دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN )-- توقع سياسيون مصريون استمرار العلاقات القوية بين الرئيسين المصري والأمريكي في ولايته الجديدة، وحدّدوا أبرز الملفات على أجندة التعاون بينهما، في مقدمتها أوضاع قطاع غزة وإعادة إعماره، وأزمة سد النهضة، والتعاون الاقتصادي بين البلدين مع حفاظ مصر على توازن في العلاقات مع روسيا والصين .
وشهدت الولاية الأولى لدونالد ترامب تقاربًا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ملفات سد النهضة والإرهاب والاستقرار في الشرق الأوسط. وبعد فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، أكد السيسي خلال تهنئته للرئيس الأمريكي عبر اتصال هاتفي، تطلع بلاده لاستكمال العمل المشترك، وفق بيان رئاسي.
وقال الأمين العام المساعد لحزب التجمع، عبد الناصر قنديل، إن "مصر كانت علاقتها دائمًا أفضل وأكثر حميمة في التعامل مع الإدارات الأمريكية الجمهورية أكثر من الديمقراطية".
فسر قنديل سبب ذلك في كون "الرؤساء الجمهوريين الذين تغلب على سياساتهم الطابع الاقتصادي يعطون مساحة أكبر للتوافق حول السياسات الاقتصادية والمصالح المشتركة بين النظم، والدليل على ذلك أن إدارة ترامب في رئاسته الأولى شهدت تقاربًا مع مصر، ورهان على دورها الواضح في المنطقة، واستخدمها كقوة ناعمة لحل الكثير من الأزمات والخلافات في الشرق الأوسط"، حسب قوله.
وقال قنديل، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية: "ظهرت بوادر ذلك في التصريحات الدبلوماسيين والمؤسسات المصرية التي أبدت ارتياحية" منذ عودة ترامب، متوقعًا تقاربًا بين الإدارتين المصرية والأمريكية وتنسيقًا مشتركًا في إدارة ملفات الشرق الأوسط، واتخاذ مواقف مشتركة، والاهتمام بملفات التعاون الاقتصادي بين البلدين .
وبشأن الأوضاع في غزة، أشار قنديل إلى أن "دور مصر وقطر يجرى الرهان عليه، لما يتمتعان به من ثقة من طرفي النزاع، وكذلك يكون مصر دولة جوار، مما يؤكد أهمية دورها... كما تستفيد (القاهرة) من وجود ترامب في حل أزمة سد النهضة، خاصة أن الرئيس الأمريكي كان له محاولة سابقة لإنهاء هذا الخلاف والتوتر بين مصر وأثيوبيا، وسيكمل هذه المحاولات الفترة المقبلة".
وتوقع رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، حفاظ مصر على علاقات يسودها الود والتفاهم مع الولايات المتحدة، "ولكن في الوقت نفسه دون أن تكون على حساب العلاقات مع روسيا والصين ودول تجمع بريكس بصفة عامة، وأن تحافظ مصر على تحقيق التوازن في السياسة الخارجية، وأن تحافظ على استقلالية قرارها، وأن تظل لها دورًا استراتيجي عربيًا وإفريقيًا" .
وبعد يومين من تنصيب ترامب، الأحد، تلقى السيسي اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تناولا خلاله 3 ملفات، تضمنت مناقشة مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس ومحطة الضبعة النووية التي تنفذها شركات روسية في مصر، وجهود التوصل لوقف إطلاق النار في غزة وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع، وصولا إلى الوضع في سوريا.
وأضاف الشهابي أن أبرز الملفات على أجندة الرئيسين المصري والأمريكي خلال الفترة المقبلة، ستشمل تحقيق الاستقرار في غزة وإعادة إعمار القطاع، قائلا إن "هناك توافقًا في الرؤية لدى البلدين بضرورة استمرار الاستقرار في غزة وسرعة بدء إجراءات إعادة الإعمار، مع التوصل لوقف مزيد من المستوطنات وإلزام إسرائيل باحترام القرارات الدولية" .
ومن المتوقع حدوث تحريك لملف سد النهضة، الذي تطالب مصر والسودان باتفاق ملزم لإثيوبيا بشأنه. قبيل نهاية فترته الأولى، كان ترامب قد تبنى مبادرة لاستضافة المفاوضات بين الدول الثلاث، ودعا إلى التوصل إلى حل ودي، وهو ما قُوبل بترحب رسمي مصر في ذلك الوقت.
وتخشى مصر والسودان من أن يؤثر السد على حصتهما التاريخية في مياه النهر، وسط جولات من المفاوضات ظلت ممتدة على مدار سنوات دون توافق.
ويرى رئيس حزب المستقلين الجدد، هشام عناني، أن علاقة مصر بالولايات المتحدة ليست قائمة على من يقود الولايات المتحدة، "ولكن قائمة على السياسة الخارجية لمصر المبنية على ثوابت وطنية وتحقيق مصلحة الأمن القومي المصري".
وأضاف عناني، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "مصر استطاعت خلال الفترة الماضية أن تستعيد جزءً كبيرًا من القوة الناعمة، وظهر ذلك في الحشد العربي والدولي تجاه وقف الحرب في غزة، ودور مصر الكبير لعدم تصفية القضية، وكانت هذه الجهود مثار تقدير من "ترامب" خلال خطاباته الماضية، والتي أكدت أن مصر صاحبة دوري محوري لا يمكن الاستغناء عنه في المنطقة" .
وحول التعاون بين السيسي وترامب بشأن سد النهضة وغزة، قال عناني إن "مصر تتعامل مع ملف غزة باعتباره أمن قومي مصري وليس كدولة جوار، وتتمسك دومًا بضرورة التوصل لحل للقضية الفلسطينية لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، أما بالنسبة لملف سد النهضة، فالدولة المصرية موقفها واضح منذ البداية بالاستناد على المعاهدات والمواثيق الدولية في التعامل مع دول حوض النيل ومنها أثيوبيا، وتدير هذا الملف بحكمة طبقًا للمتغيرات في المنطقة، وكذلك للمتغيرات الإقليمية والدولية" .