شفق نيوز/ تضاعفت نسب إجراء العمليات القيصرية في العراق دون دواع طبية لذلك، ما جعل عشرات الآلاف من النساء ضحايا لتلك العمليات بحسب مؤسسات صحية، ويرى خبراء أن الامر يرتبط بموضة وليس بحاجة فعلية، أو رغبة في ولادة الأطفال بتواريخ محددة.
وبهذا الصدد تقول لبنى وهي حامل تبلغ من العمر 25 عاماً في حديثها لوكالة شفق نيوز، "دخلت صالة العمليات ورأيت النساء الخارجات من العمليات في غرفة الإفاقة أكثر من 5 وهن في حالة التخدير العام".
وتضيف، "لم يطل انتظاري اذ تمت مناداتي بعد دقائق، ودخلت صالة العمليات، و بعد لحظات من دخولي فقدت الوعي نتيجة التخدير، ولم افق الا وانا في السرير وقد تم اجراء العملية لي، لكني لم أر الطبيبة الاخصائية بعد ذلك، ولم تكن هناك سوى ممرضات يعطين الادوية في موعدها".
تشير لبنى إلى انها "حاولت التواصل مع الطبيبة، لكنها عرفت فيما بعد أن الطبيبة تجري العمليات المقررة لها فقط وتغادر المستشفى، لذا اضطرت مغادرة المستشفى، و البقاء عشرة أيام وبعدها ذهبت الى الطبيبة في عيادتها الخاصة لإجراء الفحوصات".
شعرت لبنى خلال فترة الانتظار بمضاعفات في جرح العملية، وعلمت فيما بعد بأن الجرح قد التهب نتيجة عدم المتابعة من قبل متخصصين، وخضعت لدورة علاج أجبرتها على حرمان ابنها من الرضاعة الطبيعية بسبب مفعول العلاجات، وفق ماتقول.
وتفضل العديد من الفتيات والنساء في العراق إجراء عمليات ولادة قيصرية، لأسباب كثيرة، منها الخوف من تجربة الولادة الطبيعية وآلامها، وعدم الصبر على تحمل الم الولادة، وان اغلب النساء لا ينتظرن انتهاء فترة الحمل لصعوبة هذه الفترة، فضلا عن أن العملية القيصرية تحافظ على الجسم.
وأسهم التطور العلمي في المجال الصحي بإدخال نوع من مسكن للآلام يسمى "حقنة التاب بلوك" وتُعطى هذه الحقنة في نهاية العملية وقبل مغادرة المريضة غرفة العمليات.
تتميز هذه الحقنة عن غيرها من المسكنات الأخرى بأنها أكثر أمانًا وأطول مفعولاً، اذ يستمر مفعولها مدة تتراوح بين 18 الى 24 ساعة عادة في المرحلة الصعبة التي تلي الولادة القيصرية مباشرة.
وحتى نهاية القرن الماضي، كان اللجوء الى الولادة القيصرية بدلاً من الولادة الطبيعية، يتم كحل طبي لمواجهة مشكلات الولادات المتعسرة، لكن تحولاً كبيراً حصل في السنوات الأخيرة، حيث تضاعفت نسب إجراء العمليات القيصرية دون دواع طبية ودون النظر في العواقب المحتملة، ما جعل عشرات آلاف النساء ضحايا لتلك العمليات بحسب مؤسسات صحية.
ووفق بحث منظمة الصحة العالمية (WHO) نشر عام 2021، تصاعدت معدلات العمليات القيصرية على مستوى العالم، لتصبح أكثر من حالة واحدة لكل خمس حالات ولادة، أي ما يتجاوز 20% من جميع الولادات، وان هذا الارتفاع سيستمر وفق ما هو مرجح لتتم نحو 30% من جميع الولادات عن طريق العملية القيصرية بحلول العام 2030.
تؤكد اسراء كاظم 27 عاماً، انها "تخجل من الولادة الطبيعية، ففي المستشفيات العامة تكون صالات الانتظار للولادة مزدحمة بالنساء اللواتي ينتابهن المخاض، ويخضعن جميعاً للكشف من قبل الممرضات بدون خصوصية، وهذا امر مخجل، حسب رأيها، حتى لو كان الامر متعلقا بالطب، اضافة الى الم المخاض الذي لايحتمل، وما يصدر عن الممرضات من كلمات زجر احياناً خلال فترة المخاض".
وتشير في حديثها لوكالة شفق نيوز إلى، أنه "لا يوجد الم و صراخ في الولادة القيصرية، خاصة مع تطور الطب ووجود الحقن المخدرة للألم وهذا مريح بالنسبة للحامل، وهو ما دفعها لانجاب طفليها ضمن ولادات قيصرية تمت في مستشفيات اهلية".
ولا تخفي بعض الطبيبات الآثار الجانبية التي تترتب على عمليات الولادة القيصرية.
وفي هذا السياق، تقول الاخصائية النسائية الدكتورة نضال البغدادي، إن "لعمليات الولادة القيصرية آثارا جانبية وسلبيات تتراوح نسبتها بين 70% الى 80% .
وتضيف في تصريحات لوكالة شفق نيوز، ان "الولادات الطبيعية التي لا تحتاج الى تداخل جراحي أفضل بكثير بالنسبة للحوامل، لذا فانا انصح بالولادات الطبيعية والابتعاد قدر الإمكان عن الولادات القيصرية".
وتوضح ، أن "العمليات القيصرية يتم خلالها فتح بطن المريضة، وقد يعرضها ذلك الى ضرب عضو حيوي من أعضاء الجسم القريبة من البطن".
وتشدد الطبية على ضرورة أن "لا تتجاوز عمليات الولادة القيصرية ثلاثة اطفال مع اهمية تباعد الولادات كي لا تنفتح العملية السابقة، وأنه في حال أنجبت المرأة طفلها في عملية قيصرية فإن بوسعها إنجاب الطفل الآخر بشكل طبيعي ودون الحاجة الى عملية قيصرية".
وتؤكد، أن "العمليات القيصرية قد تتسبب بقلع الرحم ومشاكل أخرى، ولا يجوز اجراء هذه العمليات إلا في الحالات الطارئة والاستثنائية، ومنها الحالات التي تسمى باردة ، والتي يكون فيها الحوض ضيقاً او لا يحتوي على مواصفات احتواء الجنين وهو ما يتسبب بعسر الولادة".
وتنوه الطبيبة إلى أن "ضعف تقلصات عضلات الرحم عند بعض النساء يدخل ضمن الحالات التي تسبب مشاكل أثناء الولادة وتدعو الى التداخل الجراحي".
اما الطبيبة النسائية خالدة شرف، ترى ان "اكثر النساء وخاصة صغيرات السن منهن، يفضلن الولادة القيصرية على الولادة الطبيعية، وتتضمن هذه العملية توسيع الرحم".
وأوضح في حديث للوكالة، أن "التوسع يبقى قائما بعد الولادة ويسبب مشاكل عائلية كثيرة، وهذا ما نلمسه من خلال عدد كبير من المراجعات النسوية بهذا الشأن".
وتشير، الى ان "الولادة القيصرية على الطلب أمر ممنوع، وان الفتيات اصبحت لهن موضة الخوف من الولادة الطبيعية او الرغبة في إجراء عمليات قيصرية ضمن تواريخ وأحداث يرغبن بها ويفضلنها".