آخر الأخبار

إلغاء الأضحية في المغرب: دعوة ملكية بين التأييد والانتقاد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

دعوة الملك محمد الخامس إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي، هل سيلتزم بها غالبية المغاربة؟صورة من: C. Kaiser/blickwinkel/picture alliance

توجه ملك المغرب محمد السادس يوم أمس الأربعاء برسالة إلى الشعب المغربي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق، داعياً من خلالها إلى عدم ذبح الأضاحي لهذا العام لسببين، أولهما الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المغرب والتي تؤثر بشكل مباشر على أفراد الشعب، فقد تشكّل الأضحية عبئاً مادياً كبيراً على بعض الأسر والأفراد من ذوي الدخل المحدود والمنخفض. والسبب الثاني هو مشكلة مناخية تتمثل بالتراجع الكبير في أعداد الماشية في المغرب بفعل الجفاف، كما جاء في رسالة الملك المغربي أيضاً أن الحكومة ستقوم بذبح الأضحيةنيابة عن شعبها.

ولأن الأضحية هي شعيرة أساسية من شعائر الدين الإسلامي، وسُنّة مؤكدة مع الاستطاعة، ولها دلالات دينية وقومية كبيرة، فقد لاقت الدعوة تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة على منصة إكس، إذ رحّب بعض المستخدمين بدعوة العاهل المغربي معتبرين أنها بادرة جيدة وقرار صائب، ينظر في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها أصحاب الدخل المحدود وبالتالي يصب في مصلحتهم. وفي نفس السياق اعتبر آخرون أن الدعوة تصب في مصلحة المغرب واقتصاده على حدّ سواء؛ لأنها تُساعد في الحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية وحماية سلالات الأغنام المميزة، بدلاً من اللجوء إلى الاستيراد كما تفعل دول أخرى.

وأكد مستخدمون آخرون على أهمية الدعوة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المغرب حالياً وما لذلك من تبعات على المغاربة، فاعتبر الصحفي عبدالله ترابي أن هذا سيخفف العبء على الشعب المغربي الذي يعاني منه كل عام، غير أنه سيعود أيضا بالنفع على المضاربين والسماسرة، وقال: "متأكد بأن عدداً كبيراً من المغاربة ارتاحوا في داخلهم لقرار عدم إقامة شعيرة الأضحية، رغم تعلقهم الديني والاجتماعي والعائلي بها. السنة الماضيةٍ، كان العيد عبئا على كاهل جزء كبير من المواطنين، وكان عيداً و "وزيعة " للمضاربين والشناقة" .

وبالرغم من مرارة مرور عيد الأضحى دون أداء هذه الشعيرة، دعى البعض إلى الاحتفال بالعيد بغض النظر عن الظروف التي يعيشوها.

"مرارة عيد الأضحى دون أضحية"

على صعيد آخر واجهت الدعوة انتقادات من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن هذه الشعيرة أساسية في الدين الإسلامي، لا يمكن ولا يجوز الاستغناء عنها أو إلغاءها بغير سبب أو عذر مقنع. واعتبر آخرون أن سبب إلغاء هذه الشعيرة غير كافٍ، وعرضوا حلولاً بديلة قامت بها دول أخرى لمواجهة التحديات الاقتصادية والمناخية التي تعيق القيام بذبح الأضاحي، كان أولها وأكثرها تداولاً استيراد الأغنام.

ودعى بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى ضرورة البحث في أسباب هذا النقص وإيجاد حلول سريعة وعملية لمواجهة هذه التحديات عوضاً عن إلغاء هذه الشعيرة. ومن الانتقادات الأخرى التي وجهت لهذه الدعوة هو الضرر الذي سيحلّ بمربي الماشية، كونهم ينتظرون عيد الأضحى لبيع أغنامهم.

وعلى صعيد آخر تفاعل بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماع مع هذه الدعوة بروح الدعابة، فكتبَ أحد المستخدمين على منصة فيسبوك يحمل اسم عبد الرحيم عريري: "رسمياً.. النسيبة بقات بلا كتف"، أي أن والدة الزوجة ستُحرم هذا العام من كتف الخروف، فجرت العادة في المغرب أن تتم زيارة والدة الزوجة في ثاني أيام عيد الأضحى، وتقديم كتف الخاروف لها، وهو ما يُعتبر من العادات المغربية القديمة، وعلّقَ آخرون أن النساء المغربيات سيسترحنَ هذا العام من تقطيع اللحوم وتوزيعها وتنظيف أحشائها.

دعوات لإلغاء ذبح الأضاحي وإلغاءات سابقة

يبدو أن دعوة الملك المغربي جاءت استجابة لمطالب عديدة جاءت ضمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب فيها البعض بإلغاء شعيرة ذبح الأضاحي في عيد الأضحى، بسبب الأعباء الاقتصادية وأهمية الحفاظ على الثروة الحيوانية من بين أسباب عديدة أخرى.

ويُذكر أن هذه ليس المرة الأولى التي يدعو فيها ملك المغرب إلى ألغاء شعيرة ذبح الأضاحي، إذ تم ذلك ثلاث مرات في السابق في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، كان أولها عام 1963 عندما أعلن الملك إلغاء شعيرة ذبح الأضاحي بسبب تبعات ما يسمى بـ "حرب الرمال" مع الجزائر.

وكانت المرة الثانية في عام 1981 نتيجة أزمة اقتصادية كبيرة والجفاف الشديد الذي ضرب المملكة المغربية والذي أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية، أما المرة الثالثة فكانت عام 1996 بسبب استمرار تراجع أعداد الماشية.

المغرب في أزمة اقتصادية وبيئية

تشير الأرقام الرسمية إلى انخفاض أعداد رؤوس الماشية والأغنام في المغرب بنسبة 38 بالمئة في عام 2025، بسبب موجات الجفاف المتتالية، وذلك منذ آخر إحصائية جرت قبل تسع سنوات وفق وكالة رويترز. وجاء هذا الجفاف الشديد بسبب انخفاض نسبة هطول الأمطار هذا العام بـ 53 بالمئة مقارنة بالسنوات الثلاثين الماضية ما تسبب بعجز كبير في مراعي الماشية وأدى إلى انخفاض إنتاج اللحوم الحمراء، كما أن انخفاض الإنتاج أدى بالطبع إلى ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق.

ولمواجهة هذه التحديات وقّع المغرب صفقة مع أستراليا لاستيراد حوالي 100 ألف رأس من الأغنام الأسترالية، وبخطوة استباقية تم تعليق رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة على الماشية والأغنام والإبل واللحوم الحمراء بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار في الأسواق.

وحتى منتصف شهر فبراير/ شباط استورد المغرب بالفعل 124 ألف رأس من الأغنام و21 ألف رأس من الماشية الأخرى، و 704 أطنان من اللحوم الحمراء، وفق بيانات رسمية، بالإضافة إلى تخصيص الحكومة 18 مليار درهم لمواجهة الجفاف من خلال بناء ثلاثة سدود ضخمة جديدة ومحطات من أجل تحلية المياه، وبناء عليه ستبلغ سعة محطة الدار البيضاء السنوية 300 مليون متر مكعب من المياه العذبة بحلول 2028.

DW المصدر: DW
شارك

حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار