حذرت كييف من أن وقف شحنات الأسلحة الأمريكية قد يشجع روسيا على مواصلة الحرب التي دخلت عامها الرابع في أوكرانيا، وذلك بعد أن أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أنه أوقف بعض شحنات الأسلحة إلى الأوكرانيين.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، بأن القرار اتُخذ "لإعطاء الأولوية لمصالح أمريكا" عقب مراجعة أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية "للدعم والمساعدة العسكرية الأمريكية للدول الأخرى".
وأعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان لها أن "أي تأخير أو مماطلة في دعم القدرات الدفاعية لأوكرانيا لن يؤدي إلا إلى تشجيع المعتدي على مواصلة الحرب والإرهاب، بدلاً من السعي إلى السلام".
وشددت الوزارة بشكل خاص على ضرورة تعزيز كييف لدفاعاتها الجوية، في ظل استمرار روسيا في قصف البلاد بالصواريخ والطائرات المسيرة بشكل شبه يومي.
ووُجهت دعوة إلى دبلوماسي أمريكي مقيم في كييف لإجراء محادثات مع وزارة الخارجية الأوكرانية، الأربعاء. ومع ذلك، صرّحت وزارة الدفاع الأوكرانية بأنها لم تتلقَّ أي إخطار رسمي من الولايات المتحدة بشأن "تعليق أو مراجعة" شحنات الأسلحة، وحثّت الناس على عدم التكهن بناءً على معلومات جزئية.
لكن الوزارة قالت في بيان لها، إن السبيل لإنهاء الحرب هو "من خلال الضغط المستمر والمشترك على المعتدي".
وفي نهاية الأسبوع، تعرّضت أوكرانيا لأكبر هجوم جوي لها منذ بدء الغزو الروسي الشامل، حيث أُطلقت أكثر من 500 طائرة بدون طيار وصواريخ باليستية وصواريخ كروز على مدنها.
ولم يُعلن المسؤولون الأمريكيون فوراً عن الشحنات التي سيتم إيقافها.
لكن وفقاً لقناة إن بي سي NBC الأمريكية، قد تشمل الأسلحة المُؤجّلة صواريخ باتريوت الاعتراضية، وذخائر هاوتزر، وصواريخ، وقاذفات قنابل يدوية.
ومنذ أن شنّت روسيا غزوها الشامل على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، قدّمت الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، ما دفع البعض في إدارة ترامب إلى التعبير عن مخاوفهم من انخفاض المخزونات الأمريكية بشكل كبير.
من جانبه، رحّب الكرملين بخبر خفض شحنات الأسلحة، قائلاً إن خفض تدفق الأسلحة إلى كييف سيساعد على إنهاء الصراع بشكل أسرع.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين "كلما قلّ عدد الأسلحة المُسلّمة إلى أوكرانيا، اقتربت نهاية العملية العسكرية الخاصة".
وقال فيدير فينيسلافسكي، النائب عن الحزب الحاكم في أوكرانيا، إن القرار "مؤلم، وعلى خلفية الهجمات الإرهابية التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، فإنه وضع مزعج للغاية".
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر عسكري أوكراني قوله إن كييف "تعتمد بشكل كبير على إمدادات الأسلحة الأمريكية، على الرغم من أن أوروبا تبذل قصارى جهدها، لكن سيكون الأمر صعباً علينا بدون الذخيرة الأمريكية".
وأنفق حلفاء أوكرانيا الأوروبيون مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية على مدى السنوات الثلاث والنصف الماضية.
ومع ذلك، فإن الدعم العسكري لكييف لا يحظى بتأييد جميع الأطياف السياسية.
فعلى سبيل المثال، كان الرئيس التشيكي والرئيس السابق للّجنة العسكرية لحلف الناتو، بيتر بافل، داعماً قوياً لأوكرانيا، لكنه صرّح لقناة بي بي سي الخدمة الروسية بأنه "لا يستطيع ضمان" استمرار دعم كييف بالذخيرة، إذ يعتمد ذلك على نتيجة الانتخابات التشيكية المقبلة.
