شفق نيوز/ تلمع عينا مهدي صالح (43 عاماً) وترتسم فيها ألوان متعددة هي مزيج من الفرح والحزن العميق وهو يتذكر أول عيدية استلمها من عمه الذي قدم إليهم لتقديم التهنئة بالعيد وتناول الغداء بأجواء عائلية ودودة.
يقول مهدي وهو يعصر ذاكرته لتعود به إلى السنوات الخوالي يوم كان طفلاً لا يدرك من العالم سوى اللعب: "كان ابي وامي يشترون لي الثياب الجديدة في الأعياد ويعطونني صبيحة العيد مبلغا مالياً، لا أنسى ان والدي كان يضعه في جيبي ويقول لي (هاي عيديتك)، اذهب مع اخوتك إلى المراجيح".
ويضيف في حديثه لوكالة شفق نيوز: "لا أعرف لماذا تركت العيدية التي تسلمتها من عمي هذا الأثر الكبير الذي مازال عالقا بذاكرتي حتى الان، ربما لأنها أول عيدية استلمها من غير أبي وأمي، أو لأن المبلغ كان أكثر مما يعطيني والدي رغم أنه لم يكن بوسعي التمييز بين المبالغ إلا بقدر بسيط للغاية لصغر سني".
يؤكد صالح، أن "فرحته التي لا تنسى بتلك العيدية تدفعه إلى إعطاء العيدية إلى أطفاله وإلى الأطفال الذين يزورنه في عطلة العيد مع ذويهم ليترك الفرحة في قلوبهم كما تركتها في نفسه عيدية العم".
والعيدية هي مبلغ مالي يُقدم عادةً للأطفال في العيد، ويعتبر من التقاليد الشعبية في العديد من البلدان العربية.
وتشكل العيدية بالنسبة للصغار والكبار أحد الطقوس المبهجة لدى العراقيين في الأعياد.
واعتاد أسامة أحمد (9 سنوات) أخذ عيدياته من أهله وشراء ألعاب (بلاي ستيشن) أو الذهاب معهم إلى المولات والمتنزهات لركوب الألعاب.
ويبين أسامة الذي تحدث للوكالة أن "أعلى عيدية حصلت عليها من جدي وجدتي وهي 25 الفاً أما والدي فيعطوني 10 آلاف مثل أخوتي الآخرين".
ولكن أسامة يدخر كثيراً من العيديات عند والدته لشراء لعبة أو دراجة جديدة عند انتهاء العام الدراسي.
يتم تسليم العيديات قبل ليلة أو ليلتين من العيد، ويبدأ التسليم حين يقرع أصحاب الطبل طبولهم ويطرقون الأبواب لإستلام مكافآتهم "العيدية"، على إيقاظ الصائمين لتناول وجبة السحور طول شهر رمضان المبارك.
وعادة ما ترافق مجموعات أصحاب الطبول أجواء مرحة وضحكات بريئة وابتهالات بأن يعود الشهر الفضيل على الناس بالخير واليمن والبركات.
ويخرج أصحاب الدور إلى الشارع مبتسمين ويوزعون مبالغ بسيطة على أصحاب الطبول ويشكرونهم على ما قدموه من خدمة خلال شهر رمضان، فيما تسود أجواء المرح على هذه الطقوس.
ويشعر الآباء بالفرح حين يعطون العيدية لأولادهم الصغار، ويجعلونهم فرحين بهذه المناسبة، لأن العطاء بمثل هذه المناسبة يكتسب أهمية كبيرة كونه لا يقتصر على الأفراد بل ظاهرة اجتماعية وتقليد متعارف عليه.
يقول حسن الساعدي 30 عاماً من بغداد الجديدة احلى شيء في صباح العيد حين اوزع العيديات لأولادي والفرحة مرسومة على وجوههم وعيونهم.
ويذكر الساعدي، خلال حديثه للوكالة، أنه يقوم بتحضير مبالغ معقولة أسلمها للإطفال صبيحة العيد بعد تبادل التهنئة والقبلات.
ولم تعد تقتصر "العيدية" على الصغار فقط، فالكبار ايضاً يطالبون بها، واولهم الزوجات وبعض الامهات.
تقول ربى حميد، إنها منذ صغرها حتى زواجها لم يمر عيد إلا وقد حصلت على عيدية من والدها واخوانها والآن من زوجها، وتضيف أن "المرأة بطبيعتها تحب أن تهدى لها الهدايا والعيديات مهما كبرت".
وثمة عيدية اخرى يفرح بها الايتام والفقراء ليلة العيد وصبيحتها، وهي زكاة الفطرة التي تنص عليها السنة النبوية.
يقول إمام جامع وحسينية أهل البيت الشيخ علي راضي الشمري، إن زكاة الفطرة تجب على الصائمين والمفطرين على حد سواء.
ويوضح في تصريح لوكالة شفق نيوز، أن "مقدار مبلغ زكاة الفطرة لا يتجاوز ثمن كيلو الطحين في الأسواق، ويتم احتساب مبلغ الزكاة على أساس ثمن كيلوغرام الطحين على عدد أفراد عائلة الشخص المتصدق".
ويؤكد، أن "مبلغ زكاة الفطرة يسير للغاية وبالمقدور دفعه للمحتاجين، وله أثر كبير في إدخال السرور على الايتام والفقراء، خاصة وأن المتصدق هو من يذهب للعائلة التي يراها تسحق الزكاة ويطرق بابهم ويسلم مبلغ الزكاة باحترام وسرية تحفظ كرامتهم.