شفق نيوز/ مع حلول شهر رمضان المبارك، تتزايد المبادرات الخيرية التي تهدف إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين، من توزيع السلال الغذائية إلى إقامة موائد الإفطار الجماعي، إلا أن مبادرة شبابية لافتة في حي الجهاد ببغداد جذبت الانتباه هذا العام، حيث تطوع مجموعة من الشباب لتوزيع وجبات الإفطار يومياً طوال الشهر الفضيل .
ونصب هؤلاء الشباب خيمة مخصصة لإفطار الصائمين، بحيث يتسنى لسائقي التكسي وعمال النظافة والكسبة والمحتاجين تناول الإفطار داخلها، اللافت في الأمر أن هذه المبادرة ليست مدعومة مالياً من أي جهة رسمية أو أهلية، بل يتم تمويلها بالكامل من قبل الشباب المتطوعين أنفسهم، بمساهمة من بعض الميسورين في المنطقة .
طوال الشهر
ويقول زياد العامري، المشرف على المبادرة، إن هذه الجهود الخيرية لن تقتصر على تقديم وجبات الإفطار فقط، بل ستشمل أيضاً توزيع سلال غذائية وكسوة العيد في الأيام الأخيرة من الشهر المبارك.
ويضيف العامري، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الخيمة التي نُصبت منذ اليوم الأول من رمضان، ستستمر حتى نهايته، مع تقديم فعاليات شبابية متجددة ومتنوعة بشكل يومي".
كما يؤكد العامري، أن "الفكرة بدأت من أحد أصدقائه، الذي اقترح إطلاق مبادرة خيرية لمساعدة الصائمين، خاصة سائقي التكسي الذين قد يدركهم موعد الإفطار أثناء العمل"، مبيناً أن "الخيمة مفتوحة أيضاً للكسبة والفقراء، مما يجعلها ملاذاً للكثيرين في وقت الإفطار".
ولم يقتصر دور الشباب على تقديم الطعام فقط، بل سعوا إلى إشراك الأطفال في هذه المبادرة لتعزيز ثقافة العطاء لديهم منذ الصغر، ويعكس هذا المشروع روح التكافل الاجتماعي والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، حيث لا تقتصر الاستفادة منها على فئة محددة، بل تشمل أيضًا سائقي دراجات التوصيل "الدلفري" وعابري السبيل .
مواقف مؤثرة
من جانبه، يقول سائق التكسي راضي كريم محسن، صاحب الـ 38 عاماً، إنه تناول إفطاره في الخيمة لأن منزله يبعد مسافة طويلة عن مكان عمله .
ويشير محسن، في حديثه للوكالة، إلى أن "هذه المبادرة رغم بساطتها تعكس وعي الشباب بأهمية العطاء دون انتظار مقابل، وهو ما يجعلها أكثر قيمة وتأثيراً".
أما لؤي عبدالفتاح، صاحب الـ 23 عاماً، وهو سائق دراجة "دلفري"، فقد توقف عند الخيمة لتناول الإفطار بسرعة قبل أن يواصل عمله، وفقاً لما تحدث به لوكالة شفق نيوز .
ويتابع عبدالفتاح، أنه يعمل على توصيل الطلبات لصالح أحد محلات "الكوزمتك" في منطقة الكرادة، وأن موعد الإفطار أدركه أثناء توصيل طلب إلى منطقة العامرية، مضيفاً أنه توقف عند الخيمة لشرب الماء، فوجدت الإفطار معداً وجاهزاً .
ويشيد عبد الفتاح، بالشباب القائمين على المبادرة الإنسانية، فيما داعا إلى "دعمهم مادياً ومعنوياً".
مائدة مفتوحة
ولم يقتصر عمل الشباب على تقديم الطعام داخل الخيمة فقط، بل قاموا أيضاً بتوصيل وجبات الإفطار إلى العائلات المتعففة القريبة، إضافة إلى دعوة المارة للمشاركة في الإفطار .
وبات من المعتاد رؤية دراجات التوصيل وسيارات التكسي تتوقف بالقرب من الخيمة، حتى أن سيارة نفايات تابعة لبلدية الرشيد توقفت ونزل منها عمال النظافة لتناول الإفطار .
ويعرب عامل النظافة مجيد سرحان، صاحب الـ 30 عاماً عبر وكالة شفق نيوز، عن سعادته بهذه المبادرة، مشيراً إلى أن عمله استمر حتى أذان المغرب، مما جعله غير قادر على العودة إلى منزله للإفطار، إلا أن الشباب دعوه إلى مائدتهم الرمضانية، وهو ما اعتبره دليلاً على الشعور بالمسؤولية والتكاتف الاجتماعي .
من جهتهم، وجد أهالي المنطقة في هذه المبادرة الشبابية تعبيراً عن روح العمل الخيري خلال شهر رمضان، حيث يقول المواطن ناهض صبار، صاحب الـ 60 عاماً، إنه كان من أوائل الداعمين للفكرة عندما طرحها الشباب، مشدداً على أهمية دعمهم وتشجيعهم لتنمية هذه القيم الإيجابية في المجتمع .
ويؤكد صبار، خلال حديثه للوكالة، أن "مثل هذه المبادرات تعزز روح التعاون بين أبناء المنطقة، وتعكس صورة مشرفة للشباب الذين يبادرون دون انتظار مقابل"، داعياً الجميع إلى "دعم هذه الجهود الخيرية لضمان استمرارها في السنوات القادمة".
وتبرز هذه الخيمة كمثال على مبادرات شبابية تهدف إلى تحقيق التكافل الاجتماعي دون انتظار دعم من جهات خارجية، مما يعكس وعياً عميقاً بأهمية المساهمة في المجتمع .