شفق نيوز/ مع حلول الظهيرة، حين تلامس الحرارة عتبة 50 درجة مئوية، يتحول نهر الحسينية في كربلاء إلى ملاذٍ شعبي لأولئك الذين تسد سخونة الأجواء أمامهم كل منفذ. على الضفة الطينية للنهر، أو من أعلى مجسره حيث تتكدس الأحذية والقمصان على صخور صغيرة، وقف حسن علوان، شاب عشريني من ذوي الاحتياجات الخاصة، يحدّق في المياه المتلألئة.
ببطء، وضع عكازيه جانباً. لبعض الوقت تردد، وإلى المياه التي بدت كدعوة مفتوحة للراحة. فجأة، ومع زفرة طويلة كأنها آخر ما تبقّى من هواء بارد في رئتيه، قفز.
المشهد كان مألوفاً في الأعوام الأخيرة، مع موجات الحر الشديدة التي تضرب العراق كل صيف، باتت الأنهار والجداول وجهة لشباب وعمّال بناء ينهون يومهم الحارق، وأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل حسن، ممن يجدون في الماء متنفساً حين تعجز مكيفات الهواء أو تقطع عنها الكهرباء.
"لا أملك غير هذا النهر"، قال حسن مبتلاً وهو يسحب نفسه إلى الضفة بعد غطسة طويلة. "الغرفة مثل الفرن. هنا فقط أشعر أني حي".
كربلاء، مثل معظم مدن العراق الوسطى والجنوبية، تغلي تحت شمس حارقة. لكن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، والنقص في خدمات المياه المبردة، يجعل من هذه الظروف كارثية لآلاف السكان.
على ضفاف نهر الحسينية، لا يهم من أنت أو من أين أتيت. رجال بأجساد نحيلة يسبحون إلى جانب أطفال يصرخون فرحاً، البعض يستخدم الإطارات المطاطية كعوامات بدائية.
لكن ما يبقى في الذاكرة هو مشهد حسن، وهو يخطو من دون عكازيه إلى قلب الماء، "أعرف أن هذا ليس آمناً دوماً"، يقول مبتسماً بينما يجفف شعره. "لكن الحر أسوأ".