آخر الأخبار

"نزوح وتصحر".. الفرات ينحسر بالانبار ويخلف فوضى اجتماعية

شارك

شفق نيوز – الانبار

تشهد محافظة الأنبار، واحدة من أخطر الأزمات المائية التي مرت بها منذ عقود، مع انخفاض كبير في الإيرادات المائية لنهر الفرات، ما أدى إلى تفريغ عدد من بحيراتها الاستراتيجية وفي مقدمتها بحيرتا الحبانية والثرثار، وسط تحذيرات بيئية ومجتمعية من تداعيات كارثية تهدد الأمن الزراعي والمائي في العراق بشكل عام، والأنبار بشكل خاص.

وبهذا الصدد قال رئيس مركز الفرات البيئي صميم سلام لوكالة شفق نيوز، إن "الإطلاقات المائية كانت سابقاً على نهر الفرات تصل إلى 500 متر مكعب بالثانية، لكنها تراجعت مؤخراً إلى مستويات "خطيرة جداً"، لتتراوح بين 65 و78 متراً مكعباً بالثانية، وتتذبذب أحياناً بين 120 إلى 145 متراً مكعباً بالثانية، وهذا التذبذب أثر بشكل فعلي وواضح على مستوى الخزين الاستراتيجي للمياه، وخاصة في سد حديثة الذي يعد الشريان الحيوي لتغذية مناطق غرب العراق، بما فيها الرمادي والفلوجة والحبانية والكرمة".

واضاف ان "ما يدخل العراق الآن من مياه تُعد قليلة جداً، لا تتجاوز في بعض الأوقات 130 إلى 175 متراً مكعباً بالثانية، وهذه كميات ضئيلة لا تفي بالغرض، ولا تكفي حتى للخزن الاستراتيجي في سد حديثة، ولا سيما ان الإطلاقات الحالية هي آنية، وتُصرف مباشرة دون خزن، ولا يمكن تقسيمها بين تصريف وخزن، وهذا ما يزيد من تعقيد الأزمة".

واشار الى أن "الخطورة لم تعد نظرية أو مؤجلة، بل أصبحت واضحة ومباشرة، في ظل تزايد الطلب على المياه، ليس فقط لأغراض الزراعة، بل على مستوى الاستخدام المنزلي، والأمن المجتمعي، وحتى الأمن الوطني".

وتابع سلام: "كنا نحذر منذ سنوات من عملية تقنين الإطلاقات المائية، ومن التعامل مع نهري دجلة والفرات وكأنهما ليسا من حق العراق، المشكلة الأساسية تكمن في عدم اعتراف تركيا بأن النهرين هما نهران دوليان عابران للحدود، وهو ما يخالف القوانين الدولية، العراق لا يستجدي المياه، بل يطلب استحقاقه المائي المشروع".

ووجه رئيس مركز الفرات البيئي انتقادات شديدة لإدارة ملف المياه، متحدثاً عن "وجود خلل كبير في آليات توزيع وإدارة الموارد المائية، وفشل في تبني خطط واضحة لترشيد استخدامها، خاصة في ظل وجود مشاريع زراعية عملاقة وبحيرات أسماك يملكها متنفذون، تستنزف الخزين المائي بشكل كبير".

واستدرك بالقول: "حذرنا مراراً وتكراراً من تصريف المياه من السدود الخزنية بهذه الطريقة، تفريغ بحيرة الحبانية وبحيرة الثرثار وغيرهما جاء نتيجة مشاريع خاصة لمتنفذين، ومنها بحيرات أسماك تمتد على مئات الدونمات، ومزارع الشلب التي تُروى بطريقة الري الصيفي، ما أدى إلى كارثة فعلية بالخزين الاستراتيجي".

واوضح أن "الآثار لم تتوقف عند الزراعة، بل امتدت إلى النزوح البيئي، حيث تحذر التقارير البيئية من موجة هجرة عكسية من الريف إلى المدينة نتيجة انعدام الموارد المائية وترك الأراضي الزراعية، ما يعمق ظاهرة التصحر الثانوي، الذي يزحف على المدن بمعدل يفوق 100 دونم سنوياً".

واكد مسؤول المؤسسة البيئية، أن "العراق اليوم يعد خامس أكبر دولة تأثراً بالتغيرات المناخية، وثاني أكثر دولة في العالم تعاني من الشحة المائية والتصحر، وهذه أرقام مرعبة تؤكدها التقارير الأممية. المشكلة لم تعد فقط زراعية أو فنية، بل هي أمن قومي ومجتمعي حقيقي"، لافتا الى أن "الوضع في محافظة الأنبار يتطلب خطة طوارئ وطنية لإعادة النظر في إدارة المياه، وحماية البحيرات والسدود من الانهيار الكامل، وضمان حصة عادلة من المياه للمحافظة وسكانها".

وبين أن "كل مخلوق ينمو على ضفتي نهر الفرات يتطلب حصة مائية، النمو السكاني والاقتصادي والصناعي يحتاج إلى موارد مائية مستقرة، وأي تقصير في هذا الجانب يهدد الأمن المائي والاستقرار المجتمعي في الأنبار والعراق ككل".

وفي وقت سابق، حذرت مجلة "فوربس" الأمريكية في تقرير لها من "جفاف غير مسبوق" يصيب العراق ودول المنطقة بشكل عام، والتي توصف بأنها من الأكثر جفافا على الأرض، لافتة الى ان تداعيات استمرار ذلك، سيكون مدمرا لهذه الدول.

ولفت التقرير إلى أن الاحتياطيات الاستراتيجية المائية في العراق تراجعت الى 10 مليارات متر مكعب فقط، وهو يمثل نصف ما يحتاجه البلد خلال فصل الصيف والمقدر بـ18 مليار، واقل بكثير من 20 مليار التي كانت متوفرة في العام الماضي، وذلك لأسباب من بينها تقلص تدفقات الأنهار وشح الأمطار الشتوية، وضعف ذوبان الثلوج.

مصدر الصورة
شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا