شفق نيوز/ كشف عشرة من كبار القادة والمسؤولين العراقيين، يوم الاثنين، عن استعداد فصائل مسلحة "قوية" مدعومة من إيران، "لأول مرة" لنزع سلاحها، وذلك من أجل تجنب خطر تصاعد الصراع مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحسب المصادر، التي تحدثت لوكالة "رويترز"، تأتي هذه الخطوة لتهدئة التوتر في أعقاب تحذيرات متكررة وجهها مسؤولون أمريكيون بشكل غير رسمي، للحكومة العراقية منذ تولي ترامب السلطة في يناير/كانون الثاني .
وأضافت المصادر، أن "المسؤولين أبلغوا بغداد بأنه ما لم تتخذ إجراءات لحل الفصائل النشطة على أراضيها، فإن واشنطن قد تستهدفها بغارات جوية".
من جانبه، قال عزت الشابندر، السياسي الشيعي الكبير والمقرب من الإطار التنسيقي، لـ"رويترز"، إن "المناقشات بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وعدد من قادة الفصائل المسلحة وصلت إلى مرحلة (متقدمة للغاية)، وإن الجماعات تميل إلى الامتثال لدعوات الولايات المتحدة لنزع سلاحها".
وأضاف الشابندر، أن "الفصائل لا تتصرف بعناد أو تصر على الاستمرار بصيغتها الحالية"، مضيفا أن "الفصائل (تدرك تماما) أنها قد تكون هدفا للولايات المتحدة".
ووفق وكالة "رويترز"، ينتمي قادة الفصائل الستة الذين أجرت رويترز مقابلات معهم في بغداد ومحافظة جنوبية إلى (كتائب حزب الله) و(حركة النجباء) و(كتائب سيد الشهداء) و(حركة أنصار الله الأوفياء).
ونقلت الوكالة، عن قيادي في كتائب حزب الله (أقوى الفصائل الشيعية)، متحدثا وهو يرتدي كمامة سوداء ونظارة شمسية، قوله إن "ترامب مستعد لتصعيد الحرب معنا إلى مستويات أسوأ، نحن نعلم ذلك، ونريد تجنب مثل هذا السيناريو السيئ".
وأكد القادة أن حليفهم وراعيهم الرئيسي، الحرس الثوري الإيراني، منحهم موافقته على اتخاذ أي قرارات يرونها ضرورية لتجنب الانجرار إلى صراع قد يكون مدمرا مع الولايات المتحدة وإسرائيل .
إلى ذلك، قال فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية، لوكالة "رويترز"، إن "رئيس الوزراء ملتزم بضمان أن تكون جميع الأسلحة في العراق تحت سيطرة الدولة من خلال “حوار بناء مع مختلف الجهات الفاعلة الوطنية".
وذكر مسؤولان أمنيان عراقيان أن السوداني يضغط من أجل نزع سلاح جميع فصائل تحالف المقاومة الإسلامية في العراق، والتي تعلن الولاء للحرس الثوري الإيراني أو فيلق القدس التابع له، وليس لبغداد .
ونبه مسؤولون وقادة، إلى أن بعض الفصائل أخلت بالفعل مقراتها الرئيسية إلى حد كبير وقلصت وجودها في المدن الكبرى، بما في ذلك الموصل ومحافظة الأنبار، منذ منتصف يناير كانون الثاني خشية التعرض لغارات جوية .
وأضافوا أن العديد من القادة عززوا أيضا إجراءاتهم الأمنية خلال تلك الفترة، بما في ذلك تغيير هواتفهم المحمولة ومركباتهم ومساكنهم بشكل متكرر .
وتأتي هذه المستجدات، تأكيداً لما نشرته وكالة شفق نيوز، بوقت سابق، والتي أفادت نقلاً عن مصادر مطلعة بأن "القوى الرئيسية في الإطار التنسيقي وبعد مناقشات مكثفة فيما بينها وبين قيادات الفصائل المسلحة، توصلت إلى اتفاق يقضي بإبعاد الحشد الشعبي عن الملف السياسي، إلى جانب دمج كل الفصائل ضمن هيئة الحشد الشعبي".
وأضافت "وتضمن الاتفاق أن جميع ألوية ووحدات الحشد والفصائل تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة فقط، كما لا يمكن لأي جهة أن تتصرف خارج إطار الأوامر العسكرية الرسمية تحت أي مسمى أو سبب كان ".
