في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد ساعات على انتهاء مهلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران من أجل التوصل إلى اتفاق نووي، التي تزامنت مع تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية يتهم طهران بعدم الامتثال لالتزاماتها بالضمانات النووية، شنت إسرائيل هجمات غير مسبوقة على مواقع عسكرية ونووية في محاولة لمنع إيران من تحقيق مزيد من التقدم نحو امتلاك أسلحة نووية، لكن الضربات قد تأتي بنتيجة عكسية تماما.
واستهدفت إسرائيل قواعد صاروخية ومواقع نووية وعلماء في مجال الطاقة النووية وأفرادا عسكريين، ويعد هؤلاء جميعا أجزاء من برنامج محتمل للأسلحة النووية.
تقول ماريون ميسمير الباحثة البارزة في برنامج الأمن الدولي في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" البريطاني -في تحليل نشره موقع المعهد- إن إسرائيل هددت منذ وقت طويل بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني .
وجاءت الهجمات خلال فترة تشهد تجدد الدبلوماسية النووية بين الولايات المتحدة وإيران. كما أعقبت تصويتا رسميا لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لصالح مذكرة تعلن انتهاك إيران التزاماتها المتعلقة بعدم الانتشار النووي.
وأعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها إزاء المواد النووية التي لم تعلن عنها إيران، وأن مراقبة الوكالة لأنشطة التخصيب في البلاد أصبحت صعبة بصورة متزايدة.
وذكرت ميسمير أن تقريرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية حذر من أن إيران لديها يورانيوم مخصب كاف لصنع 9 أسلحة نووية. وكانت الوكالة تهدف عن طريق التقرير والتصويت للإشارة إلى مدى خطورة الموقف، وإفساح المجال لإيران للعودة إلى الالتزام بعمليات التفتيش التي تجريها الوكالة.
وتؤكد الولايات المتحدة أنها لم تشارك في الهجمات، لكنها أبعدت دبلوماسييها عن المنطقة الخميس الماضي، مما يشير إلى علمها بأن الهجمات على وشك أن تقع، وأنها لم تقدر أو لم تكن تريد أن توقف إسرائيل.
وكان من المفترض أن يلتقي الدبلوماسيون مجددا اليوم الأحد لإجراء جولة مفاوضات جديدة، لكن هجمات إسرائيل أوقفت الحل الدبلوماسي حاليا.
ويزعم ترامب الآن أن الهجمات الإسرائيلية كانت جزءا من إستراتيجية أميركية لإرغام إيران على القبول باتفاق.
وتشير الباحثة البريطانية إلى أن إسرائيل قالت منذ وقت طويل إنها لا يمكن أن تقبل ببرنامج نووي إيراني، وتعدّه تهديدا وجوديا. ويبدو أنه في ظل إضعاف الدفاعات الجوية الإيرانية جراء ضربات العام الماضي، وتقدم الدبلوماسية النووية الأميركية بوتيرة بطيئة، قررت إسرائيل أن شن ضربة وقائية هو أفضل خيار لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية .
ورغم ذلك، قد يترتب على الضربة الوقائية أثر عكسي. لقد راهنت إيران منذ أمد طويل على أسلحتها النووية، في وقت تبنت فيه اتجاهات سياسية مختلفة داخل الحكومة آراء متباينة بشأن المخاطر والمزايا المترتبة على تطوير أسلحة نووية. وظلت إيران في مستوى أدنى مباشرة من عتبة صنع سلاح نووي، مشيرة إلى قدرتها على تطوير قنبلة، لكنها لم تصل إلى المستوى الذي تصبح عنده قوة نووية.
وأوضحت ميسمير أن هذه الفترة انتهت الآن. وإذا تم اعتبار أن التهديد العسكري من قبل إسرائيل متزايد، وأن الاستقرار في المنطقة يتراجع، فقد يعززان دعوة المحافظين المؤيدين لأن تصنع إيران أسلحة نووية.
