شفق نيوز – كركوك
يشهد قطاع النفط في شمال العراق مرحلة من الاستقرار النسبي بعد سنوات من التحديات الأمنية والإدارية، فقد أكدت مصادر في شركة نفط الشمال أن معدلات الإنتاج الحالية من حقول كركوك الرئيسية بلغت نحو 320 ألف برميل يومياً، في مؤشر واضح على استقرار العمليات الفنية والإدارية داخل الشركة، واستعادة جزء كبير من قدراتها التشغيلية .
وبحسب المصدر، الذي تحدث لوكالة شفق نيوز، يأتي الإنتاج المستقر من حقول باي حسن، جمبور، وهافانا، وخبازة، وهي الحقول التي تعد العصب الرئيس لإمدادات الطاقة في محافظة كركوك .
وأضاف، أن "عمليات الضخ اليومية تجري بانسيابية عالية بفضل الإجراءات التنظيمية التي اتخذتها الشركة في الأشهر الأخيرة، إلى جانب تحسن الوضع الأمني في مناطق الإنتاج ".
تعاون دولي لتطوير الحقول
كما أشار المصدر إلى أن شركة (BP) البريطانية تواصل أعمالها الفنية والاستشارية في تطوير الحقول الشمالية ضمن برنامج طويل الأمد يهدف إلى رفع معدلات الإنتاج بنحو 150 ألف برميل إضافي يومياً خلال السنوات المقبلة .
وقال إن "الشركة البريطانية أتمت مرحلة مهمة من دراستها الميدانية والتقييم الفني لمكامن النفط في باي حسن وجمبور وهافانا، وتعمل حالياً بالتعاون مع الفرق الفنية العراقية على تحديث منظومات الإنتاج والسيطرة، وإدخال تقنيات جديدة للرفع الاصطناعي وزيادة كفاءة الآبار المنتجة ".
وأضاف المصدر ان "الشراكة مع شركة( بي بي) تمثل خطوة استراتيجية لإعادة كركوك إلى مكانتها السابقة كمركز رئيسي لإنتاج النفط في العراق، خاصة أن هذه الحقول تمتلك طاقة كامنة كبيرة تحتاج فقط إلى استثمارات فنية وتقنية مستدامة ".
جاهزية خط التصدير العراقي – التركي
وفيما يتعلق بملف التصدير، كشف المصدر أن شركة نفط الشمال أكملت جميع الاستعدادات الفنية لاستئناف عمليات تصدير الخام عبر خط الأنابيب العراقي – التركي الذي يربط كركوك بميناء جيهان على البحر المتوسط، بعد توقف دام عدة سنوات بسبب الخلافات السياسية والظروف الأمنية .
وأوضح أن "الخط أصبح جاهزاً من الناحية الفنية، وتم إجراء ثلاث تجارب تصديرية ناجحة خلال الأشهر الماضية للتحقق من سلامة الأنابيب وضمان كفاءة الضخ عبر محطات الضغط في الشمال ".
وأكد أن الشركة "بانتظار التوجيهات الحكومية لاستئناف التصدير بشكل رسمي بعد التوصل إلى التفاهمات النهائية بين بغداد وأربيل بشأن إدارة وتوحيد الصادرات النفطية"، مشيراً إلى أن "الاختبارات الأخيرة أثبتت أن الخط يمتلك قدرة عالية على استيعاب معدلات ضخ تصل إلى أكثر من نصف مليون برميل يومياً دون مشكلات فنية تُذكر ".
مشاكل فنية وإدارية في توحيد الصادرات
وفي سياق متصل، أقر المصدر بوجود مشاكل فنية وإدارية لا تزال تعرقل عملية الربط الكامل بين صادرات كركوك وصادرات إقليم كوردستان، موضحاً أن "الاختلافات التقنية في منظومات القياس والتحكم بين الجانبين، فضلاً عن مسائل تتعلق بحقوق التسويق والعوائد المالية، حالت دون توحيد مسار التصدير حتى الآن ".
وبيّن أن "الجهات الفنية من الجانبين العراقي والكوردستاني أجرت عدداً من الاجتماعات لبحث آلية الدمج الفني للأنابيب ومنظومات الضخ، بما يضمن توحيد المعايير التشغيلية وتوزيع الحصص التصديرية بشكل متوازن"، مشيراً إلى أن "هذه الجهود بحاجة إلى دعم سياسي واضح لتجاوز العقبات الإدارية ".
التحديات المستقبلية والطموحات
ورغم الاستقرار الحالي في معدلات الإنتاج، يرى خبراء في مجال الطاقة أن شركة نفط الشمال لا تزال بحاجة إلى تطوير شامل في بنيتها التحتية لمواكبة المعايير الدولية الحديثة في الإنتاج والتخزين والنقل .
وتعليقاً على الموضوع، يقول خبير الطاقة علي البياتي في حديث لشفق نيوز، إن "الحقول الشمالية تمتلك طاقة إنتاجية كامنة تتجاوز 600 ألف برميل يومياً، إلا أن غياب الاستثمار الكافي في خطوط الأنابيب ومحطات المعالجة والضخ، إضافة إلى المشكلات السياسية بين بغداد وأربيل، جعلت هذه الطاقة غير مستغلة بالكامل ".
ويضيف البياتي ان "التعاون الجاري مع شركة بي بي البريطانية يمثل نقطة تحول حقيقية في مسار تطوير الحقول، خصوصاً إذا تم استكمال مراحل المشروع في الوقت المحدد"، مشيراً إلى أن "رفع الإنتاج إلى 470 ألف برميل يومياً سيعزز موقع العراق في سوق النفط الإقليمي ويزيد من الإيرادات العامة للدولة ".
عودة كركوك إلى الواجهة النفطية
وتسعى الحكومة العراقية من خلال وزارة النفط إلى إعادة كركوك إلى الخارطة التصديرية بشكل مستدام بعد توقف دام أكثر من خمس سنوات .
فالمحافظة التي كانت تُعد من أكبر مراكز إنتاج النفط في الشرق الأوسط خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، تمتلك اليوم فرصة لاستعادة دورها من خلال تطوير الحقول القديمة واستثمار الحقول الجديدة القريبة من الحدود الإدارية مع محافظتي أربيل وصلاح الدين .
ووفقاً للمصدر ذاته في شركة نفط الشمال، فأن "شركة نفط الشمال قادرة على تحقيق طفرة في الإنتاج خلال العامين المقبلين إذا توفرت الظروف السياسية المناسبة ودُعمت خطط التطوير بالتمويل الكافي"، مؤكداً أن "إرادة الكوادر العراقية والخبرة البريطانية معاً يمكن أن تعيد لحقول كركوك مكانتها كمحور رئيسي لإنتاج وتصدير النفط العراقي نحو الأسواق العالمية ".
المصدر:
شفق نيوز