آخر الأخبار

لاستبعاد النظام القبلي.. انتخابات بلدية باقتراع مباشر في مقديشو

شارك

مقديشو – توجّه الناخبون في العاصمة الصومالية مقديشو صباح اليوم الخميس إلى مراكز الاقترع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات المجالس المحلية لمديريات العاصمة، والتي تجرى عبر الإقتراع المباشر لأول مرة منذ نحو 57 عاما.

وأعلنت "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود" أن انتخابات المجالس المحلية ستجرى في 16 مديرية بإقليم بنادر، وهو ذاته النطاق الجغرافي للعاصمة مقديشو. وسيدلي الناخبون بأصواتهم في 523 مركز اقتراع تتوزع بجميع أنحاء العاصمة.

ويبلغ عدد الناخبين المسجلين، حسب اللجنة، نحو 919 ألفا، في حين تسلّم بطاقة الاقتراع قرابة 504 آلاف ناخب.

واستمر تسجيل الناخبين في الفترة ما بين 15 أبريل/نيسان و30 سبتمير/أيلول 2025، في حين جرت حملة تسلّم بطاقات الاقتراع ما بين 15 نوفمبر/تشرين الثاني و23 ديسمبر/كانون الأول 2025.

مصدر الصورة الصومالي السبعيني أحمد يستعد للاقتراع في مركز مديرية "هدن" بمقديشو (الجزيرة)

"حلمٌ تحقق"

وفي الساعات الأولى للانتخابات، بدا الإقبال على الإقتراع متوسطا، مع ازدياد مضطرد في أعداد الأشخاص الذين يصلون مشيا على الأقدام للإدلاء بأصواتهم في مديرية "هدن" وسط العاصمة.

ومن هؤلاء صفية (45 عاما) التي قالت للجزيرة نت "أعيش لحظات تاريخية، وأختار عبر صناديق الاقتراع من يمثلني سياسيا للمرة الأولى، إنه حلم تحقق".

أما أحمد (75 عاما) فوصف للجزيرة نت يوم الاقتراع بأنه "يوم رائع، عرس ديمقراطي طالما انتظره سكان مقديشو، أخيرا تمكنا من التصويت المباشر".

ويتذكّر أحمد آخر انتخابات جرت في مقديشو عام 1969 قائلا "لكنني لم أصوت فيها واليوم أدلي بصوت ولم أكن أتخيل أن مثل هذه الفرصة ستأتي مرة أخرى في حياتي".

ويتنافس 1604 مرشحين على 390 مقعدا هي عدد أعضاء مجالس المديريات المحلية في العاصمة، ويمثل المرشحون 20 منظمة سياسية من أصل 61 مسجلة لدى لجنة الانتخابات.

إعلان

ويعمل 5 آلاف موظف في تسيير العملية الانتخابية، وفق اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. وقد تم تعليق الدراسة ووقف حركة الطيران في مطار مقديشو الدولي بحسب تعليمات صادرة عن وزارة التعليم وهيئة الطيران المدني. ويقوم 10 آلاف شرطي بتأمين الانتخابات وفرض الحظر على تحركات مركبات النقل العام.

وتسعى السلطات في الصومال للانتقال إلى نظام اقتراع عام مباشر، وإنهاء آلية التصويت غير المباشر القائمة على الانتماءات القبلية، والتي تم العمل بها منذ عام 1969.

مصدر الصورة صورة من استعدادات الشرطة لتأمين الانتخابات في مقر اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بمديرية وابري في مقديشو (الجزيرة)

شهادة

وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في خطاب مسجّل تم بثه عشية هذا الاستحقاق، إن إجراء الانتخابات "شهادة على تحسن الوضع الأمني في العاصمة"، ودعا الأجهزة الأمنية إلى تعزيز الأمن وتيسير العملية الانتخابية.

وشدد الرئيس، في خطابه الموجّه إلى سكان العاصمة ونشر على حساب القصر الرئاسي في موقع فيسبوك، على أن هذه الانتخابات "حلم طويل الأمد سيتحوّل إلى حقيقة بعد ساعات، هذا حلم تاريخي له تأثير بالغ الأهمية على مستقبل الدولة الصومالية والتحول الديمقراطي".

