آخر الأخبار

الأنبار تنزف بصمت.. تصاعد مقلق لحالات الانتحار بين فئة الشباب

شارك

شفق نيوز- الأنبار

شهدت محافظة الأنبار خلال العامين الأخيرين تزايدًا ملحوظاً في حالات الانتحار، خصوصاً بين فئة الشباب، في ظاهرة بدأت تثير قلق الأوساط الأمنية والاجتماعية في المحافظة التي لطالما عُرفت بطبيعتها العشائرية المحافظة، والتي تجعل الحديث عن هذه القضايا أمراً معقداً ومحاطاً بالصمت ووصمة العار.

وأفاد مصدر في قيادة شرطة الأنبار، لوكالة شفق نيوز بأن "عدد الحالات الموثقة منذ مطلع هذا العام وحتى نهاية حزيران تجاوزت 12 حالة، بعضها تم تسجيلها كـ(سقوط عرضي) أو (حوادث غرق)، إلا أن التحقيقات الجنائية كشفت عن دوافع انتحارية واضحة".

وأوضح المصدر، أن "أكثر المناطق التي شهدت هذه الحالات كانت الفلوجة، هيت، والقائم، مع بروز مقلق لحالات انتحار بين شبان دون سن العشرين".

وأشار إلى أن "القوات الأمنية كثفت جهودها في متابعة الظاهرة، مع محاولة تفكيك العوامل المحيطة بكل حالة، لكنها تصطدم غالبًا بصمت العوائل ومحاولة إغلاق الملفات تحت ضغط العادات الاجتماعية".

من جانبها، تقول أخصائية علم النفس إيمان الراوي، إن "الانتحار في المحافظة لم يعد مرتبطًا فقط بالاضطرابات النفسية، بل أصبح نتيجة لتراكمات اجتماعية واقتصادية مع غياب شبه تام للرعاية النفسية"، مضيفة أن "الكثير من الشباب يعاني من الإحباط، البطالة، العنف الأسري، أو اضطرابات ما بعد الصدمة نتيجة الحروب والنزوح، دون أن يجد من يستمع إليه أو يحتوي أزمته".

وحذرت الراوي عبر شفق نيوز، من "الاعتماد فقط على الحلول الأمنية أو الدينية في معالجة هذه الظاهرة"، مؤكدة على "ضرورة إدماج خدمات الدعم النفسي في المدارس والمراكز الصحية، وتفعيل خط ساخن سري لتلقي الاستغاثات النفسية".

أما الناشط المدني أحمد الذيابي، فأكد أن "الشباب في الأنبار يعانون من عزلة متزايدة، خصوصًا بعد عودتهم من مخيمات النزوح إلى واقع اقتصادي هش وفرص معدومة".

وقال الذيابي، للوكالة، إن "التكنولوجيا فتحت عيون الشباب على واقع آخر لا يستطيعون بلوغه، في حين تعجز المؤسسات المحلية عن خلق أي بيئة أمل أو إبداع، فنجد أن كثيراً من ضحايا الانتحار سبق أن نشروا إشارات تحذيرية على وسائل التواصل دون أن يلتفت إليهم أحد".

ويؤكد مختصون أن معالجة ملف الانتحار في الأنبار لا يمكن أن تتم دون تدخل مشترك بين الجهات الأمنية، الدينية، التربوية، والصحية، إلى جانب دعم حكومي واضح لتأسيس وحدات دعم نفسي مجتمعية.

ورغم محاولات بعض العشائر للتعامل مع هذه الظاهرة داخليًا، إلا أن الصمت الاجتماعي والتكتم الإعلامي، يفرضان جدارًا سميكًا أمام فهم الظاهرة ومكافحتها.

وتزايد حالات الانتحار في الأنبار لا يعكس فقط أزمة نفسية، بل هو مرآة لأزمة عميقة في المجتمع المحلي من فقر، عزلة، غياب الرعاية، وتحديات ما بعد الحرب، وإذا لم تُقابل هذه الظاهرة بتدخلات مهنية، فإن الأرقام مرشحة للارتفاع، في محافظة لم تعتد أن تعترف بالألم، لكنها بدأت تنزف بصمت.

مصدر الصورة
شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا