آخر الأخبار

القدس تئنّ تحت وطأة الحصار منذ اندلاع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية

شارك





لا تتمكن المقدسية "س. أ." من إخفاء قلقها المفرط على مسيرة ابنتها الأكاديمية التي تتهيأ للتقدم لامتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) في القدس ، وعلى مصير هذه الامتحانات التي ستعقد في ظل حالة الطوارئ بسبب الحرب المشتعلة بين إسرائيل و إيران .

تعيش هذه الأسرة في حي كفر عقب خلف جدار الفصل العنصري ، وتقع المدرسة التي ستعقد فيها امتحاناتها ببلدة بيت حنينا داخل الجدار، والتي يتطلب الوصول إليها اجتياز إما حاجز قلنديا أو حزما العسكريين.

هذه الطالبة تنضم لآلاف الطلبة المقدسيين الآخرين الذين طرأ تعديل على جدول امتحاناتهم بسبب توصيات الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي بإغلاق أماكن التعليم حتى يوم السبت الموافق 21 يونيو/حزيران الجاري، وهو تاريخ انعقاد أول امتحانات الثانوية العامة.

ورغم السماح بعقد سائر الامتحانات في موعدها على أن تكون بمدارس تضم ملاجئ، فإن الوصول إلى القاعات في الوقت المحدد يعدُّ أكبر معضلة أمام الطلبة مع إحكام القبضة على المدينة، وإغلاق مزيد من مداخل القرى والبلدات المحيطة بالقدس.

تنقل يخضع للمزاج

ففي 15 يونيو/حزيران الجاري، أي في اليوم الثالث من المواجهة بين إسرائيل وإيران، نصب جيش الاحتلال بوابتين على المدخل الشرقي والغربي لبلدة حزما شمال شرق القدس، بينما نُصبت بوابة أخرى في 18 يونيو/حزيران على المدخل الشمالي الشرقي والوحيد لبلدة عناتا شمال شرق المدينة أيضا.

إعلان

يحمل معظم أهالي بلدة حزما هوية الضفة الغربية الفلسطينية (الخضراء)، بينما يحمل بعض سكان عناتا الهوية الإسرائيلية (الزرقاء) ، وتحولت البلدتان بقوة الاحتلال إلى سجن كبير، حسب وصف السكان.

من جهته، قال رئيس بلدية حزما نوفان صلاح الدين -للجزيرة نت- إن مداخل البلدة كافة باتت الآن مغلقة بالبوابات أو بالمكعبات الإسمنتية، فبعد إغلاق المدخل الجنوبي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ببوابة حديدية ومكعبات إسمنتية، أُغلق المدخلان الشرقي والغربي اللذان يبعدان عن بعضهما مسافة 200 متر فقط ببوابات حديدية أيضا.

"هكذا سُجن نحو 10 آلاف فلسطيني قسرا، ونصف هؤلاء من العمال والموظفين وطلبة المدارس والجامعات ممن يضطرون لمغادرة البلدة إلى وجهات مختلفة، وتحركهم الآن منوط بفتح البوابات أو إغلاقها".

وأضاف صلاح الدين أن أهالي حزما يعتمدون على مدينتي رام الله والقدس في العلاج والمراجعات الطبية، والآن بات الوصول إلى المدينتين صعبا جدا، ذلك أن الحواجز باتجاه مدينة رام الله مغلقة معظم الوقت كحاجزي جبع وبيت إيل، والوصول إلى مستشفيات القدس يحتاج إلى تصاريح خاصة وتنسيق، ومن ثم فإن حصار البلدة يؤثر بشكل خطير على المرضى وكبار السن من أصحاب الأمراض المزمنة.



%90 من البلدة مُصادَر

وتطرق رئيس البلدية إلى التضييقات الممتدة لسنوات على حزما قائلا إن مساحتها التاريخية تبلغ 10 آلاف و400 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وإن السكان حُصروا للعيش على مساحة ألف دونم فقط.

وأضاف أن "نصف أراضي القرية عزلت بعد بناء الجدار وأصبحت تقع داخله، والنصف الآخر تصنيفه (ب) و(ج) وفقا لاتفاقية أوسلو، وفي الفترة الحالية تُطوّق البلدة بالاستيطان، خاصة الطرق التي تمّ شقّها لأجل المستوطنين في كلٍ من مستوطنة آدم وبسجات زئيف ونفيه يعقوب وعلمون".

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الذي اندلعت فيه الحرب، تشهد حزما وفقا لرئيس بلديتها هجمة تستهدف 3 آلاف دونم في المنطقة الشرقية بـ"الاستيطان الرعوي"، وأدى ذلك لتهجير عائلات تقطن في تلك المنطقة منذ مئات السنين، ولم يعد متاحا الوصول إلى تلك الأراضي.

مصدر الصورة الرفاعي: تنقل نحو 130 ألف مواطن يخضع يوميا لمزاج جيش الاحتلال الذي يتحكم في فتح وإغلاق تلك البوابات (الجزيرة)

بدوره، قال المستشار الإعلامي لمحافظة القدس معروف الرفاعي -الذي ينحدر من بلدة عناتا- إن عدد سكانها الذين تأثروا بشكل مباشر مع نصب البوابة الحديدية الجديدة يتراوح بين 40 إلى 50 ألف نسمة، ويضاف إليهم سكان ضاحية السلام ومخيم شعفاط ورأس خميس ورأس شحادة الذين يفضلون المرور من مدخل هذه البلدة، بدلا من حاجز مخيم شعفاط بسبب التضييقات الكبيرة عليه.

إعلان

ومن ثم، يسلك هذه الطريق نحو 130 ألف مواطن يوميا، وستتحكم هذه البوابة في حركتهم، لأن فتحها وإغلاقها يخضع لمزاج جيش الاحتلال، وفقا للرفاعي.



85 عائقا حول المدينة

وضعت البوابة على المدخل الشمالي الشرقي لعناتا وحوّلت البلدة إلى سجن كبير، وأعادت هذه الخطوة التعسفية إلى الأذهان -وفقا لمستشار المحافظة الإعلامي- الظروف القاسية التي عانى منها سكان مخيم شعفاط بأحيائه الخمسة سواء بعمليات الهدم أو الاقتحامات المتكررة وما يرافقها من حملات اعتقال.

مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان رامي صالح استهلّ حديثه -للجزيرة نت- بالقول إنه يوجد حاليا 85 عائقا حول مدينة القدس، بما يشمل حواجز عسكرية وسواتر ترابية وبوابات حديدية، ثُبّت آخرها عند مداخل بلدتي حزما وعناتا، بهدف منع وصول الفلسطينيين إلى المدينة، وتقطيع أوصال المدينة المقدسة عن امتدادها الجغرافي والطبيعي والاجتماعي.

وتابع أنهم -بوصفهم حقوقيين- يرون في ذلك انتهاكا للقانون الدولي والحقوق الأساسية للإنسان، خاصة في ما يتعلق بحرية الحركة والتنقل وسهولة وصول المرضى إلى العيادات والمستشفيات في الوقت المناسب والمصلّين إلى دور العبادة.

وأضاف: "من خلال لقاءاتنا المختلفة مع المجتمع المحلي، نؤكد أن هذه الحواجز منعت من الاستمرار في التواصل الاجتماعي بشكل سليم، ونشير إلى أن عدد المراجعين للمركز، خاصة أولئك القادمين من شمال القدس، سواء من مخيم شعفاط أو كفر عقب تراجع إلى صفر".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا