في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
حذر مقال في صحيفة واشنطن بوست من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنحرف عن مسار مكافحة الإرهاب التقليدي وملفات ثانوية، مستبدلة بالتهديدات الوجودية خصوما سياسيين وأيديولوجيين.
ويرى ماكس بوت، محلل الشؤون السياسية والدولية، في مقاله أن إدارة ترامب تُخطئ في تشخيص أولويات الأمن القومي الأميركي، إذ تُعيد توجيه موارد محدودة نحو ما يسميها "تهديدات زائفة" -مثل عصابات المخدرات، ونظام الحكم في فنزويلا، وجماعات يسارية داخلية- على حساب الخطر الإرهابي الحقيقي المتمثل في التنظيمات الجهادية العابرة للحدود، وعلى رأسها تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة.
ويُحمّل بوت الإدارة الأميركية مسؤولية إضعاف أدوات مكافحة الإرهاب من خلال جملة سياسات، أبرزها تحويل موارد وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي نحو إنفاذ قوانين الهجرة بدل ملاحقة الشبكات الإرهابية، وتقليص جهود مكافحة التطرف والتضليل عبر الإنترنت، والضغط على منصات التواصل لتخفيف الإشراف على المحتوى، وهو ما يمنح التنظيمات المتطرفة مساحة أوسع للتجنيد والدعاية.
تحويل موارد وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي نحو إنفاذ قوانين الهجرة بدل ملاحقة الشبكات الإرهابية، وتقليص جهود مكافحة التطرف والتضليل عبر الإنترنت، والضغط على منصات التواصل لتخفيف الإشراف على المحتوى، كل هذا يمنح التنظيمات المتطرفة مساحة أوسع للتجنيد والدعاية.
وكانت إدارة ترامب قد كشفت عن إستراتيجية جديدة للأمن القومي الأميركي نشرتها في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت فيها أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سيركز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.
وتعهّدت الإستراتيجية الجديدة -التي عكفت الإدارة على إعدادها منذ مدة- بتعديل الحضور العسكري العالمي الأميركي "للتعامل مع التهديدات العاجلة لجزئنا من الكرة الأرضية والابتعاد عن الميادين التي تراجعت أهميتها النسبية للأمن القومي الأميركي خلال السنوات أو العقود الأخيرة"، وفق ما جاء في الوثيقة.
ويشير ماكس بوت في مقاله بصحيفة واشنطن بوست إلى سلسلة من الهجمات الدامية التي نفذها مرتكبوها في أستراليا والولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط ، أو استلهموها من تنظيم الدولة في الأشهر الأخيرة، بما يؤكد أن التنظيم، رغم خسارته دولة الخلافة التي سعى إلى تأسيسها في العراق وسوريا ، لا يزال قادرا على تجنيد مقاتلين جدد والتخطيط وشن هجمات، خصوصا عبر الفضاء الرقمي.
كما يلفت إلى توسع الشبكات الجهادية عالميا، محذرا من أن عدد الجماعات السلفية الجهادية المصنفة ازداد بشكل كبير منذ هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001.
وينتقد الكاتب محاولات إغلاق مؤسسات إعلامية دولية تمثل أدوات أساسية في مواجهة الدعاية الجهادية، إضافة إلى التخفيضات الحادة في المساعدات الخارجية التي تُضعف قدرات الحلفاء، ولا سيما في مناطق هشة مثل سوريا ، حيث قد يؤدي انهيار معسكرات احتجاز مقاتلي الدولة الإسلامية إلى إعادة إنتاج التهديد على نطاق أوسع.
ولا يتوقف المحلل السياسي في نقده عند السياسات فقط، بل يمتد إلى أسلوب الإدارة في التعامل مع الحلفاء، وما يصفه بازدراء يضر بالتعاون الاستخباراتي الدولي، فضلا عن تعيين مسؤولين يفتقرون إلى الخبرة في مواقع حساسة لمكافحة الإرهاب.
ويخلص المقال إلى أن الانشغال بتهديدات أيديولوجية مصطنعة لا يبدد الموارد فحسب، بل يترك الولايات المتحدة أكثر عرضة للخطر الحقيقي، محذرا من أن تجاهل طبيعة التهديد الجهادي المتغير قد تكون كلفته باهظة على الأمن الأميركي والدولي.
المصدر:
الجزيرة