شفق نيوز- بغداد
بغية وضع اللبنة الأولى لمشروع الطاقة الذرية في العراق، نظمت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع هيئة الطاقة الذرية العراقية، يوم الأربعاء، احتفالية وضع الحجر الأساس لمشروع المنظومة تحت الحرجة والمختبرات المركزية.
وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس هيئة الطاقة الذرية، نعيم العبودي في كلمته خلال الاحتفالية التي حضرتها وكالة شفق نيوز، إن "هذا المشروع يمثل حاضنة علمية وبيئة إستراتيجية متكاملة لتطوير وتبني المقاربات البحثية ذات الأثر المباشر في تعزيز جودة البحث العلمي، وهذه المختبرات مصممة على أحدث المعايير الدولية".
وأضاف أن "المختبرات المركزية تمنح الدارسين والباحثين في مختلف التخصصات فضاءً رحباً للابتكار وتنمية المهارات العلمية، وستغدو هذه المختبرات منافساً علمياً لنظيراتها في دول الإقليم، وركيزة تمّكن العراق من الحضور الفاعل في إنتاج المعرفة وتطبيقها".
ولفت إلى أن "في طليعة هذه المختبرات التي وُضِع لها الحجر الأساس اليوم، المنظومة تحت الحرجة بالتعاون مع هيئة الطاقة الذرية العراقية والهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية الصينية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى مشاركة خبراء دوليين".
وتابع العبودي، أن "وزارة التعليم العالي وهي تشرع بهذا المسار الإستراتيجي، تضع بذلك لبنة أساسية لمستقبل علمي واعد يمهد الطريق أمام الطلبة والباحثين، ويمنحهم فرصة للمشاركة في تجارب نووية تمهد الطريق للاستخدام السلمي للطاقة النووية".
وتعقيباً على ذلك، يقول المتحدث باسم وزارة التعليم العالي، حيدر العبودي، إن "المنظومة تحت الحرجة، تعد واحدة من أهم المختبرات المركزية في وزارة التعليم العالي والبحث العالمي، وستعطي زخماً كبيراً للباحثين وطلبة الدراسات العليا الذين يعملون في مجال النشر العالمي"، مبيناً، أن "عدد الأبحاث العلمية المنشورة في المستوعبات بلغت أكثر من 188 ألف بحث علمي تخصصي".
ويضيف العبودي لوكالة شفق نيوز، أن "الوزارة شخصت الحاجة الملحة للباحثين من خلال توفير مختبرات مركزية تكفيهم مشقة السفر إلى جامعات العالم لغرض معاينة أبحاثهم وتحليل عيناتهم"، منوهاً إلى أن "المختبرات العراقية ستتولى هذه المهمة، وتعطي زخماً يسّرع من وتيرة البحث العلمي والنشر العالمي".
ومنذ عام 1991 توقف البرنامج النووي في العراق، بعد قرار مجلس الأمن رقم 687 للوكالة الدولية للطاقة الذرية بكشف برنامج الأسلحة النووية العراقي وتفكيكه، وضمان امتثاله لمعاهدة حظر الانتشار النووي من خلال فرق الرصد والتفتيش التي كانت تقوم بها فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة خلال جولاتها في المنشآت والجامعات العراقية.
من جهته، يؤكد العالم النووي حامد الباهلي، أن "مشروع المنظومة تحت الحرجة، يعني أن المشروع لم يصل بعد إلى الحالة الحرجة التي تحول هذه المنظومة إلى مفاعل نووي".
ويضيف الباهلي لوكالة شفق نيوز، أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني شكل لجنة في حزيران/ يونيو من العام الماضي، لإنشاء محطات كهرونووية لتوليد الطاقة الكهربائية بهدف إنتاج آلاف الميغاواط من الطاقة"، مبيناً أن "المحطة الواحدة تنتج ما يعادل 5 آلاف ميغاواط وتحتاج إلى أكثر من ألف وخمسمئة شخص لتشغيلها".
ويوضح أن "أعداد هؤلاء المشغلين في الخارج يكلف مبالغ مالية طائلة تصل إلى نحو مليون دولار للشخص الواحد، لتشغيل وحدات الطاقة والمفاعلات النووية التي تستخدم للأغراض السلمية".
وينوّه إلى أن "عدم وجود طاقة ذرية في العراق يجعل البلاد تخسر 5 مليارات دولار سنوياً، لأن هذه الطاقة تدخل في المجالات الطبية والزراعية والصناعية والنفطية وغيرها".
ويشير العالم النووي إلى أن "بناء مفاعلات نووية في العراق يحتاج إلى فترة زمنية تقدر بعامين، وأن العمل بها بدأ بإنشاء المنظومة تحت الحرجة التابعة للطاقة الذرية والتي ألحقت بوزارة التعليم العالي من أجل إعداد الملاكات البشرية لها".
ويلفت الباهلي الانتباه إلى أهمية "إنتاج النظائر المشعة لاستخدامها في المجال الطبي ومعالجة الأورام السرطانية التي تفاقمت نتيجة غياب استخدامات الطاقة الذرية في العراق منذ عام 1991، وعدم وجود نظائر مشعة لمعالجة الأمراض السرطانية".
وبحسب العالم النووي فإن "المنظومة تحت الحرجة تسهم بإنتاج بذور محسنة ومقاومة للتغيرات المناخية لاستخدامها في تطوير القطاع الزراعي".
ويؤكد أن "المنظومة تحت الحرجة، هي الخطوة الأولى لإنشاء المفاعلات النووية وتسهم في الارتقاء بالدراسات والبحوث العلمية في الجامعات العراقية التي تعطلت عن النشاط النووي بعد صدور قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بحظر النشاط النووي في العراق".
ويتابع أن "لقاء رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بغداد، والمباحثات التي أجراها وفد الهيئة الوطنية للطاقة الذرية في فيينا مع مدير وأعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، شكلت قناعة لدى الوكالة الدولية حول الشفافية التي تتعامل بها بغداد، وأكدت استعدادها للتعاون مع العراق في مجال الطاقة الذرية".
من جانبه، يعتبر السفير الروسي في بغداد ألبروس كوتراشيف الذي حضر احتفالية وضع الحجر الأساس لمشروع المنظومة تحت الحرجة، بأن هذا المشروع يعكس "اهتمام الحكومة العراقية بإنشاء مشاريع استراتيجية مهمة".
ويشير السفير الروسي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الحكومة العراقية لم تعد تهتم بالقضايا اليومية فقط، بل تفكر في أبعد من ذلك، بتبني مشاريع مستقبلية حيوية".
وفي الختام، وصف السفير، المنظومة تحت الحرجة، بأنها "مشروع إستراتيجي مهم لاقتصاد العراق ومستقبله وبناء الدولة بشكل عام" ، مؤكداً، "دعم بلاده لجهود العراق في إقامة مثل هذه المشاريع، بتقديم كل أنواع الدعم للحكومة والشعب العراقي".