من الصعب أن تستمر علاقة الشخصيات القوية ببعضها لفترة طويلة قبل أن تنهار بشكل مدوٍ، ففي علم النفس يقول العلماء إن الشخصية القوية لا تخشى الضعف بل انعكاسها، وهو ما حدث بين بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي وجواو كانسيلو لاعب الهلال عندما كانا يعملان سوياً وانتهى الأمر بينهما باتهامات بـ"الكذب" وعدم التقدير.
يعرف جواو كانسيلو ظهير منتخب البرتغال بأنه شخصية قوية مليئة بالعاطفة، ربما نظراً لعدد من الأحداث التي مرت بحياته ومنها وفاة والدته أمام عينيه بحادث سير قبل أن يتم عامه الثامن عشر، في المقابل بيب غوارديولا الرجل الذي لا يتردد بإبداء رأيه في أي قضية والمدرب الذي لا يحب أن يرى لاعباً يضع نفسه فوق الآخرين، وزلاتان إبراهيموفيتش أكبر دليل.
لم يحلم غوارديولا بالحصول على ظهير بمثل إمكانيات كانسيلو، ماهر، يلعب على الطرفين، يصنع الأهداف ويسجلها، لكن فجأة قرر بيب أن يتخذ طريقة جديدة في اللعب وتحديداً بعد كأس العالم 2022 وهنا انهار كل شيء بين الرجلين.
المصادر القريبة من سيتي قالت حينها إن غوارديولا عندما بدأ فكرة إشراك جون ستونز بمكان مختلف، احتاج إلى الدفع بظهير يدخل إلى العمق ويتميز بقوته الدفاعية، الأمر واضح فالهولندي ناثان أكي سيلعب ظهيراً، أما جواو فستتقلص دقائق مشاركته رغم كونه أحد العناصر الأساسية التي اعتمد عليها الفريق في الموسمين السابقين.
قال موقع "ذا أثلتيك" في تلك الفترة إن مساعدي غوارديولا أبلغوه أن كانسيلو لم يعد يهتم بالتعليمات كثيراً ويبدو مشوشا خلال الحصص التدريبية، فالرجل العاطفي آلمه قرار أن يكون بعيداً عن الكرة، وشخصيته القوية جعلته يتوجه إلى بيب للحديث عن قلة دقائق لعبه وكونه لاعباً مهماً خلال المواسم الماضية، هذا القرار سيكون نقطة النهاية في علاقة كانسيلو بالسيتي، فبيب غوارديولا لا يرضى بأن يُملى عليه أية تعليمات، والظهير البرتغالي لن يقبل أن يُطلب منه اللعب بطريقة لا تناسبه.. صراع الشخصيات القوية في أوضح صوره.
خرج بيب غوارديولا في تصريحات تهاجم لاعبه، كان أكي قد بدأ باللعب في الدور الذي يرغب به المدرب الإسباني، قال الأخير حينها: الجميع في غرفة الملابس سعيدة بما قدمه ناثان، ربما شخص واحد لم يكن كذلك. طبعاً لا يحتاج المتابع إلى قدرات عقلية خارقة لمعرفة إن المقصود كانسيلو.
بعدها ظهر غوارديولا وقال بعد مباراة أرسنال في الكأس: برناردو لم يلعب، ووكر لم يلعب، وكذلك "السيد" كانسيلو، ربما لو لم نفز لسألتموني عنهم. كذلك الأمر لا يحتاج إلى قدرات خارقة لمعرفة أن بيب يسخر من جواو مجدداً.
خرج كانسيلو إلى بايرن ميونخ معاراً، وقتها لم يقل سوى أنه أراد اللعب أكثر وأنه لم يصطدم بغوارديولا الذي أظهر له وجهاً مختلفاً من كرة القدم، بينما تمنى الأخير للاعبه السابق التوفيق في بافاريا. يفترض أن القصة تنتهي هنا، لكنها لم تبدأ بعد.
عاد كانسيلو من إعارته ليجد غوارديولا في وجهه، لن تبقى في سيتي يا جواو، أنقذه برشلونة المثخن بالديون من البقاء على الدكة أو حتى في المدرجات، حتى لو براتب أقل بكثير، وبعدما استقر في كاتالونيا فتح النار على ابنها عبر حوار صحفي شهير نشرته "أبولا" البرتغالية في مارس 2024.
لم يستطع جواو السكوت أكثر، قال صراحة: لقد لاحقني بالأكاذيب، حتى مانشستر سيتي لم يقدر تضحياتي وكان غير ممتن لما فعلته، تخيل أنني تعرضت للهجوم من عصابة في منزلي واليوم التالي لعبت أمام أرسنال، لكن للأسف الناس لا تعرف ذلك لأن السيد غوارديولا مُصدق دائماً، فهو أقوى مني بكثير.
مع مرور الأيام وابتعاد الشخصيتين القويتين عن بعضهما خفت الحدة، إذ قال كانسيلو في مارس من العام الحالي: كان بيني وبين بيب اختلافات وليس صدامات، أحمد الله على اللعب تحت إمرته، لكن مشكلتي أنني صريح للغاية وهذا الأمر ليس إيجابياً للآخرين.
وفي صباح الثلاثاء بتوقيت غرينتش سيلتقي "السيدان" مجدداً في ثمن نهائي كأس العالم للأندية، وبينما هناك ملايين الأعين تتابع مانشستر سيتي والهلال، هناك أعين ستركز على جواو وبيب وكيف سيتفاعلان مع بعضهما خلال المباراة.