آخر الأخبار

ماذا لو أن طفلك هو المتنمر في رواية أحدهم؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

"هل طفلك متنمر؟" ربما يجمع أولياء الأمور على أن الإجابة بنعم لن تكون بالأمر السهل. تحضر الأمهاتُ في الواجهة في هذا الأمر. إذ تظهر"جروب الماميز" (مجموعات التواصل والتشارك بين أمهات التلاميذ) الأمهات بوصفهن في الأغلب حائط الصد الأول في تلقي الاتهام الموجع .

قضية التنمر المدرسي لا تزال عصية على الحل، ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) فإن هناك 130 مليون طالب في جميع أنحاء العالم يتعرضون للتنمر، وهو ما يلحق بهم الكثير من الأضرار قد تصل إلى حد الانتحار.

وبجانب ضحايا التنمر من الأطفال، فإن هناك جانباً من القصة يبدو أنه لم يُدرس بشكل كافٍ، ألا وهو المتعلق بالأطفال الذين يُتهمون بممارسة التنمر وتبعات ذلك عليهم وعلى ذويهم.

تنمر أم طاقة زائدة؟

اضطرت السيدة نسرين صدقي من القاهرة، وهي أم لصبيّين صغيرين، لسحب الابن الأكبر من مدرسة تلو الأخرى ثلاثَ مراتٍ سابقاً. لم يمض عليه في أي مدرسة إلا حوالي عام أو أكثر، وهو حالياً بالصف الرابع الابتدائي في مدرسة رابعة في مشواره الدراسي القصير. حكت لي عن تلك السنوات وتقول "معنوياتي تأثرت وضاق صدري مما انعكس على علاقتي بإبني. لا يمكننا التحكم بكل ما يحدث لنا، وأحيانا بما يحدث داخلنا" .

يأتِي الطفلُ من منزل مستقر لوالدين مهنيين يوفران له أحوالاً معيشية كريمة. لكنه ليس مثل باقي طلاب مدرسته. تقول الأم "ابني لم يكن قط مؤذياً لكنه مليء بالطاقة الزائدة". الابن أُدرج على القائمة السوداء من قبل أساتذته وزملائه في المدارس الخاصة التي التحق بها نظير مصروفات غير بسيطة مقارنة بموارد المواطن المتوسط في مصر. لكن سلطات تلك المدارس حثتها وزوجها على سحب ابنهما من صفوفها بسبب "سلوكه غير الجيد".

أكدت الأم أنها ومن بعد تواتر الشكاوى بحق الابن، توجهت للمختصين ليتم تشخيص حالته إكلينيكيا بفرط الحركة نتيجة اضطراب هرمون الدوبامين واستنكرت نسرين افتقار الأنظمة التعليمية التقليدية للحلول بدلاً من محاولات تصدير المشكلة.

"خاطبت الأخصائيين الاجتماعيين في تلك المدارس وشرحت لهم أن ذلك هو الوصف الأدق لحالة ابني بدون تلك (الوصمات) التي ارتبطت به. توقعتُ بعد ذلك تكاتفاً وخطة عمل بالتنسيق مع المعلمات لتحسين أدائه الاجتماعي والدراسي، لكن ذلك لم يحدث وكانت النتيجة ازدياد ما وصفوه بـ (شراسته) بينما استمروا هم على انعزاليتهم بحصر دورهم في المسؤولية المدرسية دون التربوية".

استطردت "نهروه وعاقبوه، أمور لا تنبغي مع حالته الخارجة عن إرادته، واستسهل زملاؤه بطرق احتيالية نسب أي خطأ إليه دوماً وتلفيق القصص وتعود هو ببطء على تقبل اللوم. صار مستخفاً بالآخرين والإساءة لهم".

استجابت نسرين لطلب الشادو تيتشر أو معلم الظل، الذي تتمثل مهمته بمرافقة الطفل أثناء يومه الدراسي، داخل المدرسة. تابعت حديثها إلي بقولها "أمورٌ كثيرة تتغير في عصرنا بسبب الظروف المختلفة. تنشئة الأطفال ليست هينة بالتوازي مع ثورة في تشخيص الاعتلالات تولدت عنها مصطلحات ننساق فى استعمالها بطريقة غير متسقة وغير عادلة أحياناً".

"بالطبع لن يكون وساماً على صدري أن يخطئ ابني، لكنني أحب أن أراه يتصرف كطفل. والخطأ من طبيعة الإنسان وفطرته فإلى أين توارى ذلك الموروث؟"

ثم أخذت الأم على عاتقها، وبمشاركة زوجها، دعم الابن. لم يدخرا المال أو الوقت أو الجهد لتنظيم برنامج غير مجاني يتضمن ممارسة الرياضة بجانب أنشطة أخرى لتفريغ شحنات الطاقة الزائدة بالإضافة لجلسات تعديل للسلوك ودروس دينية.

