شفق نيوز- دمشق
تستعد سوريا لطرح أوراق نقدية جديدة في 8 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، بعد قرار حذف صفرين من العملة، في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة بالليرة وتعزيز الاستقرار النقدي.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، عبر منشور على منصة "لينكد إن"، إن "تغيير العملة يمثل ركناً أساسياً في مسار الإصلاح الاقتصادي"، مبيناً أن "الليرة الجديدة ستكون رمزاً للحرية ومفتاحاً للاستقرار".
وأوضح أن "حذف الصفرين سيساعد الاقتصاد ويعزز ثقة المواطنين"، لافتاً إلى "تحسن الليرة بنسبة 35% منذ سقوط النظام السابق، نتيجة الإصلاحات الاقتصادية وتراجع معدلات التضخم ورفع العقوبات عن القطاع المصرفي".
وأشار حصرية، إلى أن "المصرف المركزي يسعى للانضمام إلى نظام سويفت المالي والانخراط مجدداً في المنظومة المصرفية الدولية"، مؤكداً أن "إعادة هيكلة المصارف ومنح تراخيص لبنوك محلية وأجنبية ستشكل قاعدة لجذب الاستثمارات".
كما لفت إلى أن تصميم العملة الجديدة سيعكس تطلعات السوريين نحو مرحلة اقتصادية أكثر استقراراً.
وبحسب وكالة رويترز، فإن السلطات النقدية السورية ستبدأ بحملة توعية قبل طرح العملة الجديدة في 8 كانون الأول/ ديسمبر، بالتزامن مع الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، على أن يستمر التداول المزدوج للعملتين حتى ديسمبر 2026.
وأوضحت الوكالة أن الورقة النقدية من فئة 10,000 ليرة حالية ستصبح 100 ليرة بالصيغة الجديدة.
وفي هذا الإطار، قال مصدر مسؤول في المصرف المركزي، إن "الحكومة السورية وقّعت عقداً مع شركة جوزناك الروسية لطباعة الأوراق النقدية الجديدة، خلال زيارة وفد رسمي سوري إلى موسكو في أواخر تموز/ يوليو الماضي".
تضارب في الآراء
في المقابل، رأى الخبير الاقتصادي كريم الأسعد، أن "إصدار العملة الجديدة يمثل خطوة تاريخية تعيد الهيبة لليرة السورية".
وأضاف الأسعد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "التحسن الأخير في سعر الصرف والاندماج المرتقب مع النظام المصرفي العالمي عبر سويفت يفتحان الباب أمام مرحلة استقرار نقدي حقيقي".
بينما، أشار الباحث في الاقتصاد السياسي هاني دياب، للوكالة إلى أن "هذه الخطوة شكلية أكثر من كونها جوهرية"، موضحاً أن "حذف الصفرين لا يغير من الواقع الاقتصادي الصعب".
وحذر من أن التعاون مع شركة روسية خاضعة لعقوبات قد يثير شكوكاً حول العملة الجديدة ويعرقل عودة سوريا إلى الأسواق المالية العالمية.
من هي شركة جوزناك؟
تعد جوزناك مؤسسة حكومية روسية تأسست عام 1818، وتحولت إلى شركة مستقلة عام 1919، وهي متخصصة في طباعة النقود، السندات الحكومية، الطوابع، جوازات السفر، والشيكات.
وفي عام 2008 صُنفت كمؤسسة استراتيجية، ثم أصبحت شركة مساهمة عامة في 2014، حيث تتعامل الشركة مع عدد من دول العالم في مجال إصدار العملات، ما منحها مكانة دولية بارزة.
لكن، في عام 2022، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الشركة بتهمة المشاركة في تقويض سيادة أوكرانيا عبر طباعة جوازات سفر ووثائق في المناطق المحتلة.
كما أدرجتها بريطانيا وسويسرا وهولندا على قوائم العقوبات، وفي يونيو 2024، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية "جوزناك" ضمن قائمتها السوداء، متهمة إياها بدعم مكتب الأمن الفيدرالي الروسي والمشاركة في طباعة عملة ليبية مزيفة تجاوزت قيمتها مليار دولار، ما ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية الليبية.
لم يكن تعاون جوزناك مقتصراً على هذه الملفات، إذ سبق أن تعاملت مع النظام السوري السابق، ففي عام 2014، قامت بطباعة مئات الملايين من الأوراق النقدية السورية من فئة 1000 ليرة، بقيمة إجمالية بلغت نحو 60 تريليون ليرة سورية، وبتكلفة طباعة قاربت 6 ملايين دولار.