القاهرة، مصر (CNN)-- وقعت الحكومة المصرية العديد من عقود الاستثمارات الصينية خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خلال الشهور الماضية، في قطاعات متعددة أبرزها الأقمشة والمنسوجات، ومواد البناء، والبتروكيماويات، وفق بيانات رسمية.
وأرجع خبراء أسباب تزايدت وتيرة الاستثمارات الصينية في مصر خلال الفترة الماضية، تزامنًا مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وعزمه فرض رسوم جمركية على بكين، مما جعل بعض الشركات الصينية تفكر في نقل جزء من خطوط إنتاجها لمصر لتجنب هذه الرسوم .
وفي سبتمبر/ أيلول، كشف مسؤول بهيئة الاستثمار المصرية عن عدد الشركات الصينية في مصر وبلغت 2066 شركة صينية تقدر استثماراتها نحو 8 مليارات دولار في قطاعات متنوعة مثل المنسوجات والملابس والأجهزة المنزلية والأعلاف الحيوانية وغيرها .
وخلال آخر عامين، جذبت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 128 مشروعًا بقيمة 6 مليارات دولار تمثل الاستثمارات الصينية منها 40%- وفق بيان لرئيس المنطقة وليد جمال الدين في سبتمبر- وخلال هذا العام أضيفت استثمارات جديدة أبرزها عقدين لمشروعين جديدين، بإجمالي استثمارات تبلغ 28 مليون دولار، في مجالات صناعة وطباعة وصباغة المنسوجات .
وقال نائب رئيس مجلس الأعمال المصري الصيني بجمعية رجال الأعمال المصريين، مصطفى إبراهيم، إن الجمعية استقبلت وفود من الصين خلال الفترة الماضية - بمعدل وفد كل أسبوعين تقريبا- لدراسة إنشاء استثمارات صينية في مصر أوالتوسع في مشروعات قائمة، خاصة وأن هناك رغبة جدية من الحكومة هناك لنقل مصانع صينية لمصر، مشيرا إلى أن الشركات الصينية تركز على الاستثمار في صناعات الأجهزة المنزلية والملابس والمنسوجات والأدوية .
ويرى إبراهيم، في تصريحات خاصة لـ "CNN بالعربية"، سبب تزايد إقبال الشركات الصينية على مصر، بأنها خطوة استباقية لمواجهة الرسوم الجمركية المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك من الاتحاد الأوروبي، علاوة على رغبة الصين في التخلص من بعض الصناعات ذات الانبعاثات المرتفعة، والتركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة المرتفعة مثل الصناعات التكنولوجية والهندسية، إضافة إلى تمتع مصر باتفاقيات تجارة حرة مع العديد من التكتلات الاقتصادية، مما يسمح بنفاذ منتجاتها إلى أسواق بإجمالي عدد سكان يصل لأكثر من 3 مليارات نسمة مثل اتفاقيات الكوميسا، والكويز، وأغادير، واتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، والميركسور .
وقدر مصطفى إبراهيم أن هناك أكثر من 30-40 شركة صينية ستضخ استثمارات جديدة في مصر خلال الفترة المقبلة بقيمة تقديرية مبدئية 2 مليار دولار، شريطة استمرار تقديم الحكومة حوافز وتسهيلات لسرعة إنشاء هذه الاستثمارات، وتحقيق استقرار في سوق الصرف، مضيفًا أن زيادة الاستثمارات الصينية في مصر يحقق عائد مشترك للبلدين، حيث تسمح مصر للصين بالنفاذ لأسواق عديدة بدون رسوم جمركية، في المقابل تستفيد مصر من زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير المزيد من فرص العمل، إضافة إلى تغطية الطلب المحلي وزيادة حجم التصدير للخارج .
وقال الخبير الاقتصادي، ونائب رئيس هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس سابقا، إبراهيم مصطفى، إن الشركات الصينية تستهدف نقل استثماراتها إلى مصر منذ فترة طويلة، نتيجة التحديات الجمركية التي تواجه المنتجات الصينية في الأسواق الأوروبية والأمريكية، مما دفعها إلى اتخاذ هذه الخطوة مستغلة وجود اتفاقيات تجار حرة بين مصر والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لإنتاج منتجات بمكونات محلية للنفاذ لهذه الأسواق باعتبارها منتجات مصرية، علاوة على أن موقع مصر الجغرافي يسمح بسهولة شحن هذه المنتجات لتصديرها للعديد من الأسواق .
وأشار مصطفى، في تصريحات خاصة لـ "CNN بالعربية"، إلى أن انخفاض التكلفة الاستثمارية في مصر كان عاملا جذابا أيضًا للشركات الصينية وكذلك التركية، لنقل استثماراتها إلى مصر للاستفادة من انخفاض التكلفة ونفاذ منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، لافتا إلى أبرز القطاعات التي شهدت استثمارات صينية وتركية ضخمة خلال الفترة الماضية وهي الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وتركزت جزء كبير منها في المنطقة الاقتصادية، مستشهدًا بمنطقة "أبو خليفة الصناعية" بالقنطرة غرب، والتي استقبلت العديد من الاستثمارات الصينية والتركية خلال الفترة الماضية، وهناك ما بين 10 إلى 15 شركة أخرى جديدة يستهدف أن تضخ استثمارات جديدة .
وذكر إبراهيم مصطفى أبرز المشروعات الصينية الكبرى في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومنها مصنع ضخم لإنتاج الحديد والفولاذ بمنطقة العين السخنة، من المستهدف افتتاحه خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى مصانع باستثمارات متفاوتة من 10 وحتى 70 مليون دولار في قطاع الملابس والنسيج، مشيرًا إلى أن منطقة أبو خليفة الصناعية تضم استثمارات صينية تتجاوز نصف مليار دولار من إجمالي 1.5 مليار دولار مستهدفة بالمنطقة .