شفق نيوز/ بعد سنوات من الترميم والتجهيز، بات متحف الأنبار الحضاري جاهزاً لاستقبال زواره، في خطوة تهدف لإحياء التراث الثقافي والحضاري للمحافظة.
ومع اكتمال كافة الترتيبات اللوجستية والتقنية، بما في ذلك تجهيز المبنى بمنظومات حديثة للحماية والمراقبة والتبريد، وتجهيز أكثر من 500 قطعة أثرية للنقل من المتحف الوطني إلى الأنبار، يبقى افتتاح المتحف معلقاً بسبب تأخر الموافقات الرسمية المتعلقة بنقل القطع الأثرية.
وقال مدير مفتشية آثار الأنبار، عمار علي حمادي، لوكالة شفق نيوز، إن "متحف الأنبار الحضاري تعرض للتدمير والتخريب إبان الهجمة الإرهابية التي نفذتها عصابات داعش عام 2014، حيث طال المتحف دمار تجاوزت نسبته 50% نتيجة العمليات العسكرية في المحافظة".
وأوضح حمادي أن "الهيئة العامة للآثار، عبر مفتشية آثار الأنبار، بادرت بعد تحرير المحافظة إلى تنظيف المتحف وإزالة الركام، وفي عام 2021، تمت مفاتحة حكومة الأنبار المحلية بشأن ترميم المتحف، وتمت الموافقة على المشروع على مراحل".
وأضاف، أن "المرحلة الأولى من الترميم جرت عام 2020، واستكملت المرحلة الثانية عام 2022، وتضمنت أعمال إصلاح البناء، بالإضافة إلى تحديث منظومات البنى التحتية من تمديدات صحية وكهربائية، فضلاً عن تجهيز المتحف بمنظومات حديثة مثل كاميرات المراقبة، منظومات إطفاء الحرائق، ومنظومات التبريد والتدفئة المركزية، ليكون البناء جاهزاً لاستقبال القطع الأثرية".
وأشار حمادي إلى أن "المتحف يحتوي على أكثر من 500 قطعة أثرية تخص محافظة الأنبار، بالإضافة إلى قطع تمثل أدواراً حضارية مشتركة مع محافظات أخرى".
وتابع "تم استحصال الموافقات الرسمية من قبل وزارة الثقافة، ممثلة بوزير الثقافة، لإعادة هذه القطع الأثرية من المتحف الوطني إلى متحف الأنبار الحضاري".
وأكد أنه "في نهاية عام 2024، اكتملت الإجراءات اللوجستية اللازمة لتجهيز القطع للنقل، حيث تم وضعها في أكثر من 20 صندوقاً حديدياً تمهيداً لنقلها"، مبيناً أن "جميع الترتيبات النهائية جاهزة، بما في ذلك تأمين المتحف، وتجهيزه بكافة المستلزمات التقنية والإدارية".
وحول التحديات التي تواجه افتتاح المتحف، أوضح حمادي أن "التحدي الأبرز هو استحصال الموافقات النهائية المتعلقة بنقل القطع الأثرية".
وأردف، أن "محافظة الأنبار أبدت استعدادها الكامل للمشاركة في تأمين المتحف والمساهمة الفاعلة في تنظيم عملية الافتتاح، بالتعاون مع مديرية تربية الأنبار وجامعة الأنبار".
ولفت مدير مفتشية آثار الأنبار، إلى أنه "نحن الآن بانتظار الموافقات الرسمية لإطلاق المتحف كصرح ثقافي في المحافظة، ليكون وجهة للزوار وطلبة الجامعات والمدارس، يعرّف الأجيال على تاريخ وهوية الأنبار الحضارية".
والمتحف، الذي تعرض للتدمير خلال سيطرة تنظيم داعش عام 2014 على المحافظة، يُعد صرحاً ثقافياً مهماً يبرز الهوية التاريخية للأنبار، ويمثل محطة هامة للباحثين والزوار وطلبة المدارس والجامعات.
ويعد متحف آثار الأنبار في الرمادي من أهم المتاحف التاريخية في العراق، ويحتوي مئات القطع الأثرية التي تعود حقبتها لآلاف السنين وأكثرها تعود إلى مدينة إيتا التاريخية القريبة من مدينة هيت حاليًا التي يرجع تاريخها إلى سبعة آلاف عام وقطع أخرى تعود لحقب زمنية قديمة من تاريخ الأنبار والعراق عموما، نهبها داعش لتمويل عناصره بالمال والسلاح.
كان المتحف يضم إلى جانب القطع الأثرية الكثير من المخطوطات النفيسة واللوحات الفنية وأواني الفخار والفضة والذهب ومشاهد آثارية لدولة بني العباس التي كانت عاصمتها محافظة الأنبار.
من جانبه، أكد المؤرخ سعد الآلوسي على "أهمية متحف الأنبار الحضاري كصرح ثقافي يعكس تاريخ محافظة الأنبار وهويتها الحضارية".
وقال الآلوسي لوكالة شفق نيوز، إن "متحف الأنبار الحضاري ليس مجرد مكان لعرض القطع الأثرية، بل هو ذاكرة تاريخية تسجل تطور الحضارات التي مرت على هذه المنطقة، من العصور القديمة وحتى الفترات الإسلامية".
وأشار إلى أن "محافظة الأنبار تزخر بمواقع أثرية وتراثية تعود إلى آلاف السنين، بدءاً من العصور السومرية والبابلية، وصولاً إلى العصر الإسلامي"، مضيفاً أن "هذه القطع الأثرية الموجودة في المتحف تمثل شاهداً حياً على الإسهامات الحضارية للأنبار، سواء من خلال عمارتها، تجارتها، أو دورها الثقافي".
وأوضح الآلوسي أن "افتتاح المتحف سيعزز من وعي الأجيال الجديدة بأهمية الحفاظ على التراث الوطني"، مبينا أن "المتحف سيصبح مركزاً تعليمياً لطلبة المدارس والجامعات، ومقصداً للباحثين والزوار الراغبين في التعرف على تاريخ الأنبار، ما يساهم في تعزيز ارتباطهم بهويتهم الثقافية".
ودعا الآلوسي إلى "دعم جهود افتتاح المتحف وتوفير الحماية اللازمة له، كما أن الحفاظ على المتحف هو واجب وطني يُسهم في إبراز الوجه الثقافي والحضاري للمحافظة أمام العالم".