نظراً لحاجة طفليها لإشراف كامل، اضطرت تلك الأم للتخلي عن وظيفتها لكن "مع أي هفوة، كان يتم اصطيادي وتتزاحم الأمهات حولي بشكل يشعرك بتقصير وبأنك من نقلت تلك السلوكيات المزعجة إلى ابنك.

وأضافت "ثقافة إدارة الخطأ مهمة وأعلم أن هناك فئة من الأهل تشجع أطفالها على البلطجة لكن هذا ليس دأب الجميع. لو أن العالم ينصت من دون إصدار أحكام مسبقة لتغير الكثير."

مصدر الصورة

أدوار مفقودة

" افتقد ابني وجودَ علاقات دافئة خارج المنزل" هكذا روت لنا صدقي عن طفلها الذي لا يحب تجربته الدراسية وتراوده شكوك مزمنة حيال بيئته المدرسية وإذا ما كانت تتقبله وترغب بوجوده .

طالبت بتضافر الجهود الدعوية والتربوية على هذا الصعيد وبالارتقاء بوظيفة الأخصائي الاجتماعي" الجوهرية" في مجتمع التعليم باعتماد معايير صارمة. "لم أجد من يأخذ بيدي وسط حيرتي. لم أتعامل إلا مع مسميات وظيفية بدون قدرة فعلية على التقييم والمعالجة وتعامل كوادرها باحترافية، وبحس الواجب دون استهتار أو مصالح جانبية ".

غلاظة أم تنمر؟

مصدر الصورة

من مصر إلى بريطانيا، وعلى إحدى منتديات دردشة الأمهات "نات مامز" بثت إحداهن شكوى بخصوص تصرفات ابنها الذي يبلغ من العمر أقل من أربع سنوات. تقول إنه لطيف في المنزل، لكن ما أن يكون مع نظرائه يبدأ في جذبهم ودفعهم دون إصغاء للتوجيه، ويبدأ بالضحك مستهزئاً. لم يفلح التقويم والتحفيز السلوكي المنزلي في احتوائه، فالصغار بطبعهم يحبذون العناد والتلاعب، مما جعل زملاءه يرفضون مشاركته اللعب لاحقاً. أما مسؤولو الروضة، فهم وبعدما أبدوا تفهماً واستعداداً للتعاون، راحوا يتذمرون مع غياب ما يضمن تحسناً قريباً لسلوكه. فجاءت الأم تتساءل عما إذا كان لديها متنمرٌ كامن سيهاجمُ الجميع؟

تحذرنا المستشارة الأسرية ماريا عكيدي من إسطنبول من تشكل ما تصفه بانتشار ثقافة شعبية تبالغ في الوصم وإصدار الأحكام المسبقة في ظل ما سمته بـ "عشوائية النصائح المتداولة وخلط المفاهيم الحاصل" إزاء قضية التنمر المدرسي. وتحدد لنا الحدود الفاصلة بين "غلاظة" و"تنمر" الأطفال، وما هو المقبول من عدمه.

تقول عكيدي إن السلوكيات الفظة والشقاوة واردة بدون شك عند الأطفال، لكن ما يصنع الفرق بينها وبين التنمر هي أنها تكون صادرة عن جهل أو بعفوية. أما المتنمر على حسب تقديرها فيكون عدوانه مدبراً لا يخلو من نوايا بغيضة؛ بشكل يمكن ملاحظتهُ من قبل الراشدين كأن يتعمد الفعل المهين، أو التهديد، أو الانتهاك، أو الإذلال جسدياً أو لفظياً، أو حتى الإقصاء للطرف المقابل على سبيل المثال لا الحصر.

وتشير أيضاً إلى عوامل أخرى منها أن المتنمر يطغى عليه حبُ الظهور بمظهر صاحب السلطة، ولديه نزعة إخضاع وسيطرة واستئساد واستغلال نقاط الضعف وترصد وتحقير البسطاء، وهو ما لا يحصل في شغب الأطفال كما نألفه.

"إن وجود القرار المسبق مع الدراية الكاملة بمخالفاته التي تنطوي على ضرر فادح يظل عاملاً حاسماً في اكتشاف المتنمر" حسبما صرحت عكيدي لبي بي سي. كما وتوصي الأسر بعدم تشجيع الطفل على دفع السوء بالسوء والتركيز في المقابل على تفعيل مجموعة من الأدوات والمهارات وتعلم التنظيم الانفعالي لاستقبال الاعتداء وقت حدوثه، والتعامل بوعي للدفاع عن النفس وحل المشكلات أو الإبلاغ عنها دون إغفال أهمية استعادة الثقة والأمان.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا