شفق نيوز- نينوى
شهد الشارع الموصلي جدلاً واسعاً عقب إلقاء أول خطبة جمعة في جامع النوري الكبير بعد أيام من افتتاحه، من قبل شخصية دينية قادمة من بغداد، ما أثار مخاوف من فرض خطباء من خارج محافظة نينوى على واحد من أبرز منابر المدينة الرمزية.
وأفادت مصادر في ديوان الوقف السني بمحافظة نينوى، لوكالة شفق نيوز، اليوم الأحد، بأن "الشيخ ذاكر الحساوي" هو الخطيب الرسمي للجامع، مؤكدة أن قراراً إدارياً صدر بتثبيته، وأن الخطابة ستكون حصراً من نصيب علماء ومشايخ الموصل، دون فرض أسماء خارجية.
وفندت المصادر، صحة ما أُشيع حول تكليف خطيب جديد، مشيرة إلى أن "الدكتور محمد النوري"، نائب رئيس اللجنة الوطنية الدائمة للتوعية والإرشاد المجتمعي وعضو مجلس الأوقاف الأعلى في بغداد، ألقى أول خطبة جمعة ( يوم الجمعة الماضي) بقرار من ديوان الوقف السني في العاصمة، لكنها كانت خطوة "استثنائية فقط".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن النوري يُعد من المنتمين إلى جماعة "الرباط المحمدي"، وهي جماعة دينية يعتقد أن لها ارتباطاً بفصائل مسلحة داخل العراق، ولديها فرع في مدينة الموصل.
وحاولت وكالة شفق نيوز الحصول على تعقيب أو توضيح من (محمد النوري) بشأن الموضوع، إلا أنها لم تتمكن من الوصول إليه حتى لحظة إعداد هذا الخبر.
وتشير المعلومات إلى أن هذه الجماعة تحاول منذ سنوات الاستحواذ على أكثر من 90 مسجداً وجامعاً في المدينة، عبر تعيين شخصيات تتوافق مع توجهاتها الفكرية والسياسية، بهدف تمرير رسائل مبطنة داخل مجتمع معروف بمرجعيته السنية التقليدية.
,تشير تقارير رسمية إلى أن جماعة "الرباط المحمدي" ظهرت بقوة بعد 2003، وتمددت في عدة محافظات سنية، وحاولت بعد 2017 تعزيز نفوذها في الموصل عبر السيطرة على عدد من المساجد، وهو ما اعتبره مراقبون تهديداً مباشراً لخصوصية المشهد الديني في المدينة.
ويرى ناشطون أن هذه الجماعة تسعى لتوظيف منابر الجوامع لخدمة أجندات سياسية ودينية لا تعكس هوية الموصل التاريخية كمدينة للتعددية والاعتدال.
وأثارت الخطبة الأخيرة، موجة واسعة من الانتقادات في أوساط ناشطي الموصل، الذين اعتبروا أن محاولة إدخال شخصيات خارجية إلى منابر المدينة تهدد هويتها الدينية والتاريخية.
وعبّر هؤلاء عن خشيتهم من أن تتحول المنابر الدينية إلى أدوات صراع سياسي أو مذهبي، داعين إلى حماية "استقلالية الجوامع"، وترك إدارتها بيد العلماء المحليين الذين يمثلون امتداداً لمدرسة الموصل الدينية المعتدلة.
ويمثل جامع النوري الكبير، الذي شُيّد في القرن الثاني عشر الميلادي، أيقونة تاريخية ودينية للموصل، فقد ارتبط اسمه بـ "المئذنة الحدباء"، كما شكّل في صيف 2014 مسرحاً لأول ظهور لزعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي لإعلان خلافته المزعومة.
وينظر الموصليون إلى الجامع باعتباره شاهداً على مأساة الاحتلال وسقوط المدينة، ورمزاً لنهضتها بعد إعادة إعمار الجامع والمئذنة بتمويل إماراتي وإشراف اليونسكو.