وفي هذا السيناريو، قد تقرر طهران الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي "إن بي تي" (NPT)، وطرد مفتشي الوكالة الدولية، والإعلان عن رفع مستوى التخصيب إلى درجة تصنيع سلاح نووي. وهذه الخطوة قد تكون استعراضية أو مقدمة لمسار فعلي نحو القنبلة.
وإذا استمرت إسرائيل في مهاجمة المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، لتكشف بصورة متكررة ضعف الردع التقليدي لديها، سيكون لدى طهران حافز قوي لصنع سلاح نووي أولي بأسرع ما يمكنها، لردع أي ضرر إضافي لمنشآتها وإظهار أنها قادرة على الدفاع عن سيادتها.
وبالتزامن مع هذه الهجمات، قال الجيش الإسرائيلي إنه "منذ بداية الحرب تم رصد تقدم ملموس في جهود النظام الإيراني لإنتاج مكونات أسلحة يمكن استخدامها لصنع قنبلة نووية".
ولا تخلو هذه الإستراتيجية من مخاطر. وتشير التقديرات الاستخباراتية الحالية إلى أن إيران لديها مواد نووية تكفي لصنع 9 قنابل نووية، ولا يكفي هذا لتشكيل ترسانة إستراتيجية خطيرة.
لكن مسؤولا عسكريا إسرائيليا قال إن إيران تمتلك ما يكفي من المواد النووية لصنع 15 قنبلة نووية خلال أيام.
وتشير التقديرات إلى أن الترسانة النووية الإسرائيلية تفوق هذه الأعداد بكثير. كما ستواجه الحكومة الإيرانية أيضا خيارا صعبا فيما يتعلق بكيفية الإشارة إلى وضعها النووي الجديد.
ومن المرجح أن يكون من الصعب إخفاء هذا النشاط تماما نظرا لحجم الإمكانيات الاستخباراتية التي تضع إيران نصب عينيها سواء من جانب إسرائيل أو أميركا أو غيرهما.
وقد يؤدي اندفاع إيران لصنع سلاح نووي أيضا إلى تغيير الحسابات الإستراتيجية الإسرائيلية إلى حد دراسة إسرائيل استخدام سلاح نووي ضد المنشآت النووية الإيرانية.
يشار إلى أن الموقع النووي في نطنز محصن، ويقع على عمق كبير تحت الأرض. ولم يتم تسجيل تسرب إشعاعي حتى الآن.
وقالت ميسمير إن الخطر الذي قد ينتج عن مهاجمة إسرائيل لمنشآت نووية قد يكون انبعاث إشعاعات يمكن أن تضر السكان والبيئة في المنطقة، بما يمتد إلى ما وراء إيران بكثير. وعلاوة على ذلك، يصعب تقييم الضرر الذي قد تتعرض له منشأة التخصيب.
وغالبا ما ترى الدول النووية أن الأسلحة النووية تظل لها فائدة حيث تستطيع أن تدمر أهدافا محصنة لا يمكن للأسلحة التقليدية إلحاق ضرر بها.
وأوضحت الحكومة الإسرائيلية أنها مصممة على القضاء على البرنامج النووي الإيراني. لكن إذا لم تتمكن من تدمير المنشآت النووية بوسائل أخرى، هل ستخاطر باستخدام الأسلحة النووية لإنهاء المهمة؟
وترى ميسمير أن أي ضربة نووية تهدف إلى القضاء على برنامج نووي جاري تطويره سوف يزعزع استقرار بنية الأمن الدولي برمتها.
وأشارت ميسمير -في نهاية تحليلها- إلى أنه قبل الضربات الجوية الإسرائيلية، بدا أن إيران والولايات المتحدة على استعداد للتوصل إلى حل دبلوماسي، وهو أمر مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لمنع حدوث تصعيد لا يمكن التنبؤ به.