شفق نيوز/ كثيرة هي الطيور المهاجرة التي تصل إلى العراق قاطعة مسافات بآلاف الكيلومترات لغرض وضع أعشاشها في البيئة العراقية الملائمة لها، لكن شِباك الصيادين لها بالمرصاد ليتحول الطائر إلى حبيس القفص وتحت رحمة مواطن ليحرره من سجنه مقابل ألف دينار.
فما أن تدخل شارع الجمهورية وسط كركوك حتى تسمع أصوات طيور الزرزور وهي بيد الأطفال يعرضون بضاعتهم باحثين عن من يطلق حريتهم مقابل ألف دينار.
الحرية مقابل ألف دينار
ويقف عبدالله حسن (19 عاماً) ممسكاً بيديه الاثنتين طائر الزرزور الأسود الجميل ويعرضه أمام السابلة لبيعه، يقول إن "طائر الزرزور يعتبر واحداً من الطيور المهاجرة التي تصل إلى كركوك في شهر كانون الأول من كل عام وخلال هذه الفترة لا يتم اصطيادها لغرض اعطائها فرصة الاستقرار، ومن بعدها يبدأ الصيد وبمواقع دائماً ما تكون في المناطق الريفية والخالية من السكان، لكن فيها مزارع وبساتين، حيث يقوم الصياد بتحضير الشبكات التي نضعها على مسافات متفرقة، وقبلها يتم نثر الحبوب مثل الحنطة والشعير لتأتي الطيور لتناول الطعام ومن ثم يتم صيدها".
ويضيف حسن لوكالة شفق نيوز "اتسلم من البائع الرئيسي بحدود 100 طائر يومياً، واضعها في قفص وأبدأ يومي في أسواق كركوك الرئيسية لبيع الطائر الواحد منها بألف دينار، والبيع يختلف من يوم لآخر، وأحياناً يأتي شخص ويطلب إطلاق سراح جميع الطيور الموجودة في القفص، وهذه تكررت آخر مرة في يوم الاثنين الماضي، حيث بعت 100 طائر كانت في القفص دفعة واحدة لرجل طلب إطلاق سراحها جميعاً واعطاني مبلغها كاملاً".
ويتابع حسن أن "أغلب من يشتري هذا الطائر يطلق سراحه، لكن هناك من يحوله إلى وجبة طعام، حيث طلب مني شخص في يوم ما بحدود 10 طيور من الزرزور وطلب مني ذبحها وتنظيفها مقابل مبلغ مالي بزيادة ألفي دينار".
طائر الزرزور
وطائر الزرزور، هو طائر يهاجر خلال فصل الشتاء ويحط الرحال عادة في المناطق الشمالية وغيرها من المحافظات، إلا أن هذا الطائر يقع فريسة سهلة لاصطياده بأعداد تصل إلى الآلاف.
وطائر الزرزور هو من طيور الصغيرة إلى متوسطة الحجم. ولها عدة أنواع أوروبية وآسيوية، دخلت لأمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا. وتتمتع الزرازير بقوة في القدمين، وتستطيع الهروب، كما أنها اجتماعية وتهاجر على شكل أسراب.
وتتميز طيور الزرزور بخفتها وبراعتها في الطيران، وهي ذكية وتملك قدرة ومهارة عالية في تسلق الأشجار، لكنها تسير على الأرض ببطء، وتتغذى على ديدان الأرض والحشرات ويرقاتها والرخويات واللافقاريات الصغيرة، بالإضافة إلى الثمار العنبية.
وتبني طيور الزرازير أعشاشها من الأعشاب والقش. وفي العادة تتكون الحضنة على 4-6 بيوض تقريباً تتميز بلونها الأزرق الزاهي، وتتميز الفراخ بلونها البني المغبر الخالي من البريق المعدني عند مغادرة العش، ولا تكتسب لونها المعتاد إلا بعد حدوث أول انسلاخ خريفي.
شِباك وفخاخ
يقول خلف العبيدي (28 عاماً)، وهو أحد صائدي طيور الزرزور، إن "الطائر يوفر فرصة عمل لمن لا عمل له، وهي مهنة موسمية ونخرج منذ ساعات الفجر الأولى في مناطق ناحية الرشاد وأطراف ناحية العباسي (50 كم جنوب غربي كركوك)، حيث يتم اصطياد مجموعة من طيور الزرزور".
ويوضح العبيدي لوكالة شفق نيوز، أن "العمل يبدأ من خلال نصب شبكة مصنوعة من الخيوط بمواقع مختلفة، حيث نقوم بوضعها تحت التراب، ثم نرش الحبوب أسفل الشِباك لتأتي الطيور على هذه الحبوب لتناول الطعام، وعندما تهبط على شكل أسراب وبأعداد تصل إلى 4 آلاف طير، يتم سحب الحبل لاصطياد هذه الطيور بأعداد تصل إلى ألف طائر في كل موقع من مواقع الصيد، وبعدها يتم جميع الطيور ووضعها في الأقفاص".
ويبين العبيدي، أن "الصيد يكون مرة إلى مرتين من كل أسبوع، وفي كل وجبة يتم صيد بحدود 500 إلى 1000 طائر، وأحياناً 2000 طائر، لذلك يعتبر موسم الشتاء أفضل المواسم لصيد الزرور، وفي هذا العام هناك ارتفاع في أعداد الطيور وخاصة في أطراف كركوك".
صيد جائر
من جهته، يقول مدير بيئة كركوك، علي عز الدين خورشيد، إن "الصيد الجائر لهذه الطيور يعتبر أمر مرفوض وخطر على البيئة وتنوعها، وأن هذه الطيور الصغيرة المهاجرة تجد أجواء العراق هي الأكثر ملائمة لها، لذلك تقطع مسافات طويلة لتدخل بأعداد كبيرة إلى البلاد لغرض وضع أعشاشها في هذه البيئة".
ويؤكد خورشيد لوكالة شفق نيوز، أن "الصيد الجائر على هذه الطيور ووضعها في أقفاص صغيرة لتعيش ظروفاً قاسية هو أمر مرفوض، كون هذه الطيور جزء من تنوع البيئية".