آخر الأخبار

من المنازل إلى الحملات الإعلانية.. صعود لافت للألوان الحيادية في العراق (صور)

شارك

شفق نيوز- بغداد

تواصل الألوان الحيادية هيمنتها على اختيارات الشباب في الملابس والديكور، في وقت تتزايد فيه النزعة نحو البساطة والهدوء البصري، متقدمة بذلك على الألوان الزاهية التي طبعت ملامح العقود الماضية.

هذا التحول الذي غذته مواقع التواصل الاجتماعي وصيحات التصميم الحديثة، لم يعد مجرد توجه جمالي، بل بات موضوعاً للنقاش بين المتخصصين في علم النفس والفنانين والمصممين، لما يحمله من تأثيرات نفسية وسلوكية، خصوصاً على الأطفال.

وبين مؤيدٍ يرى في تلك الألوان طريقاً للسكينة والتوازن، ومعارضٍ يحذر من رتابتها وتأثيرها على المزاج، تتباين الآراء حول ما إذا كانت الألوان المحايدة موضة عابرة أم ثقافة بصرية متجذرة تشكل ذائقة جيلٍ كامل.

ووفق كثيرين تتسم هذه الألوان بالهدوء واستقرار المزاج، وقد تجذب الأفراد لأنها سهلة الانسجام والتناسق، فضلا عن كونها تضفي أناقة وإحساساً بالفخامة على ديكورات المنازل، عكس ما كانت عليه الألوان السابقة الزاهية التي زينت أثاث المنازل حتى مطلع الألفية الثانية، حيث ظهرت الألوان الحيادية وأخذت مساحة واسعة وأطاحت بالشكل التقليدي لديكورات المنازل السابقة.

الاختصاصية في علم النفس مناهل الصالح، قالت لوكالة شفق نيوز، إن "الألوان الفاقعة قد يكون لها تأثير سلبي في تركيز الأطفال وانتباههم، ولا سيما لدى الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه، لذا فإن استخدام الألوان الحيادية يعد الأنسب لهم".

وأشارت الصالح إلى أهمية "عدم الانجرار المطلق خلف مواقع التواصل والترندات، وضرورة أخذ شخصية الطفل بنظر الاعتبار عند اختيار ألوان الملابس أو عند تزيين غرف الأطفال"، مبينة أن "للألوان تأثيراً كبيراً في شخصية الطفل، وأن الموضة والصرعات الجديدة ليست جميعها مدروسة، بل إن هناك عوامل اقتصادية تقف خلفها من خلال الترويج لأنواع معينة من الألوان عبر الإعلانات التجارية التي تؤثر بشكل كبير على المتلقين، ولا سيما الشباب والمراهقين".

وطغى أسلوب اللون الحيادي على سواه من الألوان، وخاصة اللون الكريمي على غرف نوم الأطفال، ظنا بأن هذا اللون يوحي بالسكينة.

إلى ذلك، رأت المواطنة هيفاء لطيف (35 عاماً) وهي منطقة بغداد الجديدة، أنها "تزين غرفة نوم إبنها بالوان حيادية وهادئة، عبر اختيار ديكورات مناسبة لغرفتها وتقوم بتغييرها بين فترة واخرى".

وأضافت في حديثها، للوكالة: "انا اتابع الاعلانات على شاشة التلفزيون وفي مواقع التواصل خلال تزيين غرفة الطفل، واختار لها ألوانا هادئة وحديثة تشعر الطفل بالبهجة والسرور".

ووفق مختصين تعكس الألوان شعوراً مختلفاً باختلاف الألوان نفسها، فثمة ألوان تمنح طاقة ايجابية واخرى تجلب الشعور بالضيق والتوتر.

في المقابل، أكد الأكاديمي كريم الجابري، لوكالة شفق نيوز، أن "الشعور إزاء الالوان يختلف باختلاف الالوان والافراد، واثبتت العلوم وجود علاقة مؤثرة بين الألوان، تنعكس بوضوح على مشاعر الاغلبية من الناس".

وأوضح أن "التجارب العلمية والواقعية أثبتت أن اللون الأصفر يعبر عن الطاقة والحيوية، ويحفز الشعور بالفرح والغبطة لدى الفتيات والأطفال"، منوها الى اهمية "ارتداء الاطفال هذا اللون خلال اللعب".

