آخر الأخبار

أزمة الكهرباء.. العراق يتجه لـ"الحلول المؤقتة" بعيدا عن "الخلل الأعمق"

شارك

شفق نيوز- ترجمة خاصة

يمثل بدء عمل سفينتي الطاقة التركيتين في العراق، حلاً مؤقتاً لفشل شبكة الكهرباء، ويعكس وجودهما ودورهما "الخلل الأعمق" في البلاد الغني بالموارد، لكنه مع ذلك لا يزال يعتمد على المعالجات السريعة بدلاً من الحلول القوية والطويلة الأمد، بحسب ما خلصت إليه صحيفة "ذا ناشيونال" الصادرة بالإنجليزية .

واعتبر تقرير الصحيفة التي تصدر في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وترجمته وكالة شفق نيوز، أنه "عندما وصلت المحطتان التركيتان العائمتان لتوليد الطاقة إلى البصرة للبدء في تزويد العراق بالكهرباء هذا الصيف، تم تصوير الصفقة وكأنها حل سريع لتعثر شبكة الطاقة في مواجهة درجات الحرارة القاسية في الصيف وزيادة الطلب ".

ويؤكد التقرير، أن "السفينتين اللتين ستوفران نحو 600 ميجاوات من الكهرباء على مدار 71 يوماً، هما بمثابة خطوة مؤقتة ومفيدة ".

ويلفت إلى أن "أنظمة الطاقة العراقية اعتمدت طوال أكثر من عقد من الزمان، على واردات الغاز والكهرباء الإيرانية، التي توفر احياناً نحو ثلث الإمدادات للعراق، وهو ما جعل بغداد تحت عرضة الضغوط السياسية والعقوبات الامريكية، وكلاهما يعطل المدفوعات والتسليمات وكذلك يتسبب بانقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر ".

ويرى أن "مبادرات الطاقة الإقليمية، كخطط استيراد الكهرباء من الأردن أو الارتباط بشبكة مجلس التعاون الخليجي، التي تقدّم إسناداً للشبكة، إلا أنها لم تقدم حتى الآن سوى كميات صغيرة، بينما تراجعت الجداول الزمنية لتنفيذ المشاريع"، مضيفاً أن "مثل هذه الإجراءات تعكس وجهة العراق نحو البحث في الخارج عن الدعم المؤقت بدلاً من الاستثمار باستمرار في القدرات المحلية ".

وفيه أيضا أن "هذا الاعتماد غير مستدام لأن أسواق النفط متقلبة والديون تتزايد فيما ستكشف ضغوط الميزانية في النهاية عن ضعف نظام مبني على حقن الكهرباء المتكررة من الخارج، بدلاً من الإصلاح على مستوى المنظومة برمتها ".

وذكر التقرير، أن "الحكومات العراقية المتعاقبة أعلنت عن خطط إصلاح طموحة بالتعاون مع شركات دولية"، مشيراً، على سبيل المثال، إلى أنه "في العام 2019، اقترحت شركة سيمنز خريطة طريق لرفع مستوى توليد الكهرباء، في حين طرحت جنرال إلكتريك مشروعاً مشابهاً منذ العام 2017 على الأقل، إلى جانب صفقة توتال إينرجيز بقيمة 27 مليار دولار ".

إلا أن التقرير قال: "مثل هذه المبادرات لم تسفر إلا عن نتائج جزئية، أو توقفت بسبب النزاعات بين الفصائل، والميزانيات المتضخمة والتعاقدات الغامضة ".

ومع ذلك، اعتبر التقرير أن "كل مشروع من هذه المشاريع يمكن أن يساعد في تنويع خليط الطاقة في العراق، لكن جداولها الزمنية تمتد لسنوات نحو المستقبل، ولا تزال أحجامها صغيرة مقارنة بالطلب"، مشيراً الى أن "هناك تأخيرات بدأت بالفعل، ما يزيد من خطر أن يتخلف العراق مجدداً عن اكتساب الواردات الطارئة ".

