في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
لم تفلح الضربات الأميركية المكثفة في وقف هجمات الحوثيين التي باتت تتجاوز البحر الأحمر، لتصل إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.
ففي أحدث فصول الصراع، تمكنت منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي من اعتراض صواريخ باليستية أطلقها الحوثيون من اليمن، في خطوة تؤكد استمرار الجماعة في نهجها التصعيدي رغم الضغوط العسكرية الأميركية.
هذا التطور يطرح تساؤلات حيوية حول مدى فاعلية الحملة الجوية الأميركية، وما إذا كانت كفيلة بردع الحوثيين أو الحد من قدراتهم العسكرية.
في تحليله، يرى الصحفي هاني مسهور خلال استضافته في برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن استمرار الحوثيين في استهداف إسرائيل بعد الهجمات الأميركية يظهر عجزا استراتيجيا في إدراك طبيعة هذه الجماعة.
وأضاف أن الحوثيين ليسوا جيشا نظاميا يمتلك هيكلية عسكرية تقليدية يمكن إضعافها من خلال الضربات الجوية، بل هم مجموعة تتميز بأسلوب حرب العصابات والتنظيم العنقودي، مما يمنحهم القدرة على إعادة التموضع والتحرك بمرونة.
وأشار مسهور إلى أن الضربات الجوية تحقق تأثيرا تكتيكيا فقط، لكنها غير قادرة على إحداث شلل استراتيجي للجماعة، حيث يعتمد الحوثيون على شبكة سرية من الأنفاق والمخابئ في التضاريس اليمنية الصعبة لحماية منظوماتهم الصاروخية.
إيران في الخلفية.. دعم استراتيجي أم تحالف قابل للتفاوض؟
لطالما وجهت أصابع الاتهام إلى إيران باعتبارها المزود الأساسي للحوثيين بالأسلحة والتقنيات العسكرية، لكن يبقى السؤال: هل يمكن أن تتخلى طهران عنهم تحت وطأة الضغط الأميركي؟
يرى مسهور أن إيران تعتبر الحوثيين جزءًا من استراتيجيتها الإقليمية، لكنها قد تضطر إلى مراجعة دعمها لهم إذا تعرضت لضغوط دولية أكبر.
وأضاف: "إيران تستخدم الحوثيين كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة وحلفائها، لكنها ليست مستعدة لخوض مواجهة مباشرة بسببهم. وبالتالي، كلما زادت الضربات الأميركية، زادت احتمالية أن تعيد طهران حساباتها وتُخفف من دعمها العسكري لهم".
وفي هذا السياق، نقلت تقارير استخباراتية غربية أن واشنطن تسعى إلى قطع قنوات الإمداد الإيرانية للحوثيين عبر فرض عقوبات أشد على شبكات التهريب التي تمر عبر البحر الأحمر.
هل تتحول الضربات الجوية إلى تدخل بري؟
مع تصاعد المواجهة، يبرز تساؤل استراتيجي: هل يمكن للولايات المتحدة تحقيق أهدافها عبر القصف الجوي وحده، أم أن الأمر يستدعي مقاربة عسكرية مختلفة؟.
يرى مسهور أن الاعتماد على الضربات الجوية كوسيلة وحيدة غير كافٍ، ويقول: "التاريخ العسكري يؤكد أن الضربات الجوية وحدها لا تحسم صراعا ضد ميليشيا غير مركزية مثل الحوثيين. المطلوب هو مزيج من العمليات البرية المحدودة عبر قوات يمنية مدعومة استخباراتيا، وتكثيف الحصار البحري والجوي لشل خطوط الإمداد".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها أمام خيارين معقدين:
الأول: الاستمرار في الضربات الجوية، مع تحمل تبعاتها في حال لم تؤدِ إلى إنهاء قدرة الحوثيين على تهديد الملاحة البحرية أو استهداف إسرائيل.
الثاني: التحول إلى عمليات أكثر عمقًا تشمل دعمًا بريًا غير مباشر عبر قوات يمنية وإقليمية، وهو خيار يحمل مخاطر توسع الصراع إقليميًا.
واشنطن في مأزق.. التصعيد أم احتواء الأزمة؟
ويختتم مسهور تحليله بالقول: "ما نشهده اليوم ليس مجرد عمليات عسكرية متبادلة، بل هو جزء من إعادة تشكيل توازنات القوة في الشرق الأوسط. الحوثيون أثبتوا قدرتهم على المناورة والبقاء رغم الضغوط، والولايات المتحدة أمام معادلة صعبة: إما فرض حل جذري، أو المخاطرة باستنزاف طويل الأمد قد يغير شكل المعادلة الإقليمية".