية.

وفي هذا السياق، قال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب أبادي إن بلاده أوضحت مواقفها "المبدئية"، مشيرا إلى استمرار المشاورات مع الأوروبيين، دون تقديم تنازلات ملموسة.

وفيما دعا مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إيران إلى "الشفافية الكاملة"، عبّر عن تفاؤله بعودة المفتشين الدوليين إلى المواقع النووية الإيرانية في وقت لاحق من هذا العام، مؤكدا على "ضرورة استعادة العلاقات الطبيعية مع إيران" وفقا لمعاهدة حظر الانتشار النووي.

إيران: تفاوض لا تراجع

وفي حديث لبرنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أكد الكاتب والمحلل السياسي الإيراني مصدق بور أن إيران تعتبر أن هذه المحادثات "ليست مفاوضات حقيقية"، بل محاولة لجس النبض واستطلاع النوايا الغربية، قائلا: "كل ما طُرح في إسطنبول من شروط أوروبية هو في جوهره نفس الشروط الأميركية والإسرائيلية. طهران تفهم أنها تتفاوض مع واشنطن بواجهة أوروبية".

واعتبر بور أن إيران وافقت على الحوار تلبية لطلب الترويكا الأوروبية، بعد مشاورات مباشرة بين وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع وزير الخارجية الأميركي، ما يعكس، من وجهة نظره "سعي الأوروبيين لإحياء مفاوضات الاتفاق النووي عبر بوابة سياسية بديلة للهجمات العسكرية التي تعرضت لها إيران مؤخرا".

اتفاق نووي جديد.. أم مجرد تمديد؟

تبدو طهران، بحسب بور، غير متحمسة للعودة إلى اتفاق 2015 بصيغته القديمة، فهي تخشى أن يبقى سيف "آلية الزناد" مسلطا عليها كلما قررت الأطراف الغربية التصعيد.

ووفق بور "ترغب إيران باتفاق جديد كليا، مبني على أسس سياسية وأمنية محدثة، تضمن لها الاعتراف بحقوقها السيادية وتمنحها هامشا أوسع في التخصيب والتعاون النووي".

لكن في المقابل، ترى إسرائيل في المفاوضات الحالية مجرد "ذريعة مرحلية"، بحسب مصدق بور، لضمان شرعية تحرك عسكري محتمل ضد إيران، فيما تسعى واشنطن لاختبار مدى تأثير الضربات الأخيرة على المنشآت النووية.

معادلة الزناد والدبلوماسية

في ظل هذا التوتر، تحاول إيران أن توازن بين أمرين، بحسب بور، أولهما التمسك بخطوطها الحمراء في التخصيب والرد على أي تهديد أمني، وإثبات حسن النية أمام المجتمع الدولي لتجنب تحمّل مسؤولية أي تصعيد.

ويشير بور إلى أن "إيران لا تثق بالولايات المتحدة منذ عقدين"، لافتا إلى أن طهران تعرضت لضربات عسكرية في ذروة مراحل التفاوض سابقا، وهو ما يعمّق فجوة الثقة مع الغرب.

وأضاف بور: "إيران لن تتجرد من أوراقها التفاوضية، ولن تكشف كل منشآتها دون مقابل حقيقي. الغموض النووي أحد أدوات قوتها التفاوضية".

تحدي العقوبات وخيار العزلة

فيما يتعلق بالعقوبات، يرى بور أن التهديد الأوروبي بإعادة فرض العقوبات "لا يشكل عنصر ضغط جديد"، لأن "إيران ما زالت تخضع فعليا لعزلة مصرفية وتجارية"، رغم إزالة بعض القيود الأممية.

وأوضح أن "طهران تكيّفت مع العقوبات خلال 44 عاما من الحظر، ولا تنتظر حلا اقتصاديا من الغرب".

أما بشأن الحديث عن عزلة إيرانية محتملة، فيرفض بور هذا الطرح، معتبرا أن "إسرائيل وأميركا اليوم هما من يواجهان عزلة حقيقية، بعد فشل سياساتهما في المنطقة"، مشيرا إلى أن "أي مواجهة مع إسرائيل ستزيد من التعاطف الشعبي مع إيران".

ماذا بعد إسطنبول؟

المفاوضات، وفق بور، قد تستمر شكليا، لكنها "ليست سوى ورقة سياسية للضغط، وإيران دخلتها فقط كي لا تُتّهم بتعطيل الحوار".

وفي الخلفية، يترقب الجميع (طهران، واشنطن، تل أبيب) انفجارا محتملا في أي لحظة.

فإذا اندلعت جولة جديدة من التصعيد بين إيران وإسرائيل، فإن "كل التوازنات ستتغير"، حسب تعبير بور، خصوصا إذا نجحت إيران في توجيه "ضربات نوعية"، من شأنها رفع رصيدها الإقليمي والدولي، سياسيا وعسكريا.

وبين تحركات سياسية معقّدة وتحذيرات عسكرية متصاعدة، تبقى نوايا طهران تحت المجهر الأوروبي.

فهل تقود محادثات إسطنبول إلى إحياء مسار دبلوماسي حقيقي؟ أم أنها مجرد استراحة تكتيكية على طريق مواجهة لا مفر منها؟

في كل الحالات، إيران تعوّل على القوة في بناء الثقة، وترى أن الدبلوماسية بلا أوراق ضغط لا تصنع اتفاقا، بل وهما سياسيا سرعان ما ينهار أمام أول صاروخ.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا