شفق نيوز/ في ظل الاستيراد الكبير للحوم الحمراء، وثمنها المنخفض مقارنة باللحوم العراقية، إلا أن المواطنين يعزفون عن شرائها تجنباً لمشكلات صحية ولعدم ثقتهم بها، لا سيما وأن أطباء حذروا منها، وذلك بالرغم من تأكيد وزارة الزراعة على استيفاء هذه اللحوم والمواشي المستوردة الإجراءات الصحية كافة، وخضوعها لفحوصات في بلد المنشأ وعند وصولها البلاد.
ويعتمد العراق على استيراد اللحوم الحمراء بكميات كبيرة، في محاولة لخفض أسعار اللحوم المحلية واستقرارها، خاصة وأن وزارة الزراعة، وجهت في شباط/ فبراير 2024، بفتح استيراد الأبقار والأغنام لأغراض الذبح والتربية، بهدف السيطرة على أسعار اللحوم العراقية في الأسواق.
ويقول الطبيب الاختصاص بأمراض المناعة، مسلم عباس، إن "الانفتاح على استيراد اللحوم المجمدة قد تنجم عنه مشاكل صحية خطيرة، ومنها الاصابة بأمراض القلب وزيادةِ نسب الدهون في الدم. وسواها".
ويشير عباس، لوكالة شفق نيوز، الى مضار اللحوم المستوردة على الصحة العامة، "كونها مشبعة بالدهون التي ترفع نسبة الكوليسترول في الدم، وتسبب تصلب الشرايين وارتفاع الضغط وزيادة الوزن".
وبلغت نسبة كميات اللحوم المستوردة في عام 2022، قرابة 90 طنا، بقيمة تجاوزت 200 مليون دولار حسب إحصائيات وزارة التجارة.
ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، للوكالة، إنه "يتم استيراد اللحوم لصالح الوزارة من مناشئ عالمية متعددة سواء كانت لحوماً مجزورة أو مواشي حية لأغراض الذبح"ز
ويضيف أنه "اللحوم والمواشي تستورد من البرازيل وكولومبيا وأستراليا وجورجيا، وفتحت الوزارة قنوات اتصال مع عدد من البلدان الأفريقية المشهورة بمراعيها الواسعة مثل منغوليا وباشتراطات صحية بيطرية"، مبينا أن "فرقاً صحية عراقية تذهب الى البلد المراد الاستيراد منها بهدف زيارة مراعي الحيوانات الموجودة هناك للتأكد من عدم وجود حالات وبائية، وبعد ذلك تمنح رخصة الاستيراد".
ويلفت إلى أن "هناك رقابة مستمرة على الحيوانات الى حين وصولها الى الموانئ العراقية، وبعد تفريغها في الموانئ، تخضع لفحص جديد وحجر مدته 21 يوما".
ويوضح الخزاعي، أن "وزارة الزراعة سمحت هذا العام بدخول نحو 325 رأس ماشية معدة للذبح من منافذ متعددة"، مبينا أن "الاستيراد ساهم في تخفيض أسعار اللحوم الحمراء بعد صعودها الى مستويات تفوق قدرة بعض شرائح المجتمع العراقي".
ويؤكد، أن "نسبة انخفاض اللحوم في الأسواق حالياً تتراوح بين 30% إلى 40%، ووفرت تعدد مناشئ استيراد اللحوم والمواشي بدائل رصينة للمواطنين في مجال اللحوم".
وثمة أسباب أخرى تساعد على استيراد اللحوم، منها كلفة إنتاج اللحوم المحلية المرتفعة، وفق خبراء الاقتصاد، إذ يقول الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، إن "كلفة إنتاج اللحوم المرتفعة تساعد على زيادة الاستيراد".
وشير عبد ربه، لوكالة شفق نيوز، "عدم توفر إحصائيات بالأموال التي ينفقها العراق على استيراد اللحوم من تركيا وإيران والهند وغيرها".
ويشدد على "ضرورة تطوير المراعي أو الاهتمام بالثروة الحيوانية عبر الإستثمار الذي سيوفر فرص عمل كثيرة، والوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم والمنتجات الحيوانية".
ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من لحوم العجول المستوردة بين 4 - 6 آلاف دينار، فيما يبلغ سعر كيلوغرام من اللحم العراقي حالياً بين 18 - 20 ألف دينار.
ورغم أن استهلاك الفرد في العراق للحوم الحمراء يصل إلى أكثر من 20 كغم سنوياً، ولكن يتجنب شرائها الكثير من الناس، ويرجع بعضهم هذا التجنب إلى اختلاف طعمها عن اللحم العراقي "الهرفي" كما يطلق عليه محلياً، في حين يرجع السبب الأبرز إلى خوف الناس من شراء لحوم الحيوانات الميتة أو النافقة، حيث لا يغري الفارق الكبير في الأسعار كثيرين بالمغامرة في شرائه خشية أضراره الصحية.
زينة البغدادي (45 عاما) تقول لوكالة شفق نيوز، إن "العائلة لا تغامر بشراء اللحوم المستوردة لخطورتها الصحية وعدم معرفة مصادرها وطريقة نحرها".
وتشير المواطنة، إلى أن "مدة صلاحية هذه اللحوم غير مفهومة، لأن بعضها لا يحمل ملصقا يدل على مدة الصلاحية، وان وجد الملصق فمن السهولة تغييره في ظل غياب الرقابة الصحية على الأسواق".
بدوره، يبين المواطن غازي عبد الكريم (35 عاماً)، أنه "لا قيمة للمال أمام صحة الإنسان، وأن شراء مواد غذائية رخيصة الثمن، تشكل لاحقا خطرا صحيا، أمر غير مقبول".
ويؤكد عبد الكريم، للوكالة، أن "بعض الطبقات الفقيرة قد تستفيد من انخفاض اسعار اللحوم المستوردة، لكنه لا يجد في الاستيراد حلا مثاليا لمشكلة ارتفاع أسعار اللحوم العراقية".
أما سعد العبيدي (45 عاما)، وهو صاحب أسواق، فيقول لوكالة شفق نيوز، إن "اللحم المستورد يأتي مقطع، وهو يشبه اللحم العراقي، لكنه يحتاج إلى غلي لفترة أكثر، خلال عملية الطهي"، مؤكداً أن "الإقبال الأكثر على هذا اللحم هو من قبل أصحاب المطاعم والتجهيزات الغذائية".