وقال: "لا أعرف ما هي أولويات الحكومة الجديدة".
وقالت المسؤولة الأمريكية آنا كيلي لشبكة سي بي إس نيوز إن خطوة البنتاغون تستند إلى مخاوف من انخفاض مخزونات الجيش الأمريكي بشكل كبير، مع أنها أكدت أن "قوة القوات المسلحة الأمريكية لا تزال غير قابلة للشك – فقط اسألوا إيران!".
وفي سياق منفصل، صرّح وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية، إلبريدج كولبي، في بيان بأن وزارة الدفاع "تواصل تزويد الرئيس بخيارات قوية لمواصلة المساعدات العسكرية لأوكرانيا".
ومع ذلك، أضاف أن "الوزارة تدرس بدقة وتُكيّف نهجها لتحقيق هذا الهدف مع الحفاظ على جاهزية القوات الأمريكية لأولويات الإدارة الدفاعية".
ويأتي هذا التوقف بعد أقل من أسبوع من مناقشة الرئيس دونالد ترامب مسألة الدفاعات الجوية مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في هولندا.
وصرح ترامب، رداً على سؤال من بي بي سي حول تزويد أوكرانيا بأنظمة باتريوت إضافية مضادة للصواريخ، بأن المسؤولين الأمريكيين "سيرون إمكانية توفير بعضها".
وفي إشارة إلى محادثته مع زيلينسكي، قال ترامب "مررنا بأوقات عصيبة في بعض الأحيان، لكنه كان في غاية اللطف".
وشهد المكتب البيضاوي في مارس/ آذار من هذا العام الجاري مواجهة حامية الوطيس بين الرجلين. وبعد ذلك، أعلن ترامب تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا التي كانت مخصصة لها من قبل إدارة بايدن السابقة. كما عُلق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا.
لكن كلا التوقفين رُفعا لاحقاً.
وفي أواخر أبريل/ نيسان، وقّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا اتفاقيةً تتيح للولايات المتحدة الوصول إلى احتياطيات أوكرانيا من المعادن النادرة مقابل مساعدة عسكرية.
في غضون ذلك، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء، وذلك لأول مرة منذ أكثر من عامين ونصف.
وأفاد مكتب ماكرون أنهما تحدثا هاتفياً لأكثر من ساعتين، مضيفاً أن الرئيس الفرنسي حثّ على وقف إطلاق النار في أوكرانيا وبدء محادثات للتوصل إلى "تسوية راسخة ودائمة للصراع".
وأعلن الكرملين أن بوتين "ذكّر ماكرون" بأن سياسة الغرب هي المسؤولة عن الحرب، لأنها "تجاهلت لسنوات طويلة المصالح الأمنية لروسيا".
وفي الشهر الماضي، صرّح الزعيم الروسي، في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ بأنه يرى الروس والأوكرانيين شعباً واحداً، و"بهذا المعنى، فإن أوكرانيا بأكملها ملك لنا".
وتسيطر موسكو حالياً على حوالي 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014.
وحققت روسيا تقدماً بطيئاً ومضنياً في أوكرانيا خلال الأشهر الأخيرة، وأعلنت سيطرتها الكاملة على منطقة لوغانسك الشرقية هذا الأسبوع. كما زعمت أنها سيطرت على أراضٍ في منطقة دنيبروبيتروفسك الجنوبية الشرقية.
في غضون ذلك، أسفر هجوم أوكراني يوم الثلاثاء عن مقتل ثلاثة أشخاص في مصنع روسي لإنتاج الأسلحة، يُستخدم في تصنيع الطائرات بدون طيار والرادارات، في إيجيفسك، على بُعد أكثر من ألف كيلومتر من الحدود مع أوكرانيا.