أعلنت وزارة الصحة بغزة اليوم الثلاثاء عن تسجيل 95 إصابة بمتلازمة غيلان باريه النادرة بينهم 45 طفلا، وذلك بعد يوم من إعلان 3 وفيات بالمتلازمة، وحذرت الوزارة من انتشار مقلق وسريع لها بين الفلسطينيين جراء تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي.
وأعلنت الوزارة أمس الاثنين عن 3 حالات وفاة -بينهم طفلان لم يتجاوزا 15 عاما- بمتلازمة غيلان باريه جراء سوء التغذية وفشل محاولات إنقاذهم لعدم توفر العلاج، محذرة من كارثة حقيقية معدية ومحتملة. ويأتي ذلك في وقت تعاني فيه مستشفيات غزة من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، وانهيار شبه كامل في قدراتها التشخيصية والعلاجية.
وجاء إعلان الوزارة في بيان للمدير العام للوزارة منير البرش الذي قال وفقا لوكالة الأناضول: إن هذه المتلازمة التي تصنف ضمن الأمراض النادرة، باتت تنتشر بشكل مقلق في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال. وأكد أن قطاع غزة سجل 95 إصابة بهذه المتلازمة خلال مدة قصيرة لم يحددها، بينهم 45 طفلا، في حين لا يتجاوز المعدل الطبيعي للإصابة بها حالة واحدة سنويا.
وتحدث متلازمة غيلان باريه -وهي اضطراب عصبي نادر- عندما يهاجِم الجهاز المناعي للإنسان عن طريق الخطأ جزءا من شبكة الأعصاب التي تحمل الإشارات من الدماغ والحبل الشوكي إلى باقي الجسم.
وتبدأ متلازمة غيلان باريه فجأة، وقد تشتد حدتها على مدار ساعات أو أيام أو أسابيع حتى تصبح عضلات معينة عاجزة عن الحركة تماما.
وفي 22 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الصحة بغزة تسجيل 45 حالة شلل رخو حاد بالقطاع خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز، في ارتفاع غير مسبوق بسبب تدهور الأوضاع البيئية والصحية وسوء التغذية.
والشلل الرخو الحاد هو حالة طبية خطيرة ترتبط بمتلازمة غيلان باريه وحالات طبية أخرى، ويتميز بضعف أو شلل عضلي سريع، ويصيب الأطفال بشكل رئيسي وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وغالبا ما يؤثر في العضلات المسؤولة عن التنفس أو البلع.
وتكون بعض حالات متلازمة غيلان باريه خفيفة جدا، وفي حالات أخرى تتسبب بشلل شبه مدمر، مما يجعل الشخص غير قادر على التنفس، وقد تؤثر في ضغط الدم أو معدل ضربات القلب، وفي هذه الحالات يكون الاضطراب مهددا للحياة.
ويمكن لمتلازمة جيلان باريه أن تؤثر في أي شخص من أي جنس أو عمر، ولا تعد معدية أو موروثة، والسبب الدقيق لها غير معروف، ولكن الدراسات تشير لوجود سبب متعلق بسوء التغذية، وتتبع معظم الحالات عدوى فيروسية أو بكتيرية، وهذا يدفع الجهاز المناعي لمهاجمة الجسم نفسه.
وأرجع البرش انتشار هذا المرض النادر بغزة إلى تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي. كما عدّ هذا الانتشار الذي وصفه بالسريع للمرض بغزة مؤشرا خطيرا على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية بسبب الحصار ومنع دخول العلاجات والمغذيات الأساسية.
وتعد العدوى ببكتيريا العطيفة الصائمية (Campylobacter jejuni) التي تُسبب التهاب المعدة والأمعاء (بما في ذلك أعراض الغثيان والقيء والإسهال)، أحد أكثر عوامل الخطر شيوعا لمتلازمة غيلان باريه وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
ويمكن أن يصاب الأشخاص أيضا بمتلازمة غيلان باريه بعد الإصابة بالإنفلونزا أو غيرها من العدوى الفيروسية، بما في ذلك الفيروس المضخم للخلايا، وفيروس إبشتاين بار، وفيروس زيكا.
وفي دراسة نشرت عام 2017 كان مستوى فيتامين بي 6 منخفضا لدى النصف المصابين بالمرض المشاركين في الدراسة، وكان مستوى الثيامين منخفضا لدى جميع المرضى.
وتعالج متلازمة غيلان باريه في المستشفى، وعادة ما يبقى المريض في المستشفى عدة أسابيع، وقد يحتاج بعض المرضى البقاء لأشهر، ويعد العلاج الرئيسي لهذه المتلازمة هو العلاج المناعي الذي يوقف هجوم الجهاز المناعي على الأعصاب.
وفي 24 يوليو/تموز الماضي، حذرت منظمة أوكسفام للإغاثة الدولية في بيان، من أن الأمراض في قطاع غزة قد تتحول إلى كارثة قاتلة، وذلك بسبب الجوع وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وانعدام المأوى والرعاية الصحية.
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت حرب الإبادة الجماعية بغزة القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة -بدعم أميركي- أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.