في حين لفت التقرير إلى أن حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وضعت الكهرباء في قلب أجندتها الإصلاحية، وتعهدت بتسريع احتجاز الغاز وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة والمضي قدماً في ربط الشبكات، وصف التقرير هذه الالتزامات بأنها "واعدة"، خصوصاً أن السوداني ربطها بسرد أوسع لبناء الدولة وتأمين الخدمات، وفقاً للتقرير .

لكن التقرير، بين أن ذلك "يشكل مجازفة بتكرار أخطاء الحكومات السابقة إذا لم تتم مراقبة تنفيذ الخطط والمشاريع عن كثب، وإذا ظلت العقود لا تتسم بالشفافية، وإذا كانت المصالح السياسية المترسخة تحول دون الإصلاح ".

وحذر التقرير، من "عدم تطبيق الدروس المستفادة من المشاريع المتوقفة لسنوات، فالتعهدات الطموحة الجديدة قد تلتحق ببساطة بقائمة طويلة من الخطط غير المكتملة ".

وأضاف، ان "التعثر الكهربائي لا يقتصر على هذا القطاع وحده، وإنما يؤثر على حياة الناس اليومية، كما في إدارة المياه مثلاً، حيث غالباً ما تظل وعود معالجة المياه وإدارتها بطريقة حديثة، غير مكتملة بسبب الفساد والإهمال والانقسام السياسي ".

وتابع التقرير، أنه "في غالب الأحيان، تتوقف المشاريع الممولة لتحسين البنية التحتية للمياه بعد مراسم الافتتاح الاحتفالي، ما يترك السكان يعتمدون على مصادر غير آمنة أو بدائل مكلفة مالياً"، مشيراً إلى أن "الاقتصاد السياسي العراقي لا يشجع الاستثمار على المدى الطويل، بسبب نظام المحاصصة بين الفصائل السياسية، الذي يعرقل المشاريع التي تولد إيرادات سريعة بدلاً من البنية التحتية المستدامة ".

كما أشار التقرير إلى أن "العراق يعتبر من بين اسوأ أداء في العالم في إهدار الكهرباء والخسائر الناجمة عن السرقة والبنية التحتية القديمة وضعف انظمة التوزيع"، لافتاً إلى أن "الجهود المبذولة لادخال إصلاحات لقطاع الكهرباء غالباً ما تُمنى بالفشل، بسبب المقاومة السياسية، وهو ما يساهم في توسيع قطاع مولدات الديزل الخاص ويحوله إلى اقتصاد موازٍ، علماً بأن هذه المولدات تثير الضجيج وملوثة ومكلفة ".

وختم التقرير بالإشارة إلى أن "في حال أراد العراق حل أزماته، فأنه يتحتم عليه أولاً أن يدرك أن الواردات المؤقتة وصفقات الاستثمار قصيرة المدى، ليست بديلاً عن المؤسسات الخاضعة للمساءلة والتخطيط المستدام، على الرغم من أن لدى العراق الموارد والخبرة التقنية والشركاء الاجانب وإيرادات النفط، مع غياب الإرادة السياسية ".

وخلص التقرير إلى القول: "منح الأولوية للإصلاح عبر مختلف القطاعات يعني التمسك بقياس التقدم المحرز في التقاط الغاز في الانتاج الفعلي للميجاوات، وأن تتضمن مشاريع المياه الإشراف المجتمعي، وأن تعالج الإصلاحات الزراعية للري والتكيف مع المناخ والأمن الغذائي، بطريقة استراتيجية ".

وذكر التقرير، أن "سفينتي الطاقة قد تحولان دون انقطاع التيار الكهربائي، لكن الخطوة تكشف أيضاً إلى أي مدى لا يزال العراق بعيداً عن تفعيل نفسه"، مضيفاً أن "العراق يواجه الفساد وسوء الادارة والانقسام السياسي في كل القطاعات، من الكهرباء إلى المياه إلى الزراعة، وهو بذلك سيظل تحت هيمنة الحلول المؤقتة وستظل الأزمات المزمنة، بمثابة القاعدة وليس الاستثناء ".

أخبار ذات صلة مصدر الصورة

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا