شفق نيوز- دمشق
كشفت وزارة التجارة السورية، يوم الخميس، أن قطاع المعامل والمنشآت الصناعية يواجه ثلاثة تحديات في مقدمتها الكهرباء والطاقة ثم المواد الأولية وأخيراً التمويل ورأس المال، لكن في مقابلها هناك خطط طموحة تعمل عليها الوزارة على المدى القصير والمتوسط والبعيد لتجاوز هذه التحديات.
وذكر معاون وزير التجارة للشؤون الصناعية محمد ياسين حورية، لوكالة شفق نيوز، أن "المنشآت الصناعية السورية تواجه تحديات جسيمة، لكن في المقابل هناك خطط وبرامج طموحة للتغلب عليها وإعادة إحياء القطاع الصناعي، الذي يُعد عصب الاقتصاد الوطني".
وحول أبرز التحديات، قال حورية، إن "التحدي الأكبر والأكثر إلحاحاً هو الكهرباء والطاقة، حيث يؤدي انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة إلى رفع كلفة الإنتاج بسبب الاعتماد على المولدات الخاصة (المازوت أو الديزل)، ما يجعل المنتج المحلي أقل قدرة على منافسة المستورد".
وأشار إلى أن الخطة المطروحة على المدى القصير هي "تسريع إعادة تأهيل محطات التوليد وشبكات التوزيع، وتأمين الوقود اللازم لها، مع تشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة (خاصة الطاقة الشمسية) عبر القروض الميسرة والإعفاءات الجمركية".
أما على المدى المتوسط والطويل، فهو "تنفيذ مشاريع طاقة استراتيجية مع الدول الصديقة لتأمين الوقود وتحديث البنى التحتية كالغاز والفيول".
وعن تحدي المواد الأولية، أكد حورية، أن هذا العائق انتفى "فلم تعد هناك صعوبات في استيراد المواد الأولية بفضل الانفتاح الاقتصادي بعد تغيير النظام، فيما أعادت الحكومة هيكلة التعرفة الجمركية وخفضت الرسوم على المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج لتقليل كلفة التصنيع المحلي".
أما بخصوص تحدي التمويل ورأس المال، لفت إلى أن "خطة الصناعة تضمنت (تفعيل قانون التمويل التأجيري، وإنشاء صندوق التنمية الصناعية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بعد إعادة تأهيلها ضمن مركز التحديث الصناعي، وإحداث صندوق تمويل الصناعات الريفية في المناطق غير الحضرية عبر أحد المصارف العامة (المصرف الصناعي) أو الخاصة".
وتابع: "كما صدر المرسوم 112 لعام 2025 القاضي بإحداث صندوق التنمية لدعم إعادة الإعمار، بما يشمل البنية التحتية والخدمات الأساسية كالكهرباء والطرق والجسور وشبكات الاتصالات، وذلك عبر تمويل المشاريع المتعددة بالقرض الحسن".
وأضاف حورية أن "الخطة شملت أيضاً ( تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لإعادة تأهيل وتشغيل المعامل المتوقفة، وجذب استثمارات السوريين المغتربين عبر حوافز خاصة للاستثمار في القطاع الصناعي".
وعن خطط إعادة تشغيل المعامل المتوقفة، أوضح معاون الوزير أن "الإجراءات والتسهيلات الحكومية منذ تغيير النظام حتى الآن، إلى جانب الخطط الموضوعة، ستساهم في إعادة إقلاع المعامل المتضررة والمتوقفة".
أما بالنسبة لشركات القطاع العام الصناعي، "فسيتم إعادة النظر في آلية تشغيلها من خلال شراكات مع القطاع الخاص، مع الحفاظ على ملكية الدولة وتحقيق أفضل عائد استثماري"، وفق حورية.
وفيما يتعلق بعدد المعامل التي عادت للعمل، أكد حورية أن "من الصعب تحديد رقم نهائي، لكن هناك نشاطاً ملحوظاً، حيث تم ترخيص 945 مشروعاً صناعياً خلال النصف الأول من 2025 برأسمال 220 مليون دولار موزعة على مختلف القطاعات، كما تم تنفيذ 80 مشروعًا برأسمال 4.5 مليون دولار"، لافتاً إلى أن الهدف للعام 2025 هو تسريع هذا المعدل من خلال توفير التمويل وحلول الطاقة.
وعن المشاريع ذات الأثر المباشر على المواطنين، أشار حورية إلى صدور المرسوم 114 لعام 2025، والذي تضمّن إعفاءات واسعة، منها إعفاء مستوردات الآلات وخطوط الإنتاج الصناعية للمشاريع الاستثمارية من جميع الرسوم الجمركية والمالية.
بالإضافة إلى إعفاء المعدات اللازمة لمشاريع التطوير والاستثمار العقاري من الرسوم الجمركية والمالية، وإعفاء الأجهزة الطبية الخاصة بتجهيز المشافي والمراكز الصحية (الجديدة فقط) من الرسوم كافة، ومنح المستثمر الأجنبي إقامة مؤقتة لسنة قابلة للتجديد حتى إنجاز المشروع ووضعه في الخدمة.
ووفقاً لمعاون الوزير السوري، فإن المرسوم نص أيضاً على إعفاء مشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني من ضريبة الدخل بنسبة 100%، وتخفيض ضريبي دائم بنسبة 80% للمشاريع في المناطق التنموية.
كما تضمن المرسوم "منح تخفيض ضريبي بنسبة 80% للمشاريع الصناعية المصدّرة أكثر من 50% من إنتاجها، وللصناعات الطبية والزراعية والدوائية، ولمشاريع تدوير النفايات الصديقة للبيئة، ومنشآت فرز وتوضيب المنتجات الزراعية والحرف اليدوية".
وخلص حورية، في نهاية حديثه إلى القول إن "الطريق طويل والتحديات كبيرة، لكن العزيمة موجودة والخطط مرسومة، النجاح مرهون بتكامل الجهود، الحكومة بتأمين البيئة المشجعة والبنى التحتية، والصناعيون بالاستثمار والمبادرة، والمواطن بدعم المنتج الوطني."
وتسعى حكومة دمشق الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 إلى إعادة بناء مؤسسات سوريا الاقتصادية والخدمية التي تضررت بشدة بعد 13 سنة من الحرب والحصار والعقوبات الاقتصادية الدولية، عبر استقطاب الاستثمارات، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ضمن رؤية لإعادة البلاد إلى مكانتها السابقة في الأسواق الإقليمية والدولية.