ولفت إلى أن "اللون الأزرق، يمنح الاطفال شعورا بالراحة والهدوء، ويزيد من تركيزهم الى جانب اللون الأخضر، لذا فان من الضروري أن يرتدي الأطفال هذه الالوان في الروضات والمدارس الابتدائية"، مبينا أن "اللون الأخضر له أثر واضح في خفض الشعور بالقلق ايضا، اما اللون الاحمر فهو يحفّز الحركة، وقد يدفع الأطفال إلى سلوكيات عدوانية".

وبحسب الجابري، فإن "علاقة الأفراد بالالوان، وخاصة الاطفال علاقة حساسة، اذ تدفع بعض الالوان الى الشعور بالاكتئاب والقلق بينما تشعرهم الوان اخرى بالغبطة والطاقة"، مؤكدا أن "هناك علاقة فيزيائية بين اللون والمحيط البصري، سواء كان ذلك في الديكور أو قطعة ثياب وغيرها".

واستطرد بالقول: "عادة ماتكون بعض الالوان محطة جذب للاخرين حيث ينظرون الى من يرتدي لوناً ما كاللون الأصفر على سبيل المثال، ويجعلهم يطيلون النظر له دون وعي بسبب جاذبية اللون".

وتسهم الالوان الحيادية بنظر كثيرين في إطلاق العنان لمخيلة الاطفال والشعور بالاستقلالية وتمكن الطفل من الشعور بالراحة والحرية في اللعب.

وفي هذا السياق، أوضحت المصورة عذراء الوائلي، أن "تفضيل الألوان المحايدة تجاوز مرحلة الذوق الفردي وأضحى انعكاسًا لرغبة جماعية تهدف الى الابتعاد عن الفوضى البصرية التي تفرضها رتابة الحياة اليومية".

وأكملت:"نحن المصورون نلاحظ هذا التوجه عند جلسات التصوير، إذ يختار العملاء الخلفيات الهادئة التي تمنح الصورة عمقًا وتوازنا"، مشيرة إلى أن "اللون البيج يحقق انسجاما مميزا مع الإضاءة الطبيعية، فيما يمنح اللون الأبيض إحساسا بالسعة والنقاء، بينما يقدم اللون الرمادي خلفية مرنة تحافظ على جمالية اللقطة الصورية".

وفي عالم التصميم والموضة والديكور، تبرز أيضا الألوان المحايدة كخيار أساسي يسيطر على الموديلات الحديثة، بما في ذلك واجهات المباني والحملات الإعلانية.

وتمنح هذه الالوان وفق مصممين، شعورا بالهدوء والبساطة، لكنها قد تحمل في بعض الأحيان إحساسًا بالرتابة والملل، وهو ما أكده مصمم الأزياء زياد منصور (30 عاما)، في حديثه، للوكالة، بأن "اختيار الألوان المحايدة في الملابس يعكس أناقة كلاسيكية لا تتأثر بالموضة السريعة، كما تسهّل تنسيق القطع المختلفة من الثياب التي يمكن ارتداؤها بمختلف المناسبات، لكنها تحتاج أحيانًا إلى لمسات لكسر الرتابة".

ويتابع، "لايخفى ما للألوان المحايدة وخاصة الرمادي والبيج والأسود من اهمية في الديكورات لانها تعطي شعورا بالاتساع، وتخلق بيئة عمل مناسبة، شرط ان يتم استخدام الألوان دون تفريط كي لاتنقلب الى النقيض".

وتميل الشركات التجارية الكبرى إلى استخدام الألوان المحايدة لتوضيح فخامتها خلال عمليات التسويق الاعلانية.

بدوره، أكد الباحث الاجتماعي، حسن الزيادي، لوكالة شفق نيوز، أن "الألوان الحيادية تجعل العلامة التجارية تبدو أكثر استقرارا وموثوقية، لكنها في ذات الوقت تفتقر الى الجاذبية البصرية في حال لم يتم استخدامها بشكل علمي".

وتابع: "على الرغم من جاذبية هذه الالوان الى أن الاعتماد عليها بشكل كلي يخلق شعورًا بالملل، لان الالوان الزاهية تؤدي دورها في تنشيط المزاج، بعكس الألوان المحايدة التي تتسم بالهدوء".

وتتعدد الآراء ووجهات النظر حول الألوان وعلاقتها بالبصر وتأثيراتها النفسية، ويبدو ان الالوان المحايدة باتت تمثل خياراً اساسياً في عمليات التصميم، بيد أنها ، ووفق معنيين، بحاجة إلى مزيج متوازن ولمسات حيوية لتجنب الملل البصري في الملابس، الديكورات والبنايات والحملات الإعلانية.

أخبار ذات صلة

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا