شفق نيوز / في مشهد لافت وغير مألوف، بات العشب الطبيعي "الثيل" طوق نجاة حقيقي لآلاف السكان في مناطق جنوب بعقوبة، مغيرًا مصير قرى كانت مهددة بالنزوح بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة الناتجة عن الجفاف.
تحولت زراعة وبيع الثيل إلى نشاط اقتصادي رئيسي في قرى جنوب بهرز وجنوب كنعان وأطراف خان بني سعد، ما وفر دخلاً ثابتاً لمئات العوائل وأسهم في تحسين مستوى معيشتهم.
هذا التحول جاء بفضل الاعتماد على تقنيات الري الحديثة وحفر الآبار للاستفادة من المياه الجوفية، ما أعاد الحياة إلى مناطق كانت شبه مهجورة.
25 مليون دينار سنوياً
وقال مدير الهيئة العامة للمياه الجوفية في ديالى، باسم خلف، لوكالة شفق نيوز، إن "مناطق جنوب بهرز وكنعان وأطراف خان بني سعد كانت تعاني من نقص حاد في مياه السقي والشرب خلال المواسم السابقة، ما دفع الكثير من سكانها للتفكير بالهجرة بسبب تضرر الزراعة وشلل الحياة بفعل الجفاف".
وأضاف أن "اعتماد العائلات على حفر الآبار وإنشاء مزارع الثيل أنعش هذه المناطق، حيث أصبح العشب الطبيعي مصدر دخل رئيسي عبر بيعه للمواطنين والمستثمرين والجهات الحكومية"، مؤكداً أن "نجاح زراعة الثيل باستخدام المياه الجوفية ساعد في إنقاذ آلاف السكان من النزوح، مع تحقيق عوائد تصل إلى 25 مليون دينار سنوياً لكل مزرعة مكتملة".
من جانبه، أوضح إبراهيم أحمد، وهو أحد سكان جنوب بهرز، أن "زراعة الثيل أصبحت المهنة الرئيسية لمعظم العوائل في مناطق بزايز بهرز، خاصة بعد موجات الجفاف الأخيرة. وأشار إلى أن زراعة الثيل تمتد على مئات الدوانم وتستغرق نحو ثلاثة أشهر حتى تكون جاهزة للبيع".
وفي حديث لوكالة شفق نيوز، أشار إلى أن "الثيل المنتج يُوزع على المواطنين والدوائر البلدية لتنسيق الحدائق والأرصفة، ويتميز بجودته العالية وتنوعه بين الفرنسي والأمريكي والإسباني والإيطالي".
كما أضاف أحمد، أن "ما يجعل هذه المهنة آمنة ومهمة للسكان هو إمكانية استغلال الأراضي المحيطة بالمنازل وتحقيق دخل مستمر من خلال بيع قطع الثيل، حيث تباع القطعة الواحدة بسعر يقارب 1000 دينار، مما جعلها خياراً اقتصادياً مناسباً للعوائل التي عانت سابقًا من تداعيات التوترات الأمنية والجفاف".
تكاليف وأرباح
بدوره، أكد الباحث في الشأن البيئي مصطفى عبد الجبار، أن "نجاح تجربة زراعة الثيل يعود إلى ملاءمة التربة ووفرة المياه الجوفية وانخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بالأرباح، ما شجع العائلات على البقاء والعمل داخل قراهم بدلاً من النزوح".
ودعا عبد الجبار، إلى "دعم هذا القطاع الناشئ من خلال توفير قروض ميسرة وتسهيلات تسويقية"، مشيراً إلى أن "تعزيز زراعة الثيل لا يساهم فقط في تحسين الأوضاع الاقتصادية، بل يسهم أيضاً في تحسين البيئة وزيادة المساحات الخضراء".