كشفت دراسة حديثة على الفئران رؤى جديدة حول كيفية تضاعف الحمض النووي من الأب والأم خلال المراحل الأولى للحمل، ما قد يفتح آفاقا لتحسين علاجات الخصوبة البشرية.
ويعمل فريق من الباحثين في مختبرات مركز أبحاث علم الأجنة والتنمية الصحية (CRESCO) بكوبنهاغن، على فك شيفرة اللحظات الأولى من الحياة البشرية وحل لغز الفشل المتكرر في تطور الأجنة المبكرة. تبدأ القصة عند تلك اللحظة الحرجة التي يلتقي فيها الحمض النووي للأب والأم، حيث تكمن أسرار النجاح والفشل في استمرارية الحمل.
وتشير البيانات الحديثة إلى أن ما يقرب من 20% من الأجنة تفشل في إكمال رحلتها نحو التعشيش في الرحم، وهو ما دفع الباحثين إلى تسليط الضوء على العمليات الجزيئية الدقيقة التي تحدث خلال الساعات والأيام الأولى بعد الإخصاب.
وباستخدام تقنيات تسلسل متطورة، تمكن الفريق من كشف النقاب عن اختلافات جوهرية في آلية تضاعف الحمض النووي بين الوالدين، حيث لوحظ أن بعض المناطق الجينية للأم تتضاعف ببطء مقارنة بنظيراتها من الأب، بينما تظهر مناطق أخرى النمط المعاكس تماما.
ويعزو العلماء هذه الظاهرة إلى الضغوط الجزيئية الهائلة التي يتعرض لها الجنين في بداية تكوينه، خاصة أثناء عملية فك الحمض النووي المكثف في البويضة والحيوان المنوي. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه يفتح الباب أمام تطوير أساليب جديدة لتحسين نتائج عمليات أطفال الأنابيب، حيث يمكن مستقبلا تصميم فحوصات جينية قادرة على التنبؤ بجودة الأجنة في مراحل مبكرة جدا، كما قد تؤدي هذه النتائج إلى تطوير أدوية مساعدة قادرة على تنظيم عملية تضاعف الحمض النووي الجنيني.
ويقود هذا البحث البروفيسور أرني كلونغلاند وفريقه، الذين يؤكدون أن التقنيات الحديثة في التحليل الجزيئي قد مكنتهم لأول مرة من مراقبة هذه العمليات الدقيقة في خلية واحدة. ولا تقتصر أهمية هذه الدراسة على الجانب الأكاديمي فحسب، بل تمتد إلى آمال ملايين الأزواج الذين يعانون من مشاكل الخصوبة حول العالم، حيث تقدم رؤى جديدة قد تساهم في تقليل معدلات الإجهاض المبكر وتحسين فرص الحمل الناجح.
ويعكف الفريق حاليا على تطوير نموذج حاسوبي متقدم قادر على التنبؤ بمناطق الخطر في الجينوم الجنيني، إلى جانب اختبار مجموعة من المركبات الدوائية الواعدة التي قد تساعد على تنظيم عملية التضاعف.
كما يخطط الباحثون لدراسة تأثير العوامل البيئية المختلفة على هذه الآليات الدقيقة، في مسعى علمي طموح يهدف إلى فك جميع الألغاز المحيطة بأولى لحظات الحياة البشرية.
المصدر: ميديكال إكسبريس