شفق نيوز/ يعزو مستشار حكومي لشؤون الكهرباء، أسباب تراجع تجهيز الطاقة في عموم العراق إلى الصيانة الدورية التي تجريها الوزارة لمحطات التوليد خلال هذه الفترة من كل عام، فضلاً عن فقدان 800 إلى ألف ميغاواط من الجانب الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية الأخيرة التي حظرت استيراد الكهرباء منها.
ونتيجة لذلك، تتوقع لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي، حصول نقص في توليد الكهرباء خلال الأشهر المقبلة، فيما يرى خبراء أن المعالجات الحالية لوزارة الكهرباء منها توقيع عقود إستراتيجية لإنشاء محطات كهربائية جديدة، متأخرة عقدين من الزمان، ولن توفر حلولاً سريعة للأزمة التي ستكون شديدة على المواطنين خلال فصل الصيف.
أسباب تراجع التجهيز
وفي التفاصيل، يقول مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الكهرباء، عادل كريم، إن "السبب الرئيسي لتراجع التجهيز هو أن المحطات الغازية والبخارية في طور الصيانة، ومن المقرر الانتهاء منها خلال 10 أيام، حيث عادة ما تُنجز هذه الصيانات الدورية بين منتصف أيار/ مايو الجاري إلى حزيران/ يونيو المقبل".
كما يرجع كريم خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أسباب قلّة التجهيز الحالية، إلى "الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة بواقع 12 درجة مئوية عن العام الماضي خلال الفترة نفسها، بالإضافة إلى فقدان من 800 إلى ألف ميغاواط من الجانب الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية الأخيرة التي حظرت استيراد الكهرباء منها".
ورافق القطع الكامل للكهرباء الإيرانية عن العراق، "تراجع التجهيز الإيراني للغاز بكمية أقل من المتعاقد عليها مع العراق، ما سبب شح في الغاز، وانعكس هذا على ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية في عموم البلاد"، وفق كريم.
أخطاء الحكومات السابقة
من جهته، يعزو عضو لجنة النفط والغاز النيابية، كاظم الطوكي، أزمة الكهرباء المستمرة والمتفاقمة سنوياً وخاصة في فصل الصيف إلى "أخطاء الحكومات السابقة، منها إنشاء محطات تعمل بالغاز رغم عدم توفره محلياً، لذلك من المتوقع حصول نقص في توليد الكهرباء خلال الأشهر المقبلة".
ويؤكد الطوكي لوكالة شفق نيوز، أن "مشكلة الكهرباء كبيرة وتحتاج إلى مبالغ عالية لإنهائها، وتحاول الحكومة الحالية النهوض بواقع الكهرباء من خلال إجراء تعاقدات مع شركة سيمنز وجنرال إلكتريك واستثمار الغاز المحترق وتحسين المحطات القديمة".
أزمة متفاقمة
وتتطابق مخاوف كاظم الطوكي مع الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، الذي يرى أن "أزمة الكهرباء في صيف 2025 ستتفاقم إذا لم تُنفذ معالجات عاجلة تتعلق بتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني، وزيادة استثمارات الطاقة المتجددة، ودعم إنتاج الغاز المحلي".
ويؤكد عبد ربه لوكالة شفق نيوز، أن "العراق يحتاج إلى حلول مستدامة، تتضمن تطوير حقول الغاز المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي مع تسريع مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار مثل السعودية والأردن وتركيا، إضافة إلى تفعيل استثمارات الطاقة الشمسية في المحافظات ذات درجات الحرارة العالية، والتعاقد مع شركة لتحسين آلية الجباية".
ويحذر، أن "استمرار الانقطاعات الكهربائية ستؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي وتزيد من أعباء المواطنين، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الطلب على الطاقة".
مشاريع جيدة لكنها متأخرة
وكانت وزارة الكهرباء أعلنت مؤخراً، توقيع عقود استراتيجية كبيرة مع شركات كبرى لإنشاء محطات كهربائية جديدة، منها محطة كهربائية بقدرة 24 ألف ميغاواط مع شركة جنرال إلكتريك، ومحطات أخرى بقدرة 14 ألف ميغاواط مع شركة سيمنز، وبالتالي يكون مجموع هذه المحطات 28 ألف ميغاواط.
وهذا يتجاوز العجز الحالي في التوليد والطلب على الطاقة الكهربائية الذي يصل إلى 27 ألف ميغاواط، بحسب الخبير في مجال الطاقة، كوفند شيرواني.
وبالإضافة إلى ما سبق، يضيف شيرواني لوكالة شفق نيوز، أن "وزارة الكهرباء وقعت عقوداً مع شركات أمريكية لتوليد 3 آلاف ميغاواط، وهناك توقيع مع شركة سعودية لمحطة ألف ميغاواط، إضافة إلى مشروع ما يسمى (شمس البصرة) تقوم به شركة توتال لإنشاء محطة ألف ميغاواط في محافظة البصرة، وكل هذه المشاريع تبدو جيدة لكن الشروع بها جاء متأخراً".
ويوضح، أن "هذه المشاريع وأمثالها كان من المفترض البدء بها قبل عقدين من الزمان، لتصل إلى مرحلة الإنتاج الفعلي، لذلك لن توفر حلولاً سريعة لأزمة الكهرباء التي ستكون شديدة على المواطنين خلال فصل الصيف".
كما يلاحظ شيرواني، أن "اتفاقيات وزارة الكهرباء هي تفاهمات وليست تعاقدات مُفصّلة لإنشاء محطات بعينها وبقدرات محددة، وهنا يكمن الفرق بين اتفاقية تفاهم أو عقد لإنجاز وإتمام مشروع معين".
ويرى، أن "معالجات وزارة الكهرباء للعوارض والاختناقات ومشاكل الشبكة هي جزئية ولا تعالج المشكلة الكبيرة في الطاقة الكهربائية التي تعاني من تراجع في مفاصلها الرئيسية الثلاثة".
ويشرح شيرواني هذه المفاصل بالقول، إن "التوليد فيه عجز نحو 27 ألف ميغاواط، والنقل والتوزيع فيه إشكالات وعادة تحصل فيه عوارض وأعطال، كما هناك ضائعات في الطاقة الكهربائية بحدود 15 إلى 20 بالمئة على أقل تقدير".
ويؤكد، أن "قطاع الكهرباء استنزف الكثير من موارد الدولة وتجاوز 80 مليار دولار على مدى 20 عاماً حسب تصريح رئيس الوزراء السابق، ولم يتم إجراء أي تحسينات ملموسة على أرض الواقع، وأن هذه الأزمة تزداد لأن الاستهلاك يرتفع مع زيادة أعداد السكان والمنشآت والأبنية وغيرها".
وحاولت وكالة شفق نيوز التواصل مع المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، للاطلاع على خطط الوزارة لمواجهة الصيف دون رد حتى ساعة كتابةهذاالتقرير.