في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت- كشفت الانتخابات البلدية في لبنان ، التي تجرى على 4 مراحل خلال مايو/أيار الحالي، عن إقبال غير مسبوق من الشباب على الترشح لمناصب عضوية المجالس البلدية والاختيارية (انتخاب المختار) في مختلف المحافظات.
ويأتي هذا الإقبال في إطار رغبة حقيقية في ضخ روح جديدة في الحياة السياسية المحلية، والسير قدما في مسار التغيير والمشاركة الفاعلة في صنع القرار، لا سيما في ظل العصر الرقمي الذي يشهد تطورا متسارعا في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
ووفق الجدول الزمني المعلن، تجري الانتخابات كما يلي:
وتعود أسباب إقبال الشباب هذا على الترشح حسب مراقبين، إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:
ويرى مراقبون أن هذا الحراك يشكل مؤشرا واعدا على نضج سياسي متنامٍ لدى الأجيال الجديدة التي بدأت تتحرر من الأطر التقليدية وتطمح إلى بناء نموذج جديد في العمل البلدي يرتكز على الكفاءة والشفافية وخدمة المواطن.
وأفاد مصدر رسمي مطلع على سير عملية الترشيح للانتخابات البلدية والاختيارية (المخاتير)، للجزيرة نت، بوجود "اندفاع لافت" من فئة الشباب والشابات للترشح لعضوية المجالس البلدية في مختلف المناطق ومن دون استثناء.
واعتبر أن ما يجري هو سابقة من حيث الأعداد، مرجحا أن يكون الدافع الأساسي وراء هذا الحضور الشبابي هو ارتفاع مستوى الوعي السياسي، لا سيما أن معظم المرشحين منهم يتمتعون بمؤهلات علمية وثقافية، وهم ناشطون في مجتمعاتهم ويُعوَّل عليهم في التغيير.
وأضاف المصدر ذاته: "لا تتوافر لدينا حتى الآن أرقام دقيقة، إذ إن جمعها وتحليلها يتطلب بعض الوقت، لكن من خلال متابعتنا ومراقبتنا، يمكننا الجزم بأن هذه المرة الأولى التي نشهد فيها هذا النوع من الإقبال، وقد اجتزنا مرحلة الترشيح بسلاسة، وبشكل حضاري ومنظم وناجح".
من جانبه، يرى أحمد سعيد عكرة، المرشح لمنصب نائب رئيس بلدية صيدا ضمن لائحة "سوا لصيدا"، أن ترشّح عدد كبير من الشباب في هذه الانتخابات يعكس تحولا نوعيا في المشهد المحلي، تقوده الرغبة في التغيير، والشعور بالمسؤولية، والتطلع إلى دور فاعل في صناعة القرار.
وأوضح للجزيرة نت أن أول ما يدفع الشباب إلى الترشح هو قناعتهم بأن المجالس البلدية لم تعد تعبر عنهم بشكل كافٍ، مشيرا إلى أن هذا الجيل يتميز باندفاعه نحو إدخال أفكار جديدة وأساليب عمل مبتكرة تساعد في خدمة أبناء المدينة بطرق أكثر كفاءة وسرعة.
ووفق عكرة، فإن الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع هو العامل الثاني الذي يحفز الشباب على خوض غمار العمل البلدي، مشددا على أنهم يدركون أن عليهم دورا حقيقيا في خدمة الناس ومعالجة قضاياهم خصوصا في ما يتعلق بالتعليم والتكنولوجيا والرياضة والصحة، لافتا إلى أن كثيرين من جيله أثبتوا جدارتهم بعد وصولهم إلى مواقع مؤثرة وتنفيذهم تغييرات ملموسة في مجتمعاتهم.
وتابع "نعيش في عصر الشباب والتطور التكنولوجي و الذكاء الاصطناعي ، ومن الطبيعي أن يكون هذا الجيل هو الأقدر على التعبير عن روح العصر"، مؤكدا أن الشباب لم يعودوا مستعدين لدور المتفرج، بل يسعون بجدية لأن يكونوا شركاء فعليين في صناعة القرار المحلي ورسم ملامح المستقبل.
من ناحيتها، اعتبرت المهندسة آية عبد الباسط البلولي، المرشحة لعضوية المجلس البلدي في مدينة صيدا، أن مشاركة فئة الشباب مؤشر على تغيير واسع قادم.
وقالت للجزيرة نت إن مشاركة الشباب في العمل البلدي والسياسي هي مؤشر واضح على وعي الجيل الجديد، ورغبته في لعب دور فاعل في إدارة شؤون مدينته ومجتمعه، و"هذا الحضور ليس فقط كعدد، بل كنوعية ومبادرات، يدل على أننا أمام جيل لم يعد يرضى بدور المتفرّج، بل يريد أن يكون جزءا من صناعة القرار ورسم المستقبل".
وبرأي البلولي، فإن هذه المشاركة مقدمة لتحول أعمق في المشهد السياسي خاصة في المدن التي كانت تُعتبر الساحة السياسية فيها مغلقة أو محتكرة، وهي بداية تحول حقيقي، "فعندما يتحول الحماس والرغبة بالتغيير إلى برامج عمل ومواقع مسؤولية، يصبح من الممكن خلق دينامية جديدة على مستوى الأداء البلدي، وربما تنتقل العدوى إلى باقي المستويات السياسية، وهذا التحول يعكس نضجا سياسيا ورغبة في إصلاح فعلي".
وأشارت إلى أن ظاهرة ترشح الشباب ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم "العهد السياسي الجديد" الذي يطالب به الناس، وهو يقوم على الشفافية والمحاسبة والكفاءة والشراكة.
وأضافت أن هذه القيم يتبناها الشباب بقوة، ومشاركتهم اليوم تمثل تجسيدا عمليا لمبادئ هذا العهد، ومحاولة لبناء نموذج جديد في العمل البلدي يقوم على إشراك الكفاءات لا الولاءات، ويضع خدمة الناس فوق كل اعتبار، "فوجود الشباب في الحياة العامة يشكل رافعة حقيقية لهذا التغيير المنتظر".