أفاد تقرير نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية بأن قراصنة إنترنت من كوريا الشمالية تمكنوا من سرقة ما يعادل 1.5 مليون دولار أميركي من منصة (باي بِت) للعملات الرقمية ومقرها دبي.
وأوضحت أن باي بِت -واحدة من أكبر منصات تداول العملات الرقمية في العالم- تعرضت في 21 فبراير/شباط الماضي لأضخم عملية سطو في تاريخ العملات الرقمية.
ففي غضون دقائق، سُرق ما قيمته 1.5 مليار دولار من العملة الرقمية "إيثيريوم" من حسابات المنصة، مما جعل كوريا الشمالية مرة أخرى في دائرة الاتهام من قِبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) ومحققين مستقلين، باعتبارها أحد الفاعلين البارزين في الهجمات السيبرانية العالمية.
وهي اتهامات عادة لا تورد الصحف الأجنبية وجهة نظر كوريا الشمالية بشأنها.
ووفقا لإيكونوميست، تمكنت كوريا الشمالية في عام 2024 من جمع ما قيمته 1.34 مليار دولار عبر 47 عملية قرصنة، وهو ما يمثل أكثر من 60% من إجمالي الأموال المسروقة عالميا عبر العملات الرقمية.
وتزعم المجلة أن القراصنة الكوريين الشماليين أثبتوا علو كعبهم في هذا المجال، مما يجعلهم يشكّلون أحد أكبر التهديدات لصناعة العملات الرقمية.
وتقول المجلة البريطانية إن عمليات القرصنة التي تقوم بها كوريا الشمالية هي ثمرة جهود استمرت لعقود من الزمن، ويعود تاريخها إلى بناء أول مدرسة لعلوم الحاسوب في الثمانينيات، واستثمرت بشكل كبير في تدريب أفضل المواهب المحلية على الرياضيات والتكنولوجيا.
وأشارت إلى أن النظام في بيونغ يانغ يخصص الموارد لأبناء البلاد الموهوبين، ويوفر لهم تدريبات خاصة، ويعفيهم من الخدمة الإلزامية في الأرياف.
وكان الزعيم كيم جونغ أون قد وصف الحرب السيبرانية بأنها "سلاح متعدد الاستخدامات"، مُبرزا أهميته كأداة حيوية للنظام.
وحسب المجلة، تنطوي سرقة العملات الرقمية على مرحلتين رئيسيتين: الأولى هي اختراق الأنظمة المستهدفة عبر العثور على الممرات الرقمية الخفية للوصول إلى الخزائن في أقبية البنوك، ويمكن في هذه الحالة إدراج شيفرات خبيثة في رسائل بريد إلكتروني مخادعة.
وثمة طريقة أخرى تتمثل في تظاهر العملاء الكوريين الشماليين بأنهم موظفون ويغرون مطوري البرمجيات بفتح ملفات مصابة بفيروسات إلكترونية أثناء إجراء مقابلات توظيف وهمية معهم.
ويستخدم القراصنة طرقا مثل "المزج" و"القفز بين العملات" لنقل الأموال بين محافظ رقمية مختلفة ومزجها بأموال نظيفة، مما يجعل تتبعها أكثر صعوبة.
وقد بدأت كوريا الشمالية في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة رسائل التصيد الاحتيالي، وزيادة قدرة القراصنة على اختراق الشركات في أدوار تقنية عن بعد.
ورغم الجهود المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية لمواجهة جرائم كوريا الشمالية في الفضاء السيبراني -حسب تعبير إيكونوميست- يظل التنسيق بين الدول هشا.
وتتطلب معالجة المشكلة جهودا متعددة الأطراف بين الحكومات والقطاع الخاص، ولكن هذا التعاون يتصدع، فقد استخدمت روسيا حق النقض ( الفيتو ) في الأمم المتحدة لوقف برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة العام الماضي.
وطبقا للمجلة، فقد أثرت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخفض ميزانيات برامج التنمية والمساعدات الخارجية، التي تهدف إلى بناء قدرات الأمن السيبراني في البلدان المعرضة للخطر، على التعاون المشترك.
وتوضح إيكونوميست أن سرقة العملات الرقمية أضحت شريان حياة للنظام الكوري الشمالي، مما يعزز قدرته على مواجهة العقوبات الدولية ودعم مشاريعه العسكرية.
وأكد التقرير إلى أن التعاون الدولي القوي وتنظيم صناعة العملات الرقمية بشكل أفضل هما السبيل الوحيد لمواجهة هذا التهديد المتنامي.