وأشارت المصادر إلى أن "القرار قد يكون نهائياً ولا رجعة فيه وسيبدأ تطبيقه فعلياً بعد الاجتماع المرتقب للإطار التنسيقي وائتلاف إدارة الدولة، بعد عطلة عيد الفطر"، مردفة: "ستكون هناك متابعات أمنية للمقرات التي تدعى أنها فصائل مسلحة أو أنها جزء من الحشد لكن لا تمتلك صفة رسمية موثقة ".
وأوضحت أن "الأمر قد يصل لاعتقال كل من يقوم بأي أعمال خارج إطار الدولة لضرب المصالح الأمريكية على اعتبار كونها موجودة ضمن اتفاقية أمنية مع الحكومة وبالتالي أي قرار لإسناد ودعم خارج الحدود العراقية هو بيد القائد العام للقوات المسلحة حصراً، بمعنى آخر أي تفرد بالقرار من قبل أي طرف أو جهة أو شن هجمات بحجة دعم المقاومة الفلسطينية أو غيرها سيكون تحت طائلة القانون، علماً أن طهران التي تعد الداعم لمحور المقاومة أيدت ذلك ".
يأتي ذلك بعد أيام من إعلان "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" جهوزيتها للصراع مع إسرائيل، سواء عبر "حرب شاملة أو عمليات محدودة"، فيما شددت لجنة الأمن والدفاع النيابية على ضرورة أن تكون أي مشاركة عراقية في الصراعات الخارجية مرتبطة بقرار عربي أو دولي وليس منفردة .
وتأتي هذه المواقف عقب استئناف إسرائيل هجماتها على قطاع غزة، مما أنهى الهدنة الهشة التي استمرت لأسابيع، كما تزامنت مع بدء الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، في إطار مواجهة التهديدات التي تستهدف الملاحة البحرية، حسب قولهم .
وكان القيادي في حركة "النجباء"، مهدي الكعبي، قد وصف في تصريح لوكالة شفق نيوز، الضربات الأمريكية على اليمن هي "حرب استباقية لحماية إسرائيل"، مشيراً إلى أن "المقاومة الإسلامية كانت ولا تزال في حالة جهوزية تامة منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، ومستعدة لمواجهة أي تصعيد ضدها ".
وبين الكعبي، أن "جميع السيناريوهات مطروحة، بما في ذلك حرب شاملة، خاصة وأن إيران وحلفاءها في المنطقة يرفضون التفاوض تحت الضغط والتهديد ".
يذكر أن مصدراً رفيعاً كشف لوكالة شفق نيوز، الأسبوع الماضي، عن إجراء قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني زيارة خاطفة غير معلنة إلى بغداد .
ووفقاً للمصدر فإن قاآني عقد اجتماعاً مهماً مع قيادات في الإطار التنسيقي وبحضور قادة الفصائل والحشد الشعبي، للتأكيد على ضرورة التزام العراق بجانب الحياد وعدم التدخل في الملف السوري إلى جانب ضبط الملف الأمني ومنع أي اجتهادات خارج إطار الدولة، وسط تحذير من تداعيات وخيمة، فضلاً عن مناقشة الأحداث المتوقعة بعد الهجوم الأمريكي على الحوثيين في اليمن .
كما حمل قاآني رسائل إيرانية للحكومة العراقية من بينها دعم الموقف في البقاء بهذا التوازن وعدم الانخراط مع أي طرف ضد آخر لكن في حال تعرض العراق لضربة إسرائيلية فإن إيران لن تسكت وستكون داعمة لأي موقف يصدر من الحكومة أو أي ردة فعل تصدر من الفصائل المسلحة .
وتعقيباً على ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي نعمة البنداوي، في حينها، إن "الحكومة العراقية ملتزمة بالقوانين الدولية، ولا يمكن السماح لأي جهة سياسية أو فصيل مسلح بتنفيذ عمليات عسكرية دون موافقة رسمية من الحكومة ".
ووفقاً لحديث البنداوي، لوكالة شفق نيوز، فإن بغداد لن تتورط في صراعات خارجية، بل ستركز على تعزيز الأمن الداخلي وحماية السيادة العراقية .
وخلص البنداوي، إلى القول: "أما المشاركة الخارجية، فهذا القرار لا ينبغي أن يكون عراقياً فقط، بل من المفترض أن يكون هناك قرار عربي أو أممي أو دولي، حينها سيكون العراق مستعداً للمشاركة أما بمفرده وبهذه الطريقة، فهذه قضايا إعلامية لا أكثر".