شفق نيوز/ تشهد السوق العراقية منذ سنوات منافسة محتدمة بين العلامات التجارية الإيرانية والتركية في مجال الحلويات والشوكولاتة، إلا أنّ المتغيّرات الاقتصادية والسياسات الجديدة في بغداد أفضت إلى تراجع ملحوظ في حصة المنتجات الإيرانية على رفوف المتاجر العراقية.
وعلى الرغم من القدرات الإنتاجية للمصانع الإيرانية، تجد هذه العلامات التجارية نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها للبقاء في سوق تشهد تحولات سريعة وتوجّهًا متزايدًا نحو الاكتفاء الذاتي.
يؤكد إبراهيم شهير، نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة أصفهان، أنّ صناعة الحلويات والشوكولاتة في إيران تتمتع بقدرة إنتاجية كبيرة وتكنولوجيا متطورة، حتى أنّ بعض المصانع الإيرانية تُعدّ رائدة وفريدة في الشرق الأوسط والعالم.
وبفضل الطلب المرتفع من المستهلكين المحليين، اكتسبت هذه الصناعة خبرةً ومكانةً مرموقة، إذ يتناول الإيرانيون الحلويات والشوكولاتة منذ زمن بعيد، ما أسهم في تطوير التكنولوجيا المستخدمة واعتماد أحدث الأساليب في الإنتاج.
غير أنّ ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الخام، خاصة الكاكاو، والتحديات المصرفية المرتبطة بتوفير العملة الصعبة لاستيراد مستلزمات الإنتاج، شكلت عائقًا كبيرًا.
فالانتقال من النظام النقديم "النّيمايي” (المستخدمة سابقًا) إلى آليات أكثر ارتباطًا بسعر الصرف في السوق المفتوحة، رفع التكلفة النهائية للمنتج. كما شكّلت التأخيرات في توريد المواد التي تديرها الحكومة، كالسُّكر والزيت والطحين، ضغطًا إضافيًا على المُنتجين الذين يضطرون إلى شرائها بأسعار أعلى من السوق المفتوحة، ما يزيد أعباء التمويل ويقلص القدرة على المنافسة السعرية في الأسواق الخارجية، بحسب تقرير لموقع اكو إيران وترجمته وكالة شفق نيوز.
اتجه العراق في السنوات الأخيرة إلى تعزيز الإنتاج المحلي عبر فرض قيود جديدة على الاستيراد وتعديل الرسوم الجمركية، سعياً لتقليص الاعتماد على المنتجات الأجنبية والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، ونتيجةً لذلك، صار من المنتظر أن يُحظر استيراد أنواع معينة من البسكويت والحلويات إلى العراق في المستقبل القريب، وفقًا للتغيرات التشريعية المعلنة.
ليس هذا فحسب، فقد زادت الرسوم على الواردات، الأمر الذي زاد تكاليف دخول المنتجات الإيرانية إلى السوق العراقية، ومن المتوقع أن تتفاقم المنافسة فيما تستفيد الشركات التركية من تسهيلات ائتمانية ومصرفية متطورة (مثل خطابات الاعتماد) لتسويق منتجاتها في العراق، وفي المقابل، تواجه الشركات الإيرانية صعوبات كبيرة فيما يتعلق بتحويل الأموال وإعادة العملة إلى إيران نتيجة العقوبات والقيود الاقتصادية المفروضة، بحسب ما يقوله إبراهيم شهير، نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة أصفهان.
شهدت السوق العراقية قبل عشر سنوات انتشارًا واسعًا للمنتجات الإيرانية، خصوصًا في مجال الحلويات والبسكويت، بيد أنّ هذه الحصة تراجعت بشكل حاد، إذ تزدحم رفوف المتاجر بالمنتجات التركية، ما يُعزى جزئيًا إلى الدعم المصرفي الكبير الذي تحظى به الشركات التركية.
ويشير شهير إلى أنّ المنافسة باتت تزداد صعوبةً بالنسبة للإيرانيين، فهم مقيّدون بعوائق العقوبات ونقص الدعم التمويلي، ما يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار النهائية وتقلص جدوى المنافسة أمام نظيراتهم الأتراك.
ويرى بعض المحللين أنّ العلامات التجارية الإيرانية المتبقية في السوق العراقية إمّا تتمتع بجودة استثنائية تنافس العلامات العالمية، أو تلجأ إلى خفض الأسعار إلى مستويات بالكاد تُغطّي تكاليف الإنتاج، وهو ما قد لا يكون مستدامًا على المدى البعيد.
هذه الظروف جعلت المنافسة في السوق العراقية غير واقعية وصعبة على المنتجين الإيرانيين، الذي عليهم تعويض تكاليف العقوبات والسياسات الاقتصادية بالسعر النهائي لمنتجاتهم.
في الوقت الحالي، لم يتبق سوى العلامات التجارية في السوق التي تتمتع بجودة تنافسية أو لجأت إلى أساليب تخفيض الأسعار وبأسعار مخفضة للغاية لا يمكن الحفاظ عليها.
يوضح شهير: "اليوم، المنافسة في السوق العراقي لا تقتصر على الجودة فحسب، بل يلعب السعر النهائي وتغليف المنتجات أيضًا دورًا مهمًا في جذب العملاء. ومن خلال استخدام أساليب الائتمان والاعتمادات المستندية، تمكنت تركيا من خلق ظروف أفضل لبيع منتجاتها، في حين لا يزال المصدرون الإيرانيون يعانون من العقوبات وسياسات العملة الداخلية.
ويؤكد أن عصر استخدام المواد الخام الحكومية الرخيصة والمزايا الاقتصادية لدعم الصادرات قد انتهى. ولذلك، يجب على الشركات التركيز على تطوير منتجات جديدة، وإدارة التكاليف على النحو الأمثل، وتحسين أساليب البيع من أجل أن تظل قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والأجنبية. كما أن تعزيز البنية التحتية للتصدير وتحسين أساليب التحويل المالي من بين التدابير التي يمكن أن تساعد في تحسين وضع هذه الصناعة.