في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يقول مسؤول سابق في جهاز المخابرات التركي إن طبيعة التنافس العالمي قد انتقلت إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيدا، حيث لم يعد التفوق العسكري التقليدي كافيا لتحقيق الهيمنة، فالنصر في هذا العصر لم يعد يُقاس بالقدرة على السيطرة على الأرض، بل بالقدرة على إدارة الشبكات بكفاءة.
وتناول الكاتب والمسؤول السابق في جهاز المخابرات التركي غورسل توكماك أوغلو في مقال نشرته صحيفة "إندبندنت التركية" التحول الذي طرأ على طبيعة التنافس العالمي بين القوى العظمى، مثل روسيا والصين وأميركا، من الهيمنة العسكرية التقليدية إلى إستراتيجية جديدة عبر الهيمنة المركزة على إدارة الشبكات الرقمية.
ويوضح توكماك أوغلو أن القرن الـ21 يشهد تحولا جذريا في مفهوم القوة والنفوذ الدولي. فبدلا من السيطرة على الأرض، أصبح المطلوب السيطرة على "الشبكات": شبكات المعلومات، الاتصالات، الأقمار الصناعية، الذكاء الاصطناعي ، والبنى التحتية الرقمية التي تربط العالم ببعضه.
ويصف المقال هذا التحول بأنه "الإستراتيجية الشبكية للهيمنة" مستندا إلى 4 ركائز أساسية: السايبر، الدبلوماسية الشبكية، تطور القوة الصلبة، وحرب الإدراك أو الحرب المعرفية. وفيما يلي بعض الملامح الرئيسية لهذا التحول وفقا للكاتب:
لم يعد الفضاء السيبراني مجرد ميدان لهجمات رقمية، بل أصبح "الجهاز العصبي" الذي يربط كل مجالات المواجهة الحديثة. حرب أوكرانيا بين 2022 و2025 أبرز مثال على ذلك، حيث لعبت أنظمة مثل "ستارلينك"، وشبكات الاستخبارات مفتوحة المصدر، والقيادة عبر الحوسبة السحابية، دورا حاسما في إدارة الحرب. وبدون هذه الشبكات لم يعد ممكنا خوض الحرب التقليدية ولا الحرب الإدراكية.
انتقلت الدبلوماسية من غرف الاجتماعات إلى الفضاء الرقمي الذي يضم ملايين الحسابات.
– الصين توظّف دبلوماسية "ويشات".
– روسيا تدير جيوشا من بوتات تلغرام .
– الولايات المتحدة تنفّذ عمليات الدبلوماسية العامة 2.0 عبر إكس، وديسكورد ، وميتا.
بهذا أصبح التفاوض يتم عبر منصات يشارك فيها ملايين العقد (Nodes)، مما جعل المعركة الدبلوماسية أكثر تشتتا وأشد تأثيرا.
وفقا لكتاب "Connected Soldiers" (الجنود المرتبطون شبكيا)، لم يعد الجندي وحدة مستقلة، بل عقدة داخل شبكة قتالية تشمل الدرونات، الذكاء الاصطناعي، المستشعرات، ونظم القيادة اللحظية.
الأهم هو برنامج "NGAD" الأميركي، الذي يقدّم جيلا سادسا من المقاتلات يعمل مع أسراب من المسيرات تُسمى "الجناح المخلص"(Loyal Wingman) مثل طائرات CCA من شركات General Atomics وAnduril وKratos. هذه المنظومة ستغيّر شكل القوة الجوية بحلول 2030، حين يصبح الذكاء الاصطناعي هو العنصر الذي يتحمّل العبء القتالي الرئيسي.
يبرز المقال دور الحرب الإدراكية، خاصة في النموذج الروسي الذي يعتمد على جيوش ضخمة من البوتات لإرباك الوعي العام.
أمثلة رقمية لروسيا خلال الحرب:
– أكثر من 3,000 حساب بوت على تلغرام.
– إنتاج 316 ألف تعليق اصطناعي في عام واحد.
– أكثر من 3 ملايين تعليق مزيف في أوكرانيا وروسيا ومولدوفا.
الهدف ليس مجرد دعاية، بل شلّ القدرة على اتخاذ القرار، وخلق واقع بديل.
تقدّم روسيا نموذجا خطيرا: جعل الحقيقة نفسها ساحة معركة.
يطرح المقال أن العالم لم يعد ثنائي الأقطاب، بل شبكة ثلاثية تقودها واشنطن وبكين وموسكو وفق إستراتيجيات مختلفة:
– انتشار "جي 5" و "جي 6" الصينية في أكثر من 110 دول.
– سيطرة على بنى اتصالات 70 ميناء وقاعدة.
– شبكة بيدو تغطي 140 دولة.
هذا النفوذ يزيد قدرة بكين على التأثير السياسي والأمني في الدول المرتبطة ببنيتها الرقمية.
– نشر 1,000 فما فوق من طائرة CCA بحلول 2030.
– 12,000 قمر من ستارلينك توفر "حصة قمر صناعي لكل جندي".
– عمليات النفوذ الرقمي عبر منصات التواصل.
رسالة واشنطن: "قد تسيطر الصين على البنية التحتية، لكن الجو والفضاء لا يزالان أميركيين".
بتكلفة لا تتجاوز 1% من الإنفاق العسكري التقليدي، تبني موسكو قدرات تضليل وتأثير واسعة.
مثالا: استهداف الانتخابات في الهند للتأثير على موقفها من الصين، أو حماية الأنظمة الأفريقية عبر جيوش البوتات.
يتوقع المقال تقسيم الإنترنت العالمي إلى 3 شبكات:
– الصين-نت المعتمد على Huawei وBeidou.
– أميركا-نت المعتمد على Starlink وAWS وNGAD.
– روس-نت المعتمد على تلغرام والبوتات.
والدول المحايدة مثل تركيا والهند والسعودية ستبحث عن "استقلال شبكي" دون الانضمام الكامل لأي محور.
ويحذر المقال من أن أول "حرب شبكات" قد بدأت بالفعل دون إعلان رسمي، وقد تشعل شرارة مواجهة كبرى مثل حادثة 2025 بين طائرة CCA الأميركية وبالون صيني تحت البحر.
المصدر:
الجزيرة