It was a privilege to welcome President Ahmad al-Sharaa to the IMF. We discussed the economic transformation Syrians need & deserve—which his government is making possible. I reiterated IMF’s readiness to help including through our existing technical support for key institutions. pic.twitter.com/YVnlDUAJfE
— Kristalina Georgieva (@KGeorgieva) November 9, 2025
لن تقترض سوريا لإعادة إعمار ما عمّه الدمار خلال الحرب، وفق قول الرئيس السوري أحمد الشرع في أكثر من مناسبة الذي حرص على لقاء مسؤولي صندوق النقد والبنك الدوليين أكثر من مرة، كان آخرها الأحد الماضي عندما التقى مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا في مقر الصندوق في واشنطن .
ركزت المناقشات بين الشرع وجورجيفا على أطر التعاون الممكنة بين سوريا والصندوق لتعزيز النمو الاقتصادي ودعم الإصلاح الاقتصادي، ومن بين المواضيع التي طُرحت إصلاح البنك المركزي السوري، وتقديم بيانات اقتصادية موثوق بها، ورفع قدرة الدولة على توليد الإيرادات.
أكدت جورجيفا استعداد الصندوق لتقديم الدعم والمساعدة لسوريا، وقالت في منشور لها على منصة إكس إن المناقشات تناولت التحوّل الاقتصادي الذي تحتاجه سوريا، مؤكدة حرص الصندوق على تقديم المساعدة، بما في ذلك تقديم الدعم الفني للمؤسسات المالية الرئيسية في الدولة السورية.
سوريا تسعى من خلال اللقاء مع مسؤولي الصندوق وكذلك البنك الدولي لتحقيق جملة أهداف:
1) الاعتراف الدولي والانفتاح المالي
فاللقاء مع مؤسسة دولية كبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يمنح شرعية مالية دولية ويُرسل إشارة إلى المجتمع الدولي بأن سوريا جاهزة للعودة إلى النظام المالي العالمي بعد أكثر من عقد من العزلة والعقوبات.
واستقبال الصندوق أو البنك الدولي وفدا من المسؤولين السوريين أو إطلاق برامج مساعدة فنية يُعتبر تقدما مهما لدمشق على المستوى الدولي يعطي مصداقية للنظام الحاكم في سوريا ويشجع المستثمرين لإنجاز مشاريع فيها.
2) الحصول على المساعدة التقنية
هناك فارق جوهري بين القروض المالية والمساعدات الفنية، وسوريا تسعى للثانية أي الدعم في إصلاح النظام الضريبي والأدوات المالية والسياسة النقدية ، من خلال تحديث البنك المركزي السوري، وتطوير الإحصاءات الاقتصادية، وإدارة الدين العام. هذه المساعدات تُقدَّم عادة للدول الأعضاء من دون شروط ولا تدخل في السياسة المالية مثل القروض.
3) تحسين الصورة أمام المانحين
وجود علاقة عمل مع الصندوق يجعل الدول الأخرى والمنظمات (مثل البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي ) أكثر استعدادا للتعاون أو التمويل، لأن الصندوق يُعدّ جهة تقييم مستقلة لمتانة الاقتصاد.
أي إن العلاقة مع الصندوق أداة لتحسين السمعة المالية وليست هدفا للحصول على قروض مباشرة.
إزاء ذلك يقول الدكتور جلال قناص، الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد بجامعة قطر ، إن الدور الحالي للصندوق يتركز على تقديم خدمات غير مالية حيوية لدعم التعافي الاقتصادي وتقوية المؤسسات بما يشمل المساعدة الفنية وبناء القدرات (Capacity Development)، إذ يرسل الصندوق خبراءه لتدريب الكوادر الوطنية وتقوية مؤسسات الدولة في المجالات التالية:
ويضيف قناص، في حديث مع الجزيرة، أن قبول سوريا للدعم الفني من صندوق النقد الدولي لا يترتب عليه التزامات مالية (ديون)، بل التزامات مؤسسية وسياسية لضمان نجاح الدعم واستمراريته، وهذه الالتزامات تختلف جذريا عن شروط القروض الصارمة، وفق قوله.
ويوضح أن أهم هذه الالتزامات تتلخص في ما يلي:
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي العراقي وضاح الطه إن ثمة عضوية للدول في صندوق النقد والبنك الدوليين، ومن ثم فإن تقديم النصح والتوصيات من المؤسسات الدولية أمر طبيعي.
ويضيف الطه -في حديث مع الجزيرة نت- أن التوصيات تكون حادة لبعض الدول وربما تؤثر بشكل واضح على الحياة الاجتماعية والمواطنين لا سيما ذوي الدخل المحدود، لذلك من الصعب أن تدخل سوريا اتفاقا مع الصندوق أو البنك أو تفرض شروطا معينة.
وحسب الطه، فإنه عادة ما تطلب المؤسسات الدولية تحرير أسعار خدمات أو سلع من الدعم، ومن ثم تسعيرها بآلية السوق (العرض والطلب) وهذا ما ذهبت إليه مصر على سبيل المثال في مفاوضاتها مع الصندوق عند عملية الاقتراض مما رفع أسعار الوقود ورفع مستوى التضخم.
ويرى أن دخول سوريا في اتفاقات مع المؤسسات الدولي بحد ذاته نقطة إيجابية، لا سيما أنها تمثل اعترافا دوليا بالنظام المالي السوري كما أنها تمثل رغبة من سوريا في تطوير النظام المالي وتحسين الوضع الاقتصادي.
ويقول الطه: "أتفهم رأي الإدارة السورية الحالية في عدم لجوئها إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية بسبب الشروط التي يمكن أن تفرض عليها وستكون قاسية"، مشيرا إلى أن البديل هو اللجوء إلى الدول العربية بالأخص السعودية والإمارات وقطر والدخول في مشاريع استثمارية وجلب ودائع لدى مصرف سوريا المركزي على غرار ما تم إيداعه في البنك المركزي المصري ونجحت هذه الفكرة في تحسين واقع الاحتياطي للعملات الصعبة في مصر.
من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت الدكتور أنور الشريعان أن الناحية الإيجابية للتعامل مع صندوق النقد أنه سيكون علامة إيجابية على إجراءات السلامة في نقل الأموال من سوريا وإليها، فضلا عن سلامة إصلاحات النظام المالي.
ويقول الشريعان إن سوريا تحتاج في الوقت الحالي إلى إعادة فتح أسواقها واستيراد التكنولوجيا المتطورة لدعم الصناعات لتعزيز قدرتها على الإنتاج والمنافسة، الأمر الذي يتطلب ثقة أكبر لدى المستثمرين بالدولة وقد يكون التعامل مع صندوق النقد مؤشرا إيجابيا في هذا الصدد.
لكنه أشار إلى أن الجانب السلبي في التعرض لصندوق النقد في الدعم غير المالي يتمثل في الحد من قدرة الحكومة والبنك المركزي على التدخل في القطاع المالي خصوصا في فترة تحتاج فيها الدولة إلى إصلاحات، بالإضافة إلى أن الدعم من الصندوق يحاكي في بعض الأحيان السياسة الأميركية في بعض القرارات والأمور، فعلى سبيل المثال قد يفرض على سوريا عدم التعامل مع روسيا وهي دولة فاعلة ومشاركة في الاقتصاد السوري منذ مدة طويلة.
وكان وزير المالية السوري محمد يسر برنية قد أكد الشهر الماضي أن مشاركة بلاده في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عقدت في أكتوبر/تشرين الأول قد أسفرت عن تفاهمات إستراتيجية، تشمل إطلاق برامج مساعدات فنية في الإصلاح المالي والمصرفي والإحصاءات وإدارة الدين.
وأضاف في تصريحات للإعلام أنه تم الاتفاق على إجراء مشاورات حول المادة الرابعة خلال 6 أشهر، قد تؤدي إلى برنامج إصلاحي غير مرتبط بقروض، وتعيين ممثل مقيم للصندوق في دمشق مع إلغاء الإجراءات الأمنية السابقة.
أما مع البنك الدولي، فستستقبل سوريا 6 بعثات فنية في قطاعات الطاقة والمياه والتعليم والصحة والنقل، إلى جانب تمويل منح بقيمة مليار دولار لمشاريع تنموية خلال 3 سنوات، وإعادة تفعيل العلاقات مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) ووكالة ضمان الاستثمار (MIGA)، مع فتح مكتب دائم للبنك في دمشق.
وأشار برنية إلى تقدم في الشراكة مع وزارة الخزانة الأميركية ، ولقاءات مع الصناديق العربية، مشددا على استثمار هذا الزخم لأجندة التنمية الوطنية.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة