شفق نيوز/ في إحدى زوايا كركوك، يجلس الحاج أبو يحيى نجم الدين جلال، الرجل الذي تجاوز 70 عاما من عمره، وسط كومة من الأجهزة الكهربائية التي تنتظر أن تعود للحياة بين يديه، لا يعترف بالمستحيل، فبلمسة مهارته و"فرّة درنفيس"، يستطيع إصلاح كل شيء، من أصغر جهاز منزلي إلى دبابات ومروحيات أصابها العطل .
منذ ساعات الصباح الأولى، يعمل بصبر وحرفية، متنقلاً بين الأجهزة، مفككاً ومصلحاً، في ورشته التي تعج بقطع الغيار التي جمعها على مدى عقود .
لقّبه أهل كركوك بـ "هيتاشي الياباني العراقي"، تقديراً لمهارته الفريدة التي جعلته المرجع الأول في عالم التصليح، حيث لا يغادر جهاز ورشته إلا وقد استعاد حياته من جديد .
" نمبر ون" في العراق
يجلس الحاج أبو يحيى على أريكته وسط الأجهزة الكهربائية التي يعمل على إصلاحها، ولا تفوته صغيرة أو كبيرة إلا ويجد لها حلاً .
تقاسيم وجهه تشير إلى سنوات من الخبرة والعمر الذي يمتزج بين سنوات العمل الشاق وحرفة التصليح، حيث ينتقل بين جهاز وآخر، يبحث عن العلل، ويفحص ويدقق، ثم يحدد نوع العطل في أي جهاز يمر تحت يديه التي تُعيد الحياة إلى الأجهزة الكهربائية وكل ما له علاقة بالكهرباء .
ويقول أبو يحيى، لوكالة شفق نيوز، إن "العمل عبادة، والرزق على الله، وعلى الإنسان أن يسعى لتوفير لقمة العيش الحلال، فمنذ عام 1990 بدأت العمل في إصلاح الأجهزة الكهربائية، وأي شيء له علاقة بالكهرباء أجد طريقة لإصلاحه، لا شيء مستحيل، فأنا أمتلك قطع غيار لكل شيء، من البرغي إلى المحركات الكهربائية، حسب نوع الجهاز الذي يصيبه العطل".
ويشير إلى أن "الأجهزة اليابانية، وخاصة (هيتاشي وشارب)، كانت ذات قوة ومتانة، وأنا أعرف كيف أصلح هذه الأنواع وغيرها، ما أمتلكه من مواد احتياطية للأجهزة الكهربائية يجعلني صاحب أكبر ورشة مواد احتياطية في العراق، عندما يصلني الجهاز المعطل، أضعه على الطاولة وأبدأ بتفكيكه باستخدام الدرنفيس (المفك الحديدي)، وبعد التفكيك أفحص الجزء المعطل وأقوم بإصلاحه، ثم يصبح الجهاز جاهزاً للعمل وأعيد له الحياة".
من البرغي إلى محطة كهرباء
ويتابع أبو يحيى، قائلاً "أمتلك جميع أجزاء الأجهزة الكهربائية، من أصغر برغي (قطعة معدنية تستخدم في ربط الأجهزة الكهربائية) إلى محطات كهربائية صغيرة"، مستطرداً القول "أستقبل الأجهزة من أصحابها، وأعرض عليهم المشكلة، وبعد التصليح يتسلمونها بسعر يُحدد حسب نوع العطل وتتراوح أسعار التصليح بين 5 آلاف إلى 25 ألف دينار عراقي، أما العوائل الفقيرة فلا آخذ منها أجور التصليح".
وعن أزمة الكهرباء وتأثيرها على عمله، يقول، إن "تردي واقع التجهيز الكهربائي جعل الكثيرين يعتمدون على أنفسهم، أنا أعتمد على محطة كهربائية صغيرة تتكون من بطارية وعاكسة كهربائية، توفر لي طاقة بديلة عن الكهرباء تصل إلى ثلاث ساعات، وهي فترة كافية لإصلاح عدة أجهزة عاطلة".
الشباب غارقون في "البوبجي "
ليس بعيداً عنه، يجلس ابنه يحيى في الورشة ممسكاً بهاتفه المحمول، ويقول والده، إن "يحيى ذكي وتعلم المهنة بسرعة، لكنه مشغول بمعارك (البوبجي)، والألعاب الإلكترونية"، مبيناً أن "تصليح وصيانة الأجهزة الكهربائية من أبرز الخدمات التقنية التي نقدمها، وهو يعرف كيف يصلح الأجهزة، لكنه مشغول بالتكنولوجيا الحديثة".
ويضيف أن "خدمة تصليح وصيانة الأجهزة الكهربائية هي واحدة من العمليات المهمة لإعادة تشغيل الأجهزة بعد معالجة الأعطال التي تحدث نتيجة الاستهلاك المفرط، خاصة داخل المؤسسات".
خدمة ممتازة
في المقابل، يقول محمد عباس، وهو أحد زبائن الحاج "أبو يحيى"، لوكالة شفق نيوز، إن "الحاج (أبو يحيى) يعتبر (نمبر ون) في العراق من حيث المواد التي يجمعها وكذلك في التصليح. أي جهاز عاطل، مهما كان نوعه، يستطيع إصلاحه، ببساطة أنه (هيتاشي) العراق، مصلّح مميز، والأفضل في كركوك".
ويشير إلى أن "الحاج (أبو يحيى) يُطلق عليه لقب (هيتاشي) الياباني لأنه يعمل بمهارة عالية، والاسم مشتق من شركة يابانية معروفة بالجودة والدقة والمتانة".
وأوضح أن "هذا الاسم يطابق الفعل، فهو عند إصلاح أي جهاز، يقوم باستبدال القطعة المعطلة بأخرى مطابقة من مخزونه الهائل من القطع الاحتياطية، والذي يتوفر لديه في متجره بشارع الأوقاف القديم، بجانب مبنى محكمة استئناف كركوك القديمة".