وأضاف أنه منذ توليه السلطة وجّه كافة الجهود إلى إجراء انتخابات "شخص واحد.. صوت واحد" (انتخابات مباشرة) وتجاوز الصفقات السياسية والمحاصصة التي كانت تحكم نظام الانتخابات في البلاد، داعيا المواطنين إلى التصويت والمشاركة الفعالة وحفظ النظام.

مقاطعة المعارضة

وقبل انطلاق الاقتراع، أعلنت "منصة الإنقاذ الصومالية" (منتدى المعارضة) مقاطعتها الانتخابات المحلية لمديريات العاصمة مقديشو، وهددت بعدم الاعتراف بالنتائج النهائية، داعية الناخبين إلى عدم المشاركة فيها، وفق مؤتمر صحفي عقدته أمس الأربعاء في مقديشو حول الانتخابات.

وحسب الإعلامي الصومالي أحمد جيسود، الذي تحدث للجزيرة نت، فإن قيادات المعارضة تعتقد أن أسلوب تنظيم الانتخابات وآلية اختيار المندوبين لا يعكسان تمثيلا عادلا لجميع الأطراف، وأن من شأن المقاطعة أن تؤدي إلى تراجع الثقة في الإدارة المحلية حيث تسود مخاوف من عدم شفافية العملية الانتخابية.

وتشعر المعارضة بالتهميش السياسي وأنها لم تأخذ أدوارا فاعلة في مرحلة الإعداد للانتخابات، في حين تبدي القوى المشاركة تخوفا من أن تتأثر شريحة من المواطنين بتوجهات المعارضة وتحجم عن المشاركة، وفق جيسود.

ومن ناحية أخرى، يرى أحمد جيسود أن هذه الانتخابات تمنح سكان العاصمة فرصة اختيار ممثليهم بصورة مباشرة، مما يعزز دورهم في المشاركة في صنع القرار، "وهي ركيزة لبناء حكم محلي ديمقراطي".

مصدر الصورة طابور من الناخبين أمام مركز اقتراع مديرية هدن بمدينة مقديشو (الجزيرة)

تجربة وليدة

تشكل الانتخايات المحلية الأولى من نوعها منذ أكثر من نصف قرن، تحوّلا مهما من نظام التصويت غير المباشر، ويرى مراقبون فيها سابقة تمكّن الصومال من إجراء انتخابات مباشرة رغم التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تحاصر مسار التحول الديمقراطي في البلاد.

ويقول الباحث في "مركز الأجندة العامة الصومالية" إبراهيم جبريل للجزيرة نت إن الحدث "مفصلي" في المشهد السياسي الصومالي، ويواجه تحديات عديدة من بينها إشكاليات الشرعية والتوافق السياسي والعقبات الفنية والإجرائية، إضافة إلى الحاجة إلى رفع مستوى الوعي العام.

إعلان

ويتابع جبريل أن الإطار القانوني لهذه الانتخابات لا يزال محل خلاف من قبل ولايتين عضوتين في النظام الفدرالي، هما بونتلاند التي لم توقع أصلا على اتفاق الانتخابات ولا على العمليات اللاحقة، وجوبلاند التي انسحبت من المسار في أكتوبر/تشرين الأول 2024.

مصدر الصورة أكثر من 900 ألف مواطن سجلوا في انتخاب المجالس المحلية الصومالية (الجزيرة)

وعارض سياسيون بارزون التعديلات الدستورية في مارس/آذار 2024 التي أفضت إلى التشريعات الناظمة للعملية الانتخابية.

ويقول الباحث جبريل إن شبهات كثيرة أُثيرت حول غموض مصادر تمويل لجنة الانتخابات وضعف الشفافية وقدرات البنية الرقمية التي تعتمدها اللجنة. ويخلص إلى أن الكثير من القضايا ستظل تثير التساؤلات حول مصداقية ونتائج الانتخابات المحلية.

وتُعد انتخابات مديريات العاصمة مقديشو أقرب إلى تجربة تمهيدية منها إلى تطبيق مثالي كامل للاقتراع العام الشامل. وستُظهر النتائج مدى جاهزية البلاد لإجراء انتخابات مباشرة وفق مبدأ "شخص واحد.. صوت واحد"، كما أنها ستؤثر على الحوار بين الرئيس حسن شيخ محمود وقوى المعارضة، وفق إبراهيم جبريل.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا