رام الله- قال خبيران قانونيان للجزيرة نت إن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المتكررة عن ضم الضفة الغربية وتعزيز الاستيطان وإزالة المخيمات تستدعي محاكمته كمجرم حرب، كونها مخالفة للقانون الدولي وتدعو إلى التطهير العرقي .
وفي أكثر من مناسبة تحدث سموتريتش عن "تهجير طوعي" للفلسطينيين، وتوعّد بالقضاء على ما يسمِه "الإرهاب" في كل مكان -"حتى لو كان ذلك يعني تحويل طولكرم لمثل غزة اليوم"- كما تحدث عن ضم الضفة الغربية وهدم المنازل الفلسطينية وتعزيز الاستيطان وتفكيك السلطة ومنع إقامة دولة فلسطينية.
ومنتصف مايو/أيار الماضي، دعا إلى تدمير قريتي بروقين وكفر الديك شمال الضفة الغربية على غرار الإبادة الجماعية في الشجاعية وتل السلطان بقطاع غزة ، بعد عملية فلسطينية أسفرت عن مقتل مستوطنة إسرائيلية وإصابة زوجها.
ثم في الخامس من يونيو/حزيران الماضي أعلن أنه أوعز ببدء إعداد خطة لفرض "السيادة" على الضفة الغربية المحتلة، بما يشمل منطقة غور الأردن .
وبالأرقام تشير معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إلى ترحيل 345 عائلة بتهجير 32 تجمعا فلسطينيا بالضفة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في وقت تم فيه إنشاء عشرات البؤر الاستيطانية وشرعنة 22 منها.
يشير خبير القانون الدولي وحقوق الإنسان معين عودة إلى كون الاحتلال الإسرائيلي أطول احتلال في التاريخ، موضحا أنه "ليس هناك في العصر الحديث احتلال كما الضفة وغزة".
وأشار إلى تجريم الاستيطان في القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية "التي تتحدث حتى عن الحرب وكيف تتحارب الدول مع بعضها، فضلا عن عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة حول الاستيطان والمستوطنات".
ويلفت الخبير القانوني إلى استغلال إسرائيل لاستثناء في القانون الدولي يسمح لأي احتلال بإقامة بعض القواعد العسكرية لحماية قواته "لكن ثبت زيف هذا الادعاء وتكشفت الأهداف التوسعية الاستيطانية على مدى سنوات طويلة".
وذكّر عودة بانضمام فلسطين لنظام روما الأساسي عام 2015، وتوجهها بدعوى ضد المستوطنات الإسرائيلية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ، لكن "مطاحن العدالة الدولية الجنائية بطيئة، ولم تسفر عن خطوات مهمة".
وبما أن طلب فتح التحقيق في جرائم الاستيطان موجود لدى الجنائية الدولية ، يرى عودة أنه "بالإمكان إضافة ملف بتصريحات سموتريتش ومحاكمته كمجرم حرب، لا سيما بسبب تصريحاته الهادفة إلى تغيير الواقع الديمغرافي في الأرض المحتلة بترحيل فلسطينيين خارج قراهم ومدنهم، ونقل مستوطنين إلى الأراضي المحتلة".
وأضاف أن " التهجير القسري جريمة حرب كاملة الأركان، لكن للأسف محكمة الجنائية الدولية -ككثير من الأجسام الدولية- تتأثر كثيرا بالسياسة والضغط الدبلوماسي، ولا تزال أميركا تضغط ضد أي خطوات عملية تستهدف إسرائيل".
يوضح الخبير القانوني أن إسرائيل تستغل انشغال العالم بغزة كي تفرض وقائع جديدة في الضفة من خلال الهجمات الاستيطانية العنيفة وحرق البيوت والتوسع الاستيطاني، لكنه يرجح ضغطا سياسيا أكبر على إسرائيل نتيجة لتأثير الرأي العام العالمي.
بدوره، يقول رئيس مجموعة الحق والقانون للمحاماة والاستشارات الدولية، المحامي غاندي ربعي، إن إسرائيل ماضية في سياسة تجاوزت القانون الدولي والأعراف الدولية، وصولا إلى ارتكاب جرائم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف أن ما تقوم به سلطات الاحتلال من نقل للمدنيين وهم المستوطنون، لأرض محتلة، إحدى جرائم الحرب، ويتم هذا أمام مرأى ومسمع العالم، ليس هذا فحسب بل "يتبجح سموتريتش بإنهاء المخيمات، وإزالة تجمعات سكانية، وهذا يرقى لأن يكون جريمة تطهير عرقي".
وبرأي الخبير القانوني، يمكن تقديم مذكرة للمحكمة الجنائية الدولية بتصريحات الوزير الإسرائيلي "الخطيرة التي تدعو إلى التطهير العرقي"، لكنه أعرب عن أسفه على بطء آليات عمل المحكمة الجنائية الدولية.
وكمثال، قال إنه رغم صدور مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، "فإننا لم نسمع عن تحركات على مستوى دولي بهذا الاتجاه، وذلك لاختلال موازين القوى في العالم، والدعم الأميركي لإسرائيل".
وبالتوازي مع تفعيل التحرك في الجنايات الدولية، يقول ربعي إن "على الفلسطينيين داخليا مسؤولية كبرى تتمثل في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام وتشكيل قيادة فلسطينية حقيقية، ووضع خطة وهدف واحد لمواجهة قضم الأرض الفلسطينية وتهجير سكانها".
يذكر أن فلسطين بدأت عام 2015 خطواتها في المحكمة الجنائية الدولية ، وفي 22 مايو/أيار 2018، قدمت فلسطين إحالة إلى المدعي العام بالمحكمة بشأن الوضع القائم منذ 13 يونيو/حزيران 2014، بما في ذلك العدوان على غزة في حينه وجريمة الاستيطان غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وطالبت المدعي العام بفتح تحقيق فوري بالجرائم الخطيرة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وفي الخامس من فبراير/شباط 2021، صدر عن الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة القرار الذي يجيز لها ممارسة اختصاصها الجنائي على الحالة في فلسطين، لكن خطواتها تسير ببطء، وفق مختصين.
تحدثت الجزيرة نت إلى شخصية مطلعة على ملف الاستيطان المحال إلى المحكمة الجنائية، لكنها رفضت الإفصاح عما إذا كان سموتريتش أو وزير الأمن القومي ضمن الأسماء المدرجة فيه لغرض